الجزائر في أول يوم بدون بوتفليقة.. فراغ سياسي ومؤامرات آخر لحظة لإبقاء النظام واعتقالات في صفوف شخصيات نافذة سياسيا واقتصاديا

 

عاشت الجزائر أول أيامها بدون رئيس، بعدما فرضت الأحداث ترجل بوتفليقة عن سدة قصر المرادية الذي استوطنه رسميا لمدة 20 سنة، وكان من أركانه طيلة أزيد من 40 سنة خلت .
بوتفليقة اختار الوقت بدل الضائع لوضع استقالته القسرية فاتحا الباب أمام تطبيق الفصل 102 من دستور الجزائر والذي يعلن بمقتضاه شغور موقع الرئاسة.
وانطلقت أمس أشغال اجتماع المجلس الدستوري بمقر المجلس، لإقرار حالة الشغور الرئاسي بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أول أمس الثلاثاء، واتخاذ الإجراءات القمينة بتولي رئيس مجلس النواب سدة الحكم وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة يعول عليها لإرساء الديموقراطية في البلد المنهك، ماديا واجتماعيا، بفعل ممارسات ما يسميه الجزائريون” العصابة”.
وعرفت الساعات الأخيرة قبيل رحيل بوتفليقة أوقاتا عصيبة، خاصة بعد أن كشف قائد الجيش عن ما أسماه مؤامرة ضد الشعب، وتداولت وسائل الإعلام أن ” اجتماعا ضم السعيد بوتفليقة شقيق رئيس الجمهورية واللواء بشير طرطاق إلى جانب قائد المخابرات السابق الفريق محمد مدين بحضور عناصر من المخابرات الفرنسية قد وضع خطة لإبطال تفعيل المادة 102 من الدستور”.
وحسب المصادر ذاتها فإن هذا الاجتماع الذي انعقد الأربعاء الماضي وضع ما يشبه خارطة طريق هدفها الالتفاف على المطالب الشعبية برحيل رموز النظام الحاكم . وتقوم هذه الخارطة، على حل البرلمان بغرفتيه ثم استقالة رئيس الجمهورية من أجل إحداث فراغ قانوني، ويتم بعدها عرض رئاسة الدولة على الرئيس الأسبق اليامين زروال وتعيين الفريق توفيق مدين مستشارا أمنيا له، “بعده بدأت حرب البيانات والبيانات المضادة الصادرة عن الرئاسة وحديث عن إقالة قائد الجيش من مهامه وخروج الرئيس السابق لمين زروال عبر بيان أكد فيه لقاءه مع قائد المخابرات الملقب ” رب الجزائر ” وأعلن رفضه الانقلاب على شرعية الحراك الشعبي “، وفي حدود الساعة الواحدة بعد الزوال أصدر النائب العام لمجلس قضاء الجزائر أوامر بمنع “مجموعة من الأشخاص” من مغادرة الجزائر، كما قررت النيابة العامة منع كل الطائرات الخاصة من الإقلاع أو الهبوط في المطارات، قبل أن يتم تسريب قائمة لـ12 رجل أعمال المعنيين بالتحقيق والممنوعين من السفر. وفي الساعة الخامسة مساء، انقلبت الأمور رأسا على عقب، بعد أن أعلنت رئاسة الجمهورية في بيان لها عن استقالة الرئيس بوتفليقة قبل نهاية عهدته المحددة في يوم الأحد 28 أبريل. هذا البيان أحدث قلقا وهلعا وسط الجزائريين وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، بمعنى أصح في كل مكان حيث أثارت رئاسة الجمهورية جملة من التساؤلات عن القرارات الجديدة من الناحيتين السياسية والقانونية، كما تراوحت ردود الفعل أيضا حول مدى وجاهتها وكيفية تنفيذها على أرض الواقع. وقبل أن ينتهي الجدل حول القرارات الهامة التي سيصدرها بوتفليقة قبل استقالته، راجت على الفور موجة من الإشاعات التي وصلت إلى حد نشر أنباء كاذبة عن إقالة نائب وزير الدفاع الوطني، الفريق أحمد قايد صالح وتعويضه باللواء سعيد باي، في بيان منسوب عبر الفيسبوك لرئاسة الجمهورية، وهو ما دفع وزارة الدفاع الوطني إلى الرد فورا حيث قالت عبر صفحتها الرسمية على الفيسبوك “إلى جميع المتواجدين بالصفحة، الخبر الذي ينتشر حاليا حول إقالة الفريق أحمد قايد صالح وتعويضه باللواء سعيد باي لا أساس له من الصحة”، كما راج صبيحة أمس، بيان كاذب جديد منسوب إلى المستشار برئاسة الجمهورية، محمد علي بوغازي، وتضمن معلومات خطيرة، سرعان ما كذبها الأخير، وقال إن البيان المزعوم، مزوّر ولا علاقة له به، وإنه اندهش عند السماع بتفاصيله. وإلى حدود أمس سرت شائعات وأخبار مؤكدة عن اعتقال سعيد بوتفليقة ومجموعة من أنصاره بتعليمات قضائية. ونشرت وسائل إعلام نسبة لمصادر قضائية، منع 134 شخصية من السفر خارج البلاد احترازيا. وتضم القائمة حسب ذات المصدر، سياسيين ورجال أعمال ومتهمين سابقين في قضايا شركة النفط، إضافة إلى مدراء مؤسسات إعلامية ومساهمين فيها وولاة وأبنائهم، ونشرت النيابة العامة في وقت سابق بيانا صحفيا عن الشروع في تحقيقات ابتدائية.


الكاتب : محمد الطالبي

  

بتاريخ : 04/04/2019