الاستياء الاجتماعي لا يخمد في إيران

ما زال الاستياء الاجتماعي مستمرا في ايران مع تراجع سعر العملة الوطنية بعد شهرين على موجة الاحتجاجات على الوضع الاقتصادي والسلطة في عشرات المدن.
وتتحدث الصحف الايرانية منذ 15 يوما عن اضرابات متكررة لمئات العمال في اهواز (جنوب غرب) واراك (غرب).
وظهر في تسجيل فيديو وضع على موقع “تلغرام” متظاهرون في مصنع “هبكو” في اراك يرددون ساخرين “العامل الفقير يجب ان يشنق والمفسد الاقتصادي يجب ان يحرر”.
ويلمح الهتاف الى سلسلة من القضايا المدوية لفساد واختلاس اموال او جرائم اقتصادية وقعت في السنوات الاخيرة.
وكانت شركة “هبكو” التي تنتج آليات ثقيلة والمعروفة في ايران، قد خضعت للخصخصة قبل نحو عشر سنوات.
وقد تعثرت نشاطاتها ويطالب موظفوها بالحصول على رواتبهم التي لم تدفع منذ ثمانية اشهر، حسب مطالبهم التي وضعت على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويتظاهر عمال المجموعة الوطنية للصناعات الفولاذية في اهواز حيث يعمل نحو اربعة آلاف شخص، ايضا للحصول على متأخرات رواتبهم والدفاع عن تقاعدهم في مواجهة ادارة جديدة.
تتحدث وسائل الاعلام باستمرار عن تجمعات لعمال يحتجون على عدم تلقيهم اجورهم او تراجع قدراتهم الشرائية.
واثار فيديو الحادثة ضجة كبيرة على الانترنت. وقد سبقت حوادث عدة في الاشهر الاخيرة عمله اليائس.
وكانت عشرات المدن الايرانية شهدت في فترة رأس السنة اضطرابات اودت بحياة 25 شخصا على هامش تظاهرة لم يسمح بها ضد الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسلطة.
واتخذت السلطات الايرانية بعض الاجراءات لتهدئة الوضع.
وقام البرلمان الذي ما زال يدرس الذي ما زال يدرس ميزانية السنة الجديدة التي تبدأ في 20 مارس، بتعديل خطط الحكومة لمساعدة البقات الاجتماعية الاكثر فقرا.
وتقضي صيغة جديدة للنص بزيادة الرواتب بنسب تصل الى 18 بالمئة للموظفين الذي يحصلون على ادنى الاجور اعتبارا من رأس السنة الفارسية.
وحذر علي اصلاني العضو في مجالس العمل الاسلامية وهي شكل من اشكال النقابات الرسمية، في تصريحات نقلتها وكالة الانباء العمالية القريبة من الاوساط النقابية الرسمية، من ان “مجتمع العمال يشعر بخيبة امل”.
قال اصلاني ان “الرقم الذي اعلن عن التضخم هو 9 بالمئة لكن ليس هذا ما يشعر به المجتمع”.
وبينما يضاعف الرئيس حسن روحاني التصريحات المطمئنة عن وضع الاقتصاد، يغذي تراجع سعر الريال الايراني الذي فقد حوالى ربع قيمته في مواجهة الدولار خلال ستة اشهر، التضخم ويثير قلق السكان.
واشارت سيدة من سكان طهران الى ارتفاع سعر الارز المادة الغذائية الاساسية في ايران، بنسبة ستين بالمئة خلال اشهر.
وقال برويز فتاح رئيس لجنة الامام الخميني للمساعدة هيئة الاغاثة الشعبية العامة، ان المساعدات الاجتماعية التي تقدم الى 11 مليون ايراني، اي حوالى 14 بالمئة من السكان، تمت زيادتها بشكل كبير (بنسبة 75 بالمئة لعائلة من خمسة افراد).
ويأتي هذا التوتر الاجتماعي بينما لم يشعر الايرانيون بعد بآثار تعليق جزء من العقوبات الدولية المفروضة على الجمهورية الاسلامية نتيجة ابرام الاتفاق النووي في 2015.
وكما يفترض ان يسمح رفع العقوبات بانعاش اقتصاد مخنوق. لكن في مواجهة التقدم الطفيف للاستثمارات الاجنبية في ايران، تتهم السلطات اوروبا والولايات المتحدة بعدم تنفيذ تعهداتها.
وما زال معدل البطالة مرتفعا جدا. وتفيد الارقام الرسمية الاخيرة انه يبلغ 11,9 بالمئة، ووصل الى 28,4 بالمئة للشباب الذين تتراوح اعمارهم بين 15 و24 عاما.

الرقص ممنوع في يوم المرأة

ومن جهة أخرى، اعلن المدعي العام الايراني محمد جعفر منتظري انه ينوي ملاحقة منظمي حفل نظمته بلدية طهران احتفالا بيوم المرأة الايرانية، بحسب ما افادت وكالة الانباء الطلابية “ايسنا”.
واظهر تسجيل فيديو نشر الثلاثاء وانتشر على نطاق واسع على شبكات التواصل الاجتماعي، فتيات يرقصن امام جمهور مختلط في العاصمة الايرانية، ما اثار انتقادات المحافظين.
وتظهر في الفيديو فتيات يرتدين سراويل الجينز الضيقة في عرض اشبه برقص الباليه على وقع موسيقى اوركسترا تقليدية وكورس يتألف بغالبيته من النساء.
وحضر رئيس بلدية طهران محمد علي نجفي العرض الذي طغى عليه الحضور النسائي بالعباءات السود (التشادور).
واوردت وكالة ايسنا ان المدعي العام الايراني شعر بان الحفل تضمن “افعالا مخلة بالآداب العامة” والتقاليد الاسلامية.
وامر منتظري مدعي عام طهران “بالنظر سريعا في القضية واطلاق اجراءات قضائية بحق المسؤولين”.
وتحرم الشريعة الاسلامية المطبقة في طهران الرقص في العلن. كذلك يحرم على النساء الغناء امام الرجال بدون وجود صوت غنائي ذكوري طاغ.
وسعى نجفي الاربعاء الى احتواء الانتقادات باصداره قرارا يطالب فيه باحترام التقاليد الاسلامية في المناسبات التي تنظمها البلدية.
وقال ايضا انه يحق لاي كان توجيه “انتقادات” لهذا الجانب من الحفل، الا انه لا يجوز التشكيك بالحفل برمته.
وقالت منظمة الحفل فاطمة راكعي، مستشارة رئيس البلدية لشؤون النساء، انها لا تتفهم الانتقادات الموجهة لعرض تظهر فيه فتيات تحت سن التاسعة.
ولا تحتفل ايران رسميا بيوم المرأة العالمي الذي حددته الامم المتحدة في الثامن من مارس.
الا ان الجمهورية الاسلامية تحتفل بيوم المرأة الايرانية في 9 مارس، بالتزامن مع ذكرى مولد فاطمة الزهراء، ابنة النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
سنتان سجنا
لامرأة نزعت حجابها

و ذكر موقع ميزان الالكتروني التابع لوزارة العدل الايرانية ان امراة نزعت حجابها علنا احتجاجا على فرض ارتدائه حكم عليها بالسجن مدة 24 شهرا بينها ثلاثة مع النفاذ.
واضاف ان المدعي العام في طهران عباس جعفري دولت آبادي الذي اعلن الحكم لم يكشف عن هوية المرأة لكنه اكد انه سيستأنف الحكم.
واشار الى ان هذه المرأة “شجعت الفساد الاخلاقي” علنا وانتقد طبيعة الحكم قائلا ان النيابة العامة ستطالب بالسجن لمدة سنتين مع النفاذ.
وتم اعتقال أكثر من ثلاثين ايرانية منذ نهاية ديسمبر بسبب نزع الحجاب علنا في بادرة تحدي للقانون.
وافرجت السلطات عن معظمهن لكنهن يخضعن للمحاكمة.
وينص القانون الساري في إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979 على ضرورة ان تغطي النساء، ايرانيات او اجنبيات وبغض النظر عن ديانتهن، الرأس بحجاب والجسد بملابس فضفاضة نوعا ما.
ومع ذلك، فان هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر خففت من تشددها حول هذه المسالة بشكل ملحوظ منذ نحو عشرين عاما، كما ان اعدادا متزايدة من الايرانيات في طهران وغيرها من المدن الكبرى في البلاد تظهر جزءا من شعرها بشكل واضح.
في بعض مناطق العاصمة، تقود النساء السيارات وحجابهن يتدلى على اكتافهن.
واكد المدعي العام انه يرفض مثل هذا السلوك وأنه أعطى اوامر بتوقيف السيارات التي تقودها نساء يرفضن ارتداء الحجاب حسب الاصول.
واشار الى “تسامح” ممكن تجاه النساء اللواتي يرتدين الحجاب بشكل فضفاض، “لكن يجب العمل بقوة ضد الأشخاص الذين يتعمدون التشكيك في أصول الحجاب” وفقا لموقع ميزان الالكتروني…

التعذيب والانتهاكات
في السجون

و ذكر تقرير للامم المتحدة نشر الإثنين أن معتقلين في إيران تعرضوا على ما يبدو لنهج من التعذيب والانتهاكات ومنها اعمال عنف جنسية، ودان في نفس الوقت حرمان سجناء من العلاج الطبي.
وأكد التقرير “وردت معلومات تلمح إلى نهج من تعريض السجناء لضغوط جسدية أو نفسية لانتزاع اعترافات”.
وأعدت التقرير أسماء جهانغير، التي كانت كبيرة خبراء الأمم المتحدة حول وضع حقوق الانسان في إيران وتوفيت الشهر الماضي عن 66 عاما إثر إصابتها بأزمة قلبية. وسيعرض أمام مجلس حقوق الانسان لمناقشته الأسبوع المقبل.
وتعرب الناشطة الحقوقية الباكستانية الكبيرة، عن القلق العميق إزاء إجراءات القمع الاخيرة للتظاهرات في إيران، حيث قتل أكثر من 20 شخصا واعتقل أكثر من 1000 آخرين في غضون أيام قبيل مطلع العام الحالي.
وقالت إنها “تشعر بالقلق إزاء تقارير تنقل عن أعضاء في السلطة القضائية (قولهم) إن المتظاهرين سينالون أقسى العقوبات” معربة عن القلق إزاء “مصير المعتقلين وظروف اعتقالهم”.
واعربت ايضا عن القلق إزاء الظروف العامة للاعتقالات في إيران.
ورغم عدم السماح لها بزيارة إيران، قالت الخبيرة في الاشهر الاخيرة إنها التقت بستة أشخاص على الاقل ممن فروا من البلاد “ولا يزالون يحملون آثار عمليات تعذيب” تعرضوا لها في السجن.
واشارت أيضا إلى تقرير لمنظمة “الحرية من التعذيب” يتحدث عن حالات عديدة من التعذيب خلال عمليات استجواب المعتقلين، لانتزاع معلومات واعترافات عنهم أو عن عائلاتهم واصدقائهم.
وبحسب التقرير فإن أساليب التعذيب تشمل عمليات اغتصاب وعنف جنسي أخرى والصدمات الكهربائية وبتر الأطراف ، وحضت جهانغير إيران على وقف مثل تلك الممارسات ومحاسبة مرتكبيها.
وقالت إنه يتعين على الحكومة “أن تفكر في استخدام تكنولوجيا حديثة لمراقبة مراكز الاعتقال لمنع … التعذيب”.
وأعربت جهانغير أيضا عن “القلق الكبير (إزاء) نهج منع العلاج الطبي عن بعض الفئات من المعتقلين وخصوصا معتقلي الرأي العام والسجناء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان”.
كما أشارت إلى عدد الحالات التي حصل فيها “تهديد وشيك للحياة” ودعت طهران إلى التحرك بشكل عاجل “للتحقيق في مثل تلك الانتهاكات ومعالجتها والرد عليها”.
وقالت إنها لا تزال قلقة إزاء العدد الكبير المستمر من الاعدامات في إيران وسط تقارير عن 482 عملية اعدام في البلاد في 2017 شملت خمسة مرتكبي جنح من الاحداث.
ورغم انخفاض العدد مقارنة ب530 عملية اعدام في 2016 و969 في 2015، قالت الخبيرة إنها لا تزال “قلقة” مشيرة إلى “استمرار التقارير عن نهج متسق من الانتهاكات الخطيرة لحق الحصول على محاكمة عادلة وعدم تطبيق الاجراءات القانونية”.
وحضت جهانغير إيران أيضا على وقف العقوبات الجسدية مشيرة إلى تقارير عن 50 عقوبة جلد وخمس عقوبات بتر في البلاد السنة الماضية.


بتاريخ : 12/03/2018