البعد الاجتماعي حاضر بقوة في تحويلات مغاربة المهجر

يتجلى البعد الاجتماعي لتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، في تعزيز ارتباطهم الوثيق ببلدهم، وتأكيد تنامي ارتباط الجيل الثاني والثالث بالبلد الأم.
وتتسم الجالية المغربية بالاستثناء والفرادة مقارنة مع غيرها من الجاليات المغاربية، في ما يتعلق بدرجة ارتباطها ببلدها الأم ، وذلك في سياق الدور الذي تقوم به الدولة وجمعيات المجتمع المدني في تمتين علائق الجالية بموطنها الأصلي، والتي تعززت عبر رغبتهم في تحويل أموالهم للمغرب.
ويقدر عدد مغاربة العالم بنحو 4.5 ملايين شخص، تقل أعمار 70 بالمئة منهم عن 45 سنة، ويقيم 80 بالمئة منهم في بلدان أوربا.
وتستأثر فرنسا بأكبر جالية مغربية حيث يقيم فيها 40 بالمئة من المهاجرين المغاربة، وهي أول دولة أوروبية من حيث نسبة التحويلات نحو المغرب.
وحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة ، فإن تحويلات المهاجرين ليست موجهة للاستهلاك والادخار، بل إن هناك توجها نحو الاستثمار، الذي يساهم في خلق فرص عمل داخل مختلف مناطق المغرب.
ويرى العديد من الخبراء أن «الأبناك المغربية وشركات التحويل تقوم بدور كبير في تشجيع المغاربة في الخارج على تحويل أموالهم من خلال تخفيض كلفة التحويل، وتمكينهم من تحويل الأموال عبر الإنترنت، وكذلك وضع خدمات ومنتجات مالية تلبي رغبات الجالية في البلد الأصل».
وتتصدر مجموعة «التجاري وفا بنك» و«البنك المغربي للتجارة الخارجية «و»البنك الشعبي» قائمة الأبناك التي تستأثر بجانب كبير من تحويلات الجالية المغربية في الخارج.
ويأتي قطاع العقار في صدارة القطاعات التي تستقطب استثمارات مغاربة المهجر عبر مختلف المدن والأقاليم المشكلة للجغرافية المغربية، حيث يستأثر بنحو 40 بالمئة منها، يليه القطاع السياحي، في وقت لا تحصل القطاعات الأخرى سوى على نصيب أقل حجما، تبعا لاهتمامات المهاجرين والتخصصات المهنية لبعضهم ، خاصة أبناء الجيل الحالي منهم، حيث نجد أن بعض الشباب المهاجرين يستثمرون في قطاع السياحة ،وخصوصا ما يعرف بـ «السياحة القروية»، والتي تدخل في إطار مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وتشير آخر الدراسات التي أجرتها المنظمة العالمية للتجارة إلى أن تحويلات المغاربة بالخارج تضاهي 3 مرات قيمة المساعدات التي يتلقاها المغرب. وتشكل هذه التحويلات رصيدا مهما من العملة الصعبة، وهي المصدر الأول في المعاملات التجارية المغربية، وذلك من خلال الحفاظ على التوازن المالي، كما تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني.
ويعتبر المتتبعون أن السبب الرئيسي لارتفاع تحويلات المغاربة في الخارج يكمن، بالأساس، في الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في المغرب،
وقال خبراء إن السياسة التشجيعية التي تنهجها الدولة باتجاه الجالية المقيمة في الخارج من خلال وضع معايير خاصة باستثماراتهم، كانت وراء ارتفاع تحويلات المغاربة خلال السنوات الأخيرة.
وتقف مشاريع استثمارية عديدة، في أكثر من جهة، شاهدة على مدى الارتباط الوثيق لغالبية المهاجرين المغاربة بأرض الأجداد، كما هو حال مدن وبلدات متباينة الأحجام بجهة سوس ماسة – على سبيل المثال لا الحصر – والتي تغير مستواها التنموي بنسبة ملحوظة، بفضل خصال الوفاء للتربة التي رأى فيها النور الأجداد والآباء منذ خمسة عقود أو يزيد. أكثر من ذلك، تعرف الفترة الراهنة حركة واعدة لجمعيات مدنية بالخارج، من أجل دعم مبادرات محلية تستهدف النهوض بساكنة المناطق النائية، ماديا ومعنويا، تكميلا للمبادرات الاستثمارية التي أقدم عليها الجيل الأول من المهاجرين.

 

للعام الثاني على التوالي
تراجع» الإرساليات المالية» صوب البلدان النامية

أظهر أحدث تقرير لموجز الهجرة والتنمية الذي صدر مؤخرا أثناء اجتماعات الربيع للبنك الدولي ،أن التحويلات المالية إلى البلدان النامية انخفضت للسنة الثانية على التوالي في 2016، وهو اتجاه لم يُشهد له مثيل منذ ثلاثة عقود.
وتشير تقديرات البنك إلى أن التحويلات المالية المُسجَّلة رسميا إلى البلدان النامية بلغت 429 مليار دولار في 2016 منخفضةً بنسبة 2.4% مقابل 440 مليار دولار في 2015. وانكمشت التحويلات المالية العالمية التي تشتمل على التدفقات إلى البلدان مرتفعة الدخل بنسبة 1.2% إلى 575 مليار دولار في 2016 مقابل 582 مليار دولار في 2015.
وتضرَّرت تدفقات التحويلات المالية إلى جنوب آسيا وآسيا الوسطى من أسعار النفط المنخفضة وضعف النمو الاقتصادي في بلدان مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الروسي، كما أدَّى ضعف النمو في أوروبا إلى انكماش تدفقات التحويلات إلى بلدان شمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء.
وازداد هبوط التحويلات المالية سوءا -عند تقويمها بالدولار الأمريكي- بسبب هبوط قيمة اليورو والجنيه الإسترليني والروبل الروسي مقابل العملة الأمريكية.
ونتيجة لذلك، شهد الكثير من البلدان الكبيرة المتلقية للتحويلات تراجعات حادة في تدفقات التحويلات المالية إليها. فالهند التي احتفظت بمكانتها كأكبر متلق للتحويلات في العالم سجَّلت أكبر تراجع في تدفقات التحويلات إليها، إذ بلغت 62.6 مليار دولار العام الماضي، منخفضةً بنسبة 8.9% مقابل 68.9 مليار دولار في 2015.
وتشير التقديرات إلى انخفاض التحويلات المالية إلى بعض البلدان الرئيسية المتلقية العام الماضي، ومنها بنغلاديش (سالب 11.1%)، ونيجيريا (سالب 10%)، ومصر (سالب 9.5%). وتمثلت الاستثناءات بين البلدان المتلقية الرئيسية في المكسيك والفلبين اللتين شهدتا زيادة تدفقات التحويلات إليهما بنسبة 8.8% و4.9% على الترتيب العام الماضي.
وتعليقا على ذلك، قالت ريتا رامالو القائمة بأعمال مدير وحدة المؤشرات العالمية في البنك الدولي «مازالت التحويلات تشكل مصدرا مهما للدخل لملايين الأسر في البلدان النامية، وإذا استمرت في الانخفاض فسيكون لذلك تأثير خطير على قدرة الأسر على الحصول على خدمات الرعاية الصحية أو التعليم أو التغذية السليمة.»
ومع تحسُّن آفاق الاقتصاد العالمي، من المتوقع أن تنتعش التحويلات المالية إلى البلدان النامية هذا العام، ويُقدَّر أنها ستزيد بنسبة 3.3% إلى 444 مليار دولار في 2017.
وظل متوسط التكلفة العالمية لإرسال 200 دولار ثابتا عند 7.45% في الربع الأول من عام 2017، ولكن هذا أعلى كثيراً من المستوى المستهدف في أهداف التنمية المستدامة وهو 3%. وبلغ متوسط تكلفة التحويلات إلى أفريقيا جنوب الصحراء 9.8%، وظلت أعلى منطقة من حيث تكلفة التحويلات. وأحد المعوِّقات الرئيسية لخفض تكاليف التحويلات هو ما تعمد إليه البنوك الدولية من ممارسات تجنُّب المخاطر حينما تغلق الحسابات المصرفية لشركات تحويل الأموال من أجل مسايرة الأعباء التنظيمية العالية التي تهدف إلى مكافحة غسل الأموال والجرائم المالية. وخلق هذا تحديا جسيما لتقديم وتكاليف خدمات التحويلات المالية إلى بعض المناطق.
وأشار التقرير إلى أن عدة بلدان مرتفعة الدخل تستضيف الكثير من المهاجرين تدرس إمكانية فرض ضرائب على التحويلات المالية الخارجة، في خطوة تهدف في جانب منها إلى زيادة الإيرادات، وفي جانب آخر إلى إثناء المهاجرين الذين لا يحملون وثائق رسمية. كما أنه يصعب فرض ضرائب على التحويلات وقد يؤدي إلى انحراف التدفقات إلى مسارات غير قانونية.
وفي ما يتعلَّق بأزمة الهجرة العالمية، أوضح التقرير أنه بين عامي 2015 و2016 زاد عدد اللاجئين في بلدان الاتحاد الأوروبي الثمانية والعشرين بواقع 273 ألفا ليصل إلى 1.6 مليون. وخلال الفترة نفسها، زاد عدد اللاجئين في العالم 1.4 مليون ليصل إلى 16.5 مليون.
وأومأ المصدر ذاته إلى غياب تعريف رسمي للاتفاقية العالمية للهجرة، وقدَّم تعريفا عمليا «لإطار للحكومات والمنظمات الدولية يتم التفاوض بشأنه دولي للاستفادة من منافع الهجرة، وفي الوقت نفسه التغلُّب على تحدياتها.»داعيا إلى إبرام اتفاقيات إقليمية وثنائية لمعالجة قضية الهجرة من أجل وضع إطار معياري أو ومبادئ توجيهية للحكومات والمنظمات الدولية.
وقال ديليب راثا المؤلف الرئيسي للتقرير ورئيس شراكة المعرفة العالمية بشأن الهجرة والتنمية (KNOMAD) «من المُؤكَّد تقريبا أن الهجرة سوف تزداد في المستقبل بسبب فجوات كبيرة في الدخل، وتفشِّي البطالة في صفوف الشباب، وزيادة أعداد المسنين في العديد من البلدان المتقدمة، وتغيُّر المناخ، وأوضاع الهشاشة والصراع. وفي الوقت الحالي، يتسم هيكل الهجرة العالمية بالتفتُّت وبأنه غير مُحدَّد بوضوح. ويجب على المجتمع الدولي أن يُحدِّد بشكل منهجي تفاصيل الإطار المؤسَّسي الحالي، وأن يُوضِّح مهام المُنظَّمات الرئيسية، ويضع إرشادات معيارية من خلال البناء على الاتفاقيات القائمة التي تتناول مسألة الهجرة.»
كانت أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي المنطقة الوحيدة التي شهدت نموا في التحويلات المالية في عام 2016، ويُقدَّر أنها بلغت 73 مليار دولار مرتفعةً بنسبة 6.9% عن مستواها في 2015، حيث استفاد مرسلو التحويلات من قوة سوق العمل في الولايات المتحدة وأسعار الصرف المواتية. وتشير التقديرات إلى نمو قوي للتحويلات المالية إلى المكسيك والسلفادور وغواتيمالا. وفي عام 2017، من المتوقع أن تزداد التحويلات المالية إلى المنطقة 3.3% إلى 75 مليار دولار.
وانخفضت التحويلات المالية إلى منطقة جنوب آسيا بنسبة 6.4% إلى 110 مليارات دولار في 2016 بسبب هبوط أسعار النفط وتدابير تقييد إنفاق المالية العامة في بلدان مجلس التعاون الخليجي. وفضلا عن تراجع التحويلات إلى الهند وبنغلاديش، شهدت نيبال أيضا انكماشا نسبته 6.7%، بينما سجَّلت باكستان نموا متواضعا قدره 2.8%. ومن المتوقع أن تزداد التحويلات إلى المنطقة بنسبة ضعيفة قدرها 2% إلى 112 مليار دولار في 2017.
وأثَّر التباطؤ الاقتصادي في بلدان مجلس التعاون الخليجي أيضا على التحويلات إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي شهدت تراجعا يُقدَّر بنسبة 4.4% إلى 49 مليار دولار في 2016. وأدى تراجع التحويلات إلى مصر، وهي أكبر متلق للتحويلات المالية في المنطقة، إلى انخفاض التحويلات إلى المنطقة. ومن المتوقَّع أن تزداد التحويلات إلى المنطقة بنسبة 6.1% إلى 52 مليار دولار هذا العام.
وانخفضت تدفقات التحويلات المالية إلى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 6.1% إلى 33 مليار دولار في 2016 بسبب بطء النمو الاقتصادي في البلدان مُرسِلة التحويلات، وتراجع أسعار السلع الأولية، لاسيما النفط – وهو ما أثَّر على البلدان متلقية التحويلات- وانحراف التحويلات عن مسارها إلى القنوات غير الرسمية بسبب القيود على أنظمة أسعار الصرف في بلدان مثل نيجيريا. ومن المتوقع أن تزداد التحويلات إلى المنطقة بنسبة 3.3% إلى 34 مليار دولار في 2017.
تأثَّرت تدفقات التحويلات إلى منطقة أوروبا وآسيا الوسطى بشدة للعام الثالث على التوالي، إذ انكمشت بنسبة 4.6% إلى 38 مليار دولار في 2016. واستمرت أسعار النفط المنخفضة والعقوبات في التأثير على روسيا، وهي بلد متلق للتحويلات ومصدر لإرسالها. وشهدت أوزبكستان انكماش التحويلات المالية إليها بمقدار الثلث تقريبا منذ عام 2013، وتضررت بشدة أيضا التحويلات إلى أذربيجان وتركمانستان وطاجيكستان. وفي عام 2017، من المتوقع أن تزداد التحويلات إلى المنطقة بنسبة 6.6% إلى 41 مليار دولار، وذلك أساسا بفضل تحسُّن معدلات النمو في روسيا وعدة بلدان أوروبية.
وانخفضت التحويلات إلى منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 1.2% في 2016 إلى 126 مليار دولار. وتباينت صورة تدفقات التحويلات إلى البلدان الرئيسية المتلقية، إذ ارتفعت التحويلات إلى الفلبين ما يقرب من 5%، لكن التحويلات إلى إندونيسيا هبطت بنسبة 4.4%. وفي عام 2017، من المتوقع أن تنمو التحويلات إلى المنطقة بنسبة 2.5% إلى 129 مليار دولار.


الكاتب : إعداد : حميد بنواحمان - محمد رامي

  

بتاريخ : 17/06/2017

أخبار مرتبطة

  يهدف لدعم تكييف التكوين والبحث الزراعي المغربي مع تحديات الانتقال الإيكولوجي     وقع المغرب و الاتحاد الأوروبي، أمس

عبرت جمهورية سيراليون، الثلاثاء بالرباط، عن دعمها الكامل للوحدة الترابية للمملكة مؤكدة أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب

إفريقيا لا تعبئ سوى 11.4 مليار دولار سنويا من أصل 580 مليارا تحتاجها للتمويل انعقد أول أمس على هامش الملتقى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *