الراحل عبد الكريم غلاب شخصية موسوعية ورجل فكر وسياسة بامتياز

أجمعت شخصيات حزبية وسياسية وفكرية، أمس الأحد بالرباط، على تفرد وموسوعية شخصية الفقيد عبد الكريم غلاب وعلى تشعب مساره النضالي والفكري، الأمر الذي جعل منه رجل فكر وسياسة بامتياز.
وأبرز الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، في حفل أقيم يوم السبت بمناسبة الذكرى الأربعينية للراحل الذي لبى نداء ربه منتصف شهر غشت المنصرم، أن صاحب «دفنا الماضي» يعد بحق مثقفا ومناضلا ملتزما وعالما متنورا وأكاديميا رصينا خاض عميقا في دروب الثقافة والفكر والحضارة، ليصبح بذلك «الواحد المتعدد والشخصية الفذة التي اجتمع فيها ما تفرق في غيرها».
وأوضح بركة أن الراحل عبد الكريم غلاب، انخرط منذ نعومة أظافره في الدينامية الاجتماعية والسياسية والفكرية، التي كانت تشهدها البلاد، وذلك من منظور الصحفي المتبصر والمناضل المنتصر لمبادئه الوطنية والحضارية.
وأوضح ان افتتاحيات الراحل، كانت تشكل محركا للنقاش الفكري، مترافعا من خلالها على أحقية الشخصية المغربية في الحرية والاستقلال، لافتا إلى أن استقراء مسار الراحل يحيل على أن الصحفي ينبغي له حتما أن تكون له قضية سياسية يدافع عنها، لاسيما في ظل الهيمنة الاستعمارية.
من جانبه، شدد أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، عبد الجليل الحجمري، على أن تنظيم هذا الحفل التأبيني، هو تأكيد على الوفاء لروح هذا المناضل السياسي المؤمن بنضالية الثقافة والفكر والمتفاعل مع السياق العام وطنيا وعربيا ودوليا.
وأضاف أن الإبداع الأدبي للراحل، الذي كان عضوا في أكاديمية المملكة المغربية، حظي بمكانة خاصة، لاسيما في تجلياته المتعلقة بالقصة والرواية وأدب الرحلات، إيمانا منه بدور الكتابة في الإسهام في بناء الوعي الوطني، لافتا إلى أن الراحل كان «نموذجا للمثقف الوطني» الذي لا يفصل الفكر عن الممارسة.
وأبرز أن كتابات الراحل الغزيرة، كانت نابعة من ثقافة موسوعية متحركة تسندها تجربة نضالية وحياتية وإعلامية عميقة، تنهل من خلفيات ثقافية وحضارية شتى، ما جعل منه صاحب مشروع ثقافي نذر له وجدانه وفكره وعقله.
أما المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، فقد أبرز من جانبه، أن الفقيد هو «رجل وطني غيور ومناضل فذ ومثقف لامع وإعلامي ملتزم»، ليصبح بحق شخصية وطنية وتاريخية متعددة الأبعاد والسياقات.
وأوضح أن الراحل فتح عينيه على مدرسة الفكر الوطني بفاس وبها تعلم أبجدية الوطنية الصادقة ومعاداة الاستعمار، مبرزا أنه يعد من بين الطلائع الأولى التي خاضت مسارات نضالية مريرة، وانخرط مبكرا في معركة الحرية من أجل الاستقلال.
ومن جانبه ، أبرز امحمد الخليفة، القيادي في حزب الاستقلال، أن عالم الصحافة أخذ من عمر الراحل أكثر من 55 سنة، مع ما انطوى عليه ذلك من أخطار وعقبات وتهديد ورقابة وسجن، مسجلا أن الراحل كان يؤمن أشد الإيمان بأن الصحافة، هي جزء من عمله السياسي، وأنه يصعب التفريق بين المجالين.
وأضاف أن الراحل راهن على أن للصحافة رسالة هادفة لا تعرف المهادنة أو التواطؤ مهما كانت جاذبية الإغراءات أو قوة التهديد، وأن دخول العصر يتم عبر بوابة العلم والمعرفة، وأن الأخلاق تبقى هي الترياق السحري لاستشراف غد أفضل. إنه رجل متشبع بنضال الفكر والقلم، يخلص القيادي الاستقلالي.
أما شهادة عادل غلاب، نجل الراحل، فقد سلطت الضوء هي الأخرى، على بعض جوانب شخصية غلاب التي تتأرجح بين التأليف والإبداع، وبين منصات النضال السياسي والكفاح الوطني، موضحا أن هاجسه كان على الدوام الارتقاء بالفعل السياسي وتحسيس المواطنين بأهمية التخلص من الاستعمار وتنوير الذات.
وأضاف أن الراحل، كان من دعاة العمل على رفع كل التحديات التي كانت البلاد تمر بها في مراحل متعددة من تاريخها، من خلال الكد والمثابرة ،والاستثمار في الفكر السليم والقويم، والارتقاء بالعمل الإعلامي.
وعلى نفس المنوال، سارت مختلف باقي الشهادات في هذا الحفل التأبيني، الذي حضره ثلة من رجال السياسة والفكر والثقافة، مشددة جميعها على أن الفقيد كان حاضرا في جميع المراحل المصيرية التي مر بها المغرب، تاركا وراءه مسارا سياسيا حافلا، وإرثا فكريا غنيا، جعل منه رجل فكر وقلم بامتياز.
يذكر أن الراحل عبد الكريم غلاب، الذي وافته المنية في 14 غشت الماضي عن عمر ناهز 98 عاما، ترك العديد من الأعمال، من بينها مقالات صحفية، ومقالات رأي، وروايات، ودراسات حول الإسلام، وفي مجالي اللسانيات والفكر عموما.
ومن بين أعمال غلاب «نبذات فكر»، و»في الثقافة والأدب»، و»في الفكر السياسي»، إلى جانب أعمال أدبية ك»دفنا الماضي» و»المعلم علي» و»أخرجها من الجنة».


بتاريخ : 20/11/2017

أخبار مرتبطة

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

جيد أن تبحث عن ملاذات في أقاصي نيوزيلندا، لكن، أن تحاول تشييد حضارة جديدة على جزر عائمة، فذاك أفضل! إنه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *