الجفاف يؤزم أوضاع الفلاحين والدولة تصدر رزمة من التدابير لتخفيف تداعيات الأزمة تتضمن تأجيل ديون صغار المزارعين ودعم الأعلاف وتمويل الأنشطة الزراعية

 

بالإضافة إلى وباء كورونا الذي شل حركة الاقتصاد الوطني، يخيم شبح الجفاف بدوره على ما تبقى من أنشطة اقتصادية في العالم القروي، حيث تتوقع جميع مؤسسات الإحصاء الوطنية تدهور الوضعية الفلاحية للعام الثاني على التوالي، بشكل ينذر بتفاقم أوضاع المزارعين و خاصة الصغار منهم ، وهو ما دفع الحكومة إلى الشروع في وضع تدابير خاصة لمواجهة هذه الظرفية الحرجة، كما بادر البنك المملوك للدولة (القرض الفلاحي) إلى إطلاق سيولة إضافية في اعتماداته لتخفيف انعكاسات الجفاف، سواء عبر جدولة ديون الفلاحين أو عبر إطلاق سيل من التمويلات التي تستهدف زراعات بعينها.
وبحسب المركز المغربي للظرفية فإن القطاع الفلاحي سيسجل تراجعا بنحو 3 في المائة في القيمة المضافة بسبب انحباس الأمطار وعدم انتظام التساقطات في فصل الشتاء. أما بنك المغرب فقد توقع من جهته أن تتراجع القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 2.7 بالمئة، مع تسجيل محصول حبوب لايتعدى 40 مليون قنطار، أي بناقص 12 مليون قنطار مقارنة مع العام الماضي و الذي كان هو الأخر قد هبط إلى 52 مليون قنطار، عوض 98.2 مليون قنطار المسجلة خلال الموسم السابق، وهو ما يعني أن هذا الموسم الجاري سيسجل تراجعا بحوالي 58 مليون قنطار،مقارنة مع موسم 2018- 2019 كما يشكل هذا الرقم تراجعا ب 30% بالمقارنة مع متوسط الإنتاج منذ إطلاق مخطط المغرب الأخضر (75 مليون قنطار).
ويستورد المغرب سنوياً ما بين 60 و75 مليون قنطار من الحبوب من الخارج، تكون النسبة الكبيرة للقمح اللين والصلب ثم الشعير والذرة، وخلال الموسم الفلاحي السابق، استوردت المملكة 64.2 مليون قنطار، وقبله 75.6 مليون قنطار.

حقينة السدود تراجعت من 61 إلى 47 %

تسبب ضعف التساقطات وارتفاع درجات الحرارة بأجزاء واسعة من المملكة في تدهور حقينة السدود بشكل حاد، إذ تسبب شح التساقطات المطرية وعدم انتظامها هذا العام في تراجع ملحوظ للمخزون المائي بمعظم سدود المملكة.
وحسب أخر المعطيات التي حينتها أمس مديرية قطاع الماء التابعة لوزارة التجهيز والنقل واللوجستيك فقد تراجعت الحقينة الاجمالية لكافة السدود الرئيسية بالمملكة، في 26 مارس الجاري إلى 7352 مليون متر مكعب عوض 9599 مليون متر مكعب خلال نفس التاريخ من العام الماضي.
ففي 26 مارس من سنة 2019، التي وصفت بأنها «ضعيفة التساقطات»، كانت نسبة الملء الإجمالية بالسدود تتجاوز 61 في المئة، أما اليوم فلم تعد نسبة الملء هذه تتعدى 47.1 في المئة، بل إنها تدهورت حتى بالمقارنة مع وضعيتها في بداية يناير الماضي حين كانت تناهز ال 50 في المائة.
ويتوفر المغرب حاليا على حوالي 145 سدا كبيرا، و250 سدا صغيرا، وتتفاوت نسبة الملء داخل هذه السدود حسب موقعها الجغرافي، فبينما تعرف بضعة سدود واقعة على الأنهار الكبرى وفي المناطق المطيرة نسبة ملء عالية، كما هو الحال بسد وادي المخازن بالقصر الكبير 96.5%، وسد النخلة بتطوان 100 % وسد شفشاون% 100 تعاني السدود الواقعة في وسط وجنوب المملكة من تراجع ملحوظ في مخزونها المائي كما هو الحال بالنسبة لسد الوحدة بتاونات، وهو أكبر سد في المغرب، والذي تراجعت نسبة ملئه من 66.7% في 26 مارس 2019 إلى 57.5% أمس الخميس، كما تراجعت نسبة ملء سد بين الويدان بإقليم أزيلال من 70.1% في 26 مارس 2019 إلى 36.8 % في 26 مارس 2020، ونفس التدهور عرفه مخزون سد يوسف بن تاشفين الواقع على وادي ماسة حيث هبط معدل ملئه من 70.4 % إلى 40.3 %حاليا.

القرض الفلاحي يضخ 15 مليار سنتيم إضافية ويعيد جدولة ديون المزارعين الصغار

خصصت مجموعة القرض الفلاحي المغرب غلافا ماليا إضافيا بقيمة 1.5 مليار درهم لدعم القطاع الزراعي المتأثر بنقص هطول الأمطار. ويتكون الغلاف المالي من 600 مليون درهم مخصصة لتمويل محاصيل الربيع. عبر برنامج «فلاحة ربيعية» الذي سيخصص لتمويل الزراعات الربيعية (الخضر، الدرة، عباد الشمس، البطيخ، الدلاح، وغيرها)، علاوة على منتوج «الغرس» الذي سيحظى بـ 400 مليون درهم تهم تمويل وصيانة الأشجار المثمرة.
كما خصصت مجموعة القرض الفلاحي 500 مليون درهم لحماية الماشية. ويهدف هذا المنتوج المسمى الكسيبة إلى مساعدة المزارعين على شراء الشعير بسعر 2 دراهم للكيلوغرام الذي وضعته وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات رهن إشارتهم في مختلف أسواق المملكة.
كما قامت المجموعة بضخ 400 مليون درهم لتمويل وصيانة الأشجار المثمرة عبر منتوج «الغرس» الذي يستهدف إلى التخفيف من تأثير نقص الأمطار على أنشطة التشجير وحماية الإنتاج في المستقبل. وبالتالي سيتم منح التمويل لمزارعي الأشجار للاستمرار في ضمان صيانة بساتينهم، وخاصة على مستوى الري، والحصول على الأسمدة، وعلاجات الصحة النباتية، وما إلى ذلك.
من جهة أخرى سيقوم البنك بإعادة جدولة ديون المزارعين وتمديد أجال استحقاقات القروض القصيرة الأمد، لا سيما من خلال اقتراح معالجة تلقائية للملفات لفائدة أصحاب الضيعات الصغيرة. أما باقي الفلاحين فسيتم التعامل مع كل حالة على حدة، وستمنح لهم تسهيلات في الأداء حسب قدرات التسديد. كما سيتم توفير التمويل لاستيراد القمح وأعلاف الحيوانات من قبل الشركات المستوردة. وسيمنح البنك تسهيلات خاصة للعمليات التي تستهدف تموينا إضافيا للسوق الوطنية..

الوزارة الوصية تتولى توزيع 2.5 مليون قنطار
من الأعلاف المدعمة

ولتقليص تداعيات الجفاف، بادرت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات إلى توزيع 2,5 مليون قنطار على مربي الماشية بالمناطق التي تضررت أكثر من غيرها من نقص التساقطات المطرية.
وفيما سيشرع في توزيع أكياس الشعير ابنداء من يوم 27 مارس الجاري، أوضحت الوزارة بأن هذه الخطوة تندرج في إطار توفير العلف لقطيع الماشية، لاسيما بالمناطق التي عرفت قلة التساقطات المطرية برسم الموسم الفلاحي 2019-2020.
وأضافت الوزارة بأن هذا الشعير المدعم والذي تصل كميته إلى 250مليون قنطار، سيوزع طيلة أشهر أبريل وماي ويونيو على أن الوزارة ستوفر إلى جانب ذلك شعيرا مدعما بدرهمبن للكيلوغرام الواحد، فيما ستتكفل الدولة بفارق السعر مقارنة بالأسعار بالسوق.
وفضلا عن ذلك، ستتكفل الوزارة كذلك بصفقات نقل الشعير المدعم من نقط البيع إلى المراكز الرئيسية للأماكن المعزولة، لاسيما أنه تمت تعبئة المصالح الجهوية والمحلية والمؤسسات التابعة للوزارة من أجل تنفيذ هذه المهمة على أكمل وجه.
وفي السياق ذاته لفتت الوزارة إلى أن قلة التساقطات ببعض المناطق أثرت بشكل كبير على الزراعات العلفية.
لكن مقابل ذلك، وبالتزامن مع الظرفية الصعبة بسبب وباء كورونا، طمأنت الوزارة إلى أن الأمور تسير بشكل عاد بالنسبة لإنتاج الخضر والفواكه بالمناطق المسقية، كما أنه لا خوف على تزويد الأسواق لأن العرض يفوق الطلب.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 27/03/2020

أخبار مرتبطة

أفادت الجمعية المهنية لشركات الإسمنت بأن مبيعات الإسمنت بلغت أزيد من 3,24 مليون طن عند متم شهر مارس 2024، بانخفاض

*أبرز صندوق النقد الدولي، أول أمس الخميس، أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تشهد تعافيا متفاوتا في ظل ارتفاع مستوى

تنظم خلال الفترة ما بين 10 و12 ماي المقبل بالصويرة النسخة السابعة للمؤتمر الدولي للأركان، وذلك تحت شعار «شجرة الأركان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *