الصحافة المكتوبة ورمضان ملاحق لتكريس تقليد متجدد يسبح في شعاب المعرفة والقراءة

تستقبل اليوميات الوطنية شهر الصيام ، كل سنة ، بطريقتها الخاصة، من خلال تخصيص ملاحق تشمل مواد ذات طبيعة معرفية وتثقيفية وترفيهية، وذلك في إطار تقليد متجدد دأبت عليه الصحافة المكتوبة من أجل التشجيع على ولوج شعاب المعرفة والقراءة .

 

تستقبل اليوميات الوطنية شهر الصيام ، كل سنة ، بطريقتها الخاصة، من خلال تخصيص ملاحق تشمل مواد ذات طبيعة معرفية وتثقيفية وترفيهية، وذلك في إطار تقليد متجدد دأبت عليه الصحافة المكتوبة من أجل التشجيع على ولوج شعاب المعرفة والقراءة .
واللافت للنظر من خلال تتبع تجربة هذه الملاحق خلال هذه السنة، هو حرص القائمين عليها على اختيار المواد المنشورة بعناية فائقة ، في ضوء رصد واستقراء الاحتياجات المعرفية والتثقيفية للقراء خلال رمضان، حيث يتم تمكينهم من فسحة تحلق بهم إلى مجالات معرفية مغايرة .
ويبقى الهدف المعلن وحتى المضمر من الوفاء لهذا التقليد، هو العمل على الرفع من مبيعات الصحف بشكل يعزز موقع كل منبر في المشهد الإعلامي الوطني.
على أن الأهم في هذه العملية برمتها هو وجود قراء مفترضين للصحف بكثرة خلال رمضان المبارك، وهو ما يشكل فرصة بالنسبة لليوميات الوطنية، لكي تقدم طبقا متنوعا يساهم في شحذ ملكة الفضول المعرفي للقراء .
ومن أجل التعرف أكثر على هذه التجربة ، التي لا تحيد عنها اليوميات كلما حل رمضان ، استقت وكالة المغرب العربي للأنباء ، معطيات خاصة بهذه الملاحق من مسؤولين عن بعض المنابر، والذين أكدوا أن هذه الملاحق تكتسي أهمية بالغة في علاقة الصحافة بالمجتمع ، لأنها تمكن القراء من مواد تختلف تماما عن المواد التي تنشر خلال باقي شهور السنة .
وفي هذا السياق، أبرز عبد الحميد الجماهري مدير التحرير بيومية الاتحاد الاشتراكي، أن اليومية حرصت على الوفاء لهذا التقليد، الذي تم تدشينه في بحر ثمانينيات القرن الماضي، حيث حافظت في ملحقها الرمضاني على التنوع ، الموزع بين التاريخ والسياسة والسيرة الذاتيه والترجمة ، وهي مواضيع تغطي الماضي والحاضر والداخل والخارج .
وأضاف أن الأمر يتعلق بفسحة ذكية يتجاور فيها التشويق بالمعرفة قدر المستطاع، لكن هذه الفسحة تشمل أيضا المتعة ، حيث تم هذه السنة إدراج مواضيع تتعلق بالسياسة والتاريخ والدين ، فضلا عن فسح المجال لأصوات المثقف ورجل السياسة والإبستمولوجي .
وحسب الجماهري ، فإن شهر رمضان يتميز بوجود نزوع نحو القراءة بمنسوب أكبر من المعتاد ، وهو ما يحتم إخراج الجرائد في وقت مبكر للسوق ، لأن ذلك يساهم في وصول المنشور إلى أكبر عدد من الناس .
وأشار إلى أن هذا الرهان حاضر في أذهان مسؤولي اليوميات طيلة السنة ، لكنه يتحقق بقوة الأشياء بضغط من شركات التوزيع خلال رمضان ، وهذا ما يفسر تحقيق نمو في المبيعات خلال هاته الفترة .
واعتبر أن طبيعة المواد المنشورة في رمضان تخلق نوعا من الوفاء بين القارئ وجريدته ، خاصة وأن أغلب المواد المنشورة هي عبارة عن حلقات متسلسلة في الفكر والسياسة ومجالات أخرى .
وفي السياق ذاته ، قال الصحافي سعيد نافع عن يومية ( الأحداث المغربية ) ، إن هذه اليومية ظلت بدورها وفية لهذا التقليد من خلال إطلالتها على قرائها عبر فسحة تجمع بين الإمتاع والنبش في الذاكرة، مع استقراء الأحداث الراهنة من زوايا مختلفة، غير مألوفة ومتجددة.
وتابع أن فسحة رمضان لـ( الأحداث المغربية )، لهذا العام ، تغطي خمس صفحات كاملة، تتوزع بين صفحات معدة لإنتاجات خاصة لطاقم الجريدة، وصفحة تعنى بمواكبة ما يقدمه التلفزيون من إنتاجات جديدة ، تبث على شاشات القنوات المختلفة .
وحسب نافع ، فإن هيئة التحرير ارتأت أيضا أن تنشر هاته السنة مذكرات لمحمد عبد الوهاب الرفيقي ( ابو حفص ) تستجلي أهم المحطات التي دفعته إلى الارتماء في حضن التطرف، ثم الأسباب التي جعلته يدخل غمار مراجعة فكرية ، علاوة على مذكرات مبارك بودرقة العضو السابق في هيئة الإنصاف والمصالحة ، يعود من خلالها إلى العمل السري في خلايا الاتحاد الوطني للقوات الشعبية .
وتابع أن قضية الصحراء المغربية حاضرة في البرمجة الرمضانية للأحداث المغربية، لكن هذه المرة بعيون موريتانية، حيث يتم استجلاء حالة محمد فال القاضي اكاه، الشاب الموريتاني، الذي اعتقد أن انخراطه في الدفاع عن البوليساريو سيشفي غليله الثوري التواق للحرية ، قبل أن يكتشف كيف سقط في فخ آلة جهنمية حولته، بمعية شباب آخرين، إلى عنوان للعبة قذرة في معركة، أدركوا بعد فوات الأوان أنها لم تكن قط معركتهم .
ومن جهته قال الصحافي بوجبهة يونس عن يومية ” آخر ساعة “، إن أول تجربة للملحق الرمضاني لليومية كان في رمضان سنة 2016، وهي التجربة التي تتكرر حاليا خلال رمضان الحالي، مشيرا إلى أن الملحق الرمضاني ، الذي يصدر في أربع صفحات خلال رمضان الحالي ، يتميز بمشاركة مجموعة من الصحفيين المنتمين للجريدة، إضافة إلى مجموعة من المتعاونين المتخصصين الذين يساهمون بمواد انطلاقا من مجالات تخصصاتهم .
وأضاف أن هذا الملحق ، الذي يجمع بين الطرافة والتاريخ والمجتمع والجانب الروحي، ركز في جانب منه على موضوع السجناء السياسيين، من خلال استجلاء مجموعة من الطرائف التي عاشوها.
وحسب بوجبهة ، فقد تم منح الثقافة الأمازيغية مكانة مهمة ضمن الملحق من خلال ” قصاصات أمازيغية ” تستحضر الثقافة والمجتمع الأمازيغيين .
وأشار إلى أن الملحق لم يغفل الجانب الديني والروحاني للمغاربة، فضلا عن مجموعة من المواد التي تعنى بتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي يتبناها الكثير من المغاربة.
لقد شكلت ملاحق اليوميات الوطنية خلال شهر رمضان، إلى جانب تلك التي تخصص لفصل الصيف، تجربة رائدة تمكن القراء من مواد متنوعة ذات عمق معرفي تساهم في الإمتاع والمؤانسة .
وبشكل عام ، فإن تعدد اليوميات واتساع مجالها ، يوفر للقراء مساحات واسعة للاختيار والاطلاع، وهذا هو بيت القصيد في هذه الملاحق وقيمتها المضافة.


الكاتب : إعداد: عبد اللطيف الجعفري

  

بتاريخ : 22/06/2017

أخبار مرتبطة

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

جيد أن تبحث عن ملاذات في أقاصي نيوزيلندا، لكن، أن تحاول تشييد حضارة جديدة على جزر عائمة، فذاك أفضل! إنه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *