الإرهاب يضرب فرنسا من جديد

 

بعد الهدوء الذي رافق وصول الرئيس الجديد ايمانييل ماكرون وأغلبيته إلى الحكم في فرنسا في شهر يونيو السابق، فيما يخص التهديد الإرهابي، جاءت عملية «تريب» في الجنوب الغربي التي خلفت 4 قتلى بالإضافة إلى منفذ العملية، لتعلن أن التهديد الإرهابي مازال قائما رغم أن التحالف الدولي تمكن من القضاء على تنظيم داعش في العراق وسوريا الذي تبنى هذا العمل ومنفذه.
وفي انتظار بروز كل المعطيات حول هذه العملية ومرتكبها، فإنها تشكل تحولا في استراتيجية هذه التنظيمات، فبعد أن اقتصرت العمليات في السابق على المدن الكبرى مثل باريس ونيس، فإن التوجه الجديد، إذا تأكد يسير في ضرب المدن الصغيرة مثل ما حدث في نهاية هذا الاسبوع.
مسلح يدعي أنه ينتمي إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» احتجز رهائن داخل «سوبرماركيت» ببلدة تريب الواقعة قرب مدينة كركاسون (جنوب غرب فرنسا)، وقبل ذلك قام بالسطو على سيارة، اصاب السائق بجروح خطيرة وقتل مرافقه.وفي طريقه نحو المركز التجاري، قام في مدينة كاركسون ، بإطلاق النار على أربعة من افراد من قوات التدخل للشرطة كانوا يقومون بعملية الجري، قرب الثكنة التي يرابطون بها، وتمكن من إصابة أحدهما في الكتف .وكانت إصابته غير خطيرة.
بعدها قام بعملية حجز رهائن في أحد الأسواق بمدينة «تريب» و قام بإطلاق النار عدة مرات وقتل ضحيتين في هذا الهجوم، وتمكن باقي الرهائن من الإفلات،واحتجز رهينة واحدة،وقد قام رجل درك ارنو بيلترام بمبادلة هذه الرهينة وسلم نفسه للمسلح الذي أصابه بشكل مميت،وانتهت العملية بالقضاء على منفذها من طرف قوات محاربة الإرهاب.هذه العملية التي خلفت 4 قتلى بدأت من الساعة العاشرة والنصف لتنتهي في الساعة الثانية والنصف.
وخلف سلوك هذا الضابط حملة من التعاطف وردود الفعل الرسمية وغير الرسمية تكريما له وهو الذي بادل نفسه برهينة كي ينقذها.»لقد مات بطلا في الحرب على الإرهاب يقول الرئيس الفرنسي.
رد فعل ايمانويل ماكرون لم يتأخر، والذي كان يشارك في قمة اوربية اثناء وقوع هذا الاعتداء، اعتبر أن بلده تعرض لهجوم «إرهابي إسلاموي» والتزم بأن بلاده سوف تسخر كل الوسائل لمعرفة تحول هذا المهاجم إلى متطرف،وأضاف أن سلطات بلاده تحقق من مدى مصداقية تبني تنظيم داعش لهذا الهجوم.وذلك في اجتماع لخلية الأزمة التي كانت تنعقد بوزارة الداخلية بعد عودته من قمة ببروكسيل
وحسب وزير الداخلية جيرار كلومب، فإن المنفذ فرنسي مزداد بالمغرب ويدعى رضوان لقديم، وانه تحرك بشكل منفرد، وأضاف ان الشخص معروف لدى السلطات بجرائم صغيرة، وبيع المخدرات ولم يكن متطرفا في السابق.
بالنسبة للمدعي العام الفرنسي فرانسوا مولان، فإن الشرطة الفرنسية قامت باعتقال امرأة على صلة بمنفذ الهجوم، مضيفا أن المهاجم كان يخضع لمراقبة أجهزة الاستخبارات بسبب تطرفه، لكن هذه المراقبة لم تكشف عن وجود دلائل على استعداده لتنفيذ عمل إرهابي، أو أنه كان يتأهب للقيام بعمل إرهابي.
وحسب عدة مصادر إعلامية محلية، فإن المسلح طلب من السلطات إطلاق صلاح عبد السلام أحد المتهمين بتدبير هجمات شهدتها باريس في نوفمبر 2015.
رغم القضاء على داعش بسوريا والعراق من خلال الحرب التي قام بها التحالف الدولي بمنطقة الهلال الخصيب، فإن تأثير هذا التنظيم الإرهابي لم ينته بعد. فبعد نهاية تواجده على الميدان، وفي غياب مجال أرضي كما كان يتوفر عليه في السابق، فإن هذا التنظيم يوجد اليوم على مستوى الرقمي وفي شبكة الانترنيت رغم أن العديد من المتتبعين يتوقعون انتقاله إلى افريقيا بعد حصاره بمنطقة الشام، وذلك لوضعية اللاستقرار التي تعيشها العديد من البلدان الافريقية خاصة بفعل حالة الاضطراب التي تعرفها ليبيا على الخصوص والوضعية بمالي التي لم تستقر بعد رغم تواجد قوات فرنسية بهذا البلد.
العملية الأخيرة بفرنسا، تطرح أكثر من تساؤل، هو كيف تمكن تنظيم داعش من الاستمرار وتبني عمليات جديدة رغم القضاء على قواعده بسوريا والعراق؟ وهل فعل داعش هي من كان وراء هذه العملية التي شهدتها فرنسا؟ أم أن هذا التنظيم الإرهابي هو مجرد «ماركة تجارية» يستعملها كل من بادر بشكل فردي من أجل القيام بهذا النوع من العمليات.بمعنى أنه بعد النهاية العملية لداعش في الميدان فإن منفذي عمليات فردية معزولة يقومون بإعلان الانتماء إلى هذا التنظيم الإرهابي.وهو ما يجعل التحقيقات التي تقوم بها السلطات الفرنسية مهمة من أجل فهم هذه الوضعية الجديدة.


الكاتب : باريس : يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 26/03/2018