اجتماع موسع بعمالة خنيفرة حول ملف مناجم عوام ينتهي بإتاحة الفرصة لإنجاز مشروع استثماري واحتواء الأزمات القائمة وإعادة العمال المطرودين

حصلت “الاتحاد الاشتراكي” على نسخة من محضر الاجتماع الذي جرت أشغاله تحت سقف عمالة خنيفرة، يوم الخميس سادس يوليوز 2017، بخصوص أزمة مناجم عوام التي تشابكت خيوطها بصورة عميقة، وقد تم هذا الاجتماع تحت إشراف عامل إقليم خنيفرة، محمد فطاح، وضم كلا من رئيس دائرة أجلموس، قائد الحمام، المدير الجهوي للثقافة، رئيسة جماعة الحمام، المدير الإقليمي للطاقة والمعادن بالنيابة، المدير الإقليمي للشغل والإدماج المهني، إلى جانب المدير المساعد للشركة المنجمية “تويسيت”، والكاتب المحلي لنقابة عمال شركة تويسيت المنجمية (ا.ع.ش.م) إضافة إلى ممثلي بعض الجمعيات والمجتمع المدني، منها أساسا جمعية أبغور للتنمية وجمعية يورسال للتنمية، ثم ممثلين عن قبيلتي آيت سيدي أحمد وآيت بوطاهر.
ووفق مصادرنا من عين الاجتماع، فقد تم التركيز على قرار الشركة المنجمية “تويسيت” بإنشاء مشروع «منجم ضخم» بمكان قريب من إغرم أوسار اعتبرته بعض الجمعيات «مدينة أثرية»، رغم أن الشركة ظلت تشدد على أن المشروع سيتم خارج أسوار هذه المدينة، وقد تم تقديم الدراسة لدى أحد الأبناك الأوربية قصد الحصول على قرض لتمويل المشروع، بما فيه إنجاز بئر منجمي بمعايير عالمية انطلاقا من احترام سرعة وتيرة الإنتاج وتحسين ظروف العمل داخل الأنفاق الباطنية، ليتم قبول طلب الشركة في أواخر السنة الماضية 2016 من طرف البنك الأوروبي، غير أن بعض الجمعيات قامت بمراسلة السلطات المحلية ومديرية التراث الوطني، للتأكيد على ضرورة التدخل من أجل إفشال محاولة الشركة المنجمية إنشاء المشروع، لما في ذلك من انتهاك للمواقع الأثرية، حسب قولها.
ووفق نص محضر اجتماع العمالة، أبرز عامل الإقليم دواعي اللقاء الذي جاء في سياق سلسلة من الاجتماعات التي من المقرر تنظيمها لاحقا بهدف احتواء الأزمة وتصفية الأجواء على مستوى منطقة مناجم عوام، مع بسط أرضية للتفاهم وتوحيد الرؤى بين كل الأطراف لغاية إتاحة الفرصة لانجاز المشروع الاستثماري المهم الذي تعتزم الشركة المنجمية «تويسيت» إحداثه، والذي من غير المقبول التفريط فيه، مقابل ضمان حقوق العمال المنجميين وتوفير شروط اشتغالهم في ظروف مناسبة، والعمل بشكل جدي على القطع مع الماضي، بروح من التفاؤل والرغبة في النهوض بالمنطقة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، ولم يفت عامل الإقليم الإعراب عن أمله بعدم العودة إلى تداعيات النزاع الاجتماعي الذي عاشته مناجم عوام وكبد الشركة خسائر فادحة وكلف عددا من العمال فقدانهم لعملهم وتوقيف البعض الآخر.
وصلة بذات الموضوع، جاء المحضر بما يفيد أن عامل الإقليم أكد أن أهداف الاجتماع المذكور، العمل الجماعي على تحقيق ما يتطلبه الوضع من إسعافات، ومن ذلك إصلاح ذات البين بين الشركة المنجمية والعمال، وتجاوز التوترات السلبية للنزاع الجماعي الذي عرفته مناجم عوام، وضرورة العمل على إيجاد صيغة مثلى للتمكين من إنجاز المشروع الاستثماري مع احترام وصيانة الإرث التاريخي لمنطقة إغرم أوسار، والعمل بالتالي على توفير مناخ ملائم للاشتغال بالمناجم التابعة للشركة وإيجاد ما يمكن من الحلول لكافة الإشكالات المطروحة، إن على المستوى الاقتصادي، الاجتماعي البيئي أو الثقافي، وبما يضمن توفير أربع سنوات على الأقل من السلم الاجتماعي، وهي الفترة المطلوبة لانجاز المشروع وتشغيله، وفق نص المحضر الذي تتوفر الجريدة على نسخة منه.
وفي ذات الاجتماع، رأى العامل أن إقليم خنيفرة في حاجة ماسة إلى الاستثمار المذكور، والذي تبلغ قيمته المالية 340 مليون درهم، وسيوفر 800 منصب شغل على مدى حوالي 30 سنة، علاوة على المنافع الأخرى التي ستستفيد منها المنطقة، محملا مسؤولي الشركة وجمعيات المجتمع المدني والساكنة المحلية، المسؤولية بهذا الخصوص، ونفس الأمر بالنسبة للنقابات الممثلة للعمال التي عليها القيام بالدور المنوط بها في تأطير العمال والدفاع عن مصالحهم وحقوقهم، دون إغفال مصلحة المنطقة والمصلحة الوطنية، على حد قوله.
وفي ذات الاجتماع، أكد عامل الإقليم، حسب ما ورد في المحضر، أن الشركة المنجمية غير قادرة لوحدها على حل الإشكاليات المطروحة، مشيرا إلى أن كل من المصالح التابعة للدولة، والمجلس الجماعي للحمام، ستعمل في إطار توافقي على الإسهام في النهوض بالمنطقة، علما بوجود برنامج طموح سيتم الانكباب على تفعيله، بدءا من الخدمات والبنى الأساسية، كالطرق والماء الشروب والكهرباء والتعليم والصحة، ما يتعين معه على طرفي النزاع الجماعي، من شركة وعمال، تجاوز ما وصفه ب «أخطاء الماضي»، والحرص على استشراف المستقبل بنظرة إيجابية، مقترحا أربع نقاط أساسية للدراسة والنقاش، وهي كيفية تجاوز مخلفات الأزمة السابقة، طريقة البحث في الشروط والميكانزمات الضامنة لتحقيق المشروع الاستثماري مع صيانة الموروث الثقافي لمنطقة إغرم أوسار، ثم كيفية إنجاز برنامج عمل جماعة الحمام، بتمويل من شركة «تويسيت»، وبتنسيق مع مصالح الجماعة والسلطة المحلية، ودراسة متطلبات إنجاز الاستثمار وتشجيع المستثمرين على العدول عن قرار إلغاء القرض لدى البنك الأوروبي.
ومن جهته، أكد المدير العام المساعد للشركة المنجمية «تويسيت» أنه سيلتزم بطي صفحة الماضي، مشيرا إلى أن دراسة المشروع الاستثماري استغرقت أكثر من 10 سنوات، وشملت الجانب التقني والمالي والبيئي، وتم عرضها على الجهات المختصة التي وافقت عليها، حسب قوله، في حين أبرز أن تمويل المشروع حظي بقبول البنك الأوروبي للتنمية، وهناك مؤشرات من طرف هذه المؤسسة المالية للتراجع عن التمويل في حال عدم توفر الأرضية التي تسمح بانجاز المشروع، ومنها على الخصوص السلم الاجتماعي، ولم يفت المدير العام المساعد الإشارة إلى أن الشركة المنجمية تجتهد من أجل إعادة تشغيل المنجم في أقرب وقت، بعد تسخير الآليات الضرورية لتصريف المياه من آبار الاستغلال، مؤكدا استعداد ذات الشركة لتمويل برنامج عمل جماعة الحمام، بتنسيق مع مصالح الجماعة والسلطة المحلية، والعمل على بلورة مشاريع موازية ونافعة للمنطقة والساكنة، وفي الوقت ذاته أعلن عما يفيد أن الشركة ستعمل على إيقاف جميع المتابعات القضائية ضد العمال المضربين والموقوفين مؤخرا.
وبعد تأكيد رئيسة جماعة الحمام على تثمين الجهود المبذولة من أجل النهوض بجماعة الحمام، اكتفى الكاتب المحلي لنقابة العمال (ا.ع.ش.م) بعدم تعارضه مع تشجيع الاستثمار، وطالب الشركة بمساعدة العمال بمناسبة عيد الأضحى المقبل وإرجاع المطرودين منهم إلى العمل، بينما ركز المدير الإقليمي للطاقة والمعادن على مطالبة النقابة بتحمل مسؤوليتها في تأطير العمال من أجل احترام المساطر القانونية التي تربط العمال برب العمل، في حين صفق مدير الشغل والإدماج المهني لما يشجع الاستثمار في المنطقة، قبل تقدم المدير الجهوي للثقافة بدعوة الجميع إلى ضرورة وضع التراث في خدمة التنمية، وأكد أن الاستثمار ستكون له انعكاسات إيجابية على السكان والمحافظة على المجال الموروث، معربا عن التزامه بتسطير برنامج تستفيد منه الساكنة المحلية، ومن ذلك إنشاء دار للثقافة، قاعة للمسرح وخزانة مكتبية، كما أعرب ممثلو الجمعيات والقبائل الحاضرة عن استعدادهم لوضع إمكانياتهم الاقتراحية رهن الإشارة، مطالبين بإشراكهم في الاتفاقية التي سيتم إبرامها مع وزارة الثقافة، والتمسوا من إدارة الشركة مدهم ببعض التجهيزات الرياضية.
وعاد عامل الإقليم ليشير إلى أن إعادة المضربين إلى العمل ستتم فور صرف المياه من الآبار المنجمية المستغلة، فيما سيتم الاتفاق على جدولة زمنية لذلك عبر مراحل تدريجية، من خلال عملية تنسيق مع إدارة الشركة على المستوى المركزي، مؤكدا على ضرورة إنجاز الاتفاقية الجماعية والقانون الداخلي بين الشركة المنجمية والنقابة المعنية للعمال محليا، في حين لم تفته دعوة مندوب التشغيل والإدماج المهني إلى المشاركة في هذه العملية وتقديم المسودة المتعلقة بذلك في أقرب وقت ممكن.


الكاتب : خنيفرة: أحمد بيضي

  

بتاريخ : 12/07/2017

أخبار مرتبطة

أفادت الجمعية المهنية لشركات الإسمنت بأن مبيعات الإسمنت بلغت أزيد من 3,24 مليون طن عند متم شهر مارس 2024، بانخفاض

*أبرز صندوق النقد الدولي، أول أمس الخميس، أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تشهد تعافيا متفاوتا في ظل ارتفاع مستوى

ينعقد بمدينة طنجة يومي 22 و 23 أبريل الجاري مؤتمر دولي حول «الانتقال الطاقي العادل» بمبادرة من مؤسسة «كارنيغي أندوومنت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *