الصين تلغي الاحتفالات السنوية و دول العالم تتعامل بحذر مع تطور مرض كورونا المستجد والسفارة المغربية ببكين تتفاعل مع الحدث

بعد تسجيل 26 حالة وفاة وإصابة أكثر من 800 شخص بالفيروس الغامض

 

تعيش العديد من دول العالم حالة تأهب للتعامل مع فيروس كورونا المستجد، الذي تسبب لحد الساعة في تسجيل 26 حالة وفاة وإصابة أكثر من 800 شخص، في الوقت الذي استطاع الفيروس أن ينتقل خارج الحدود الصينية، بعد ظهور حالات إصابة به في كل من الولايات المتحدة الأمريكية، تايلاند، اليابان وغيرها.
فيروس جديد، ظهر في 12 دجنبر 2019 بمنطقة ووهان الصينية، وتحديدا بسوق للمنتوجات البحرية وفواكه البحر، حيث تم اكتشاف مجموعة من الأعراض المرضية على حوالي 27 شخصا، قبل أن يتفاقم الوضع، ويصبح الفيروس حديث العالم، مما دفع منظمة الصحة العالمية إلى تخصيص اجتماعين خاصين طارئين يومي الأربعاء والخميس الأخيرين، قصد اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهته.

 

ارتفع معدل الوفيات بسبب فيروس كورونا المستجد خلال الأسبوع الحالي بشكل قياسي، إذ انتقل من 4 وفيات صبيحة يوم الثلاثاء 21 يناير الجاري إلى حوالي 26 حالة وفاة، وفقا لتقارير إعلامية، في تكرار للمشاهد الدرامية التي كان الفيروس قد تسبب فيها ما بين 2002 و2003 حين فارق الحياة أكثر من 700 شخص في الصين وهونغ كونغ.
فيروس الكورونا الجديد، عاد بحلّة فيروسية جديدة، إذ يعتبر هذا الفيروس المستجد من مجموعة فيروسات الكورونا التي منها فيروس السارس وفيروس كورونا المستجد «MERS COV»، وهو يتطلب بحسب الاختصاصيين وقتا ليس بالهيّن من أجل المراقبة والتتبع من طرف خبراء الصحة، إذ يهاجم هذا الفيروس الذي له صلة بـ «السارس» أيضا، الجهاز التنفسي متسببا في التهابات حادة، وهو أحد الفيروسات الشائعة التي تسبب عدوى الأنف، والجيوب الأنفية، والتهابات الحلق، وفي معظم الحالات لا تكون الإصابة به خطيرة، باستثناء الإصابة بنوعيه المعروفين بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية والالتهاب الرئوي اللانمطي أو ما يعرف بالمتلازمة التنفسية الحادّة الوخيمة، وقد يؤدي إلى تدهور الوضع الصحي للمريض بسبب مضاعفات قد تصل إلى حد التسبب في الوفاة.

قرار الصحة العالمية

أكدت منظمة الصحة العالمية أنه من المبكر جدا اعتبار فيروس كورونا الجديد الذي ظهر في الصين وبدأ ينتشر في العالم «حالة طوارئ صحية عامة على نطاق دولي»،مبرزة في المقابل أنها ستكلف لجنة علمية دولية من اجل ضبط مصدر الفيروس والعوامل التي ساهمت في انتقاله ثم إيجاد لقاح لمواجهته.
وصرّح المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس خلال مؤتمر صحفي في جنيف بالقول «لا يخطئن أحدكم الأمر.. إنها حالة طوارئ في الصين، لكنها ليست بعد حالة طوارئ صحية عالمية.. قد تصبح كذلك». وأضاف أنه لا دليل حتى اليوم على انتقال العدوى من إنسان إلى آخر خارج الصين.
وأعلن غيبريسوس ذلك بعدما راجعت لجنة الطوارئ في منظمة الصحة والمؤلفة من 16 خبيرا مستقلا، أحدث الأدلة ورفعت توصياتها، موضحا «نعلم أن هناك انتقالا للعدوى من إنسان إلى إنسان في الصين، لكن يبدو أن الأمر يقتصر حتى الآن على مجموعات أسرية وعلى العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يعتنون بالمرضى المصابين.. ليس هناك أي دليل على انتقال العدوى من إنسان إلى آخر خارج الصين، لكن هذا لا يعني أن هذا الأمر لن يحدث»، وشدّد المتحدث على أن المنظمة لا توصي بفرض أي قيود على الحدود أو على السفر والتجارة في الوقت الراهن» بسبب تفشي كورونا.
وجدير بالذكر أن منظمة الصحة لا تعلن حالة الطوارئ العالمية إلا في حالات وبائية نادرة تتطلب استجابة دولية حازمة، مثل ما حدث مع إنفلونزا الخنازير «إتش1إن1» سنة 2009، وفيروس «زيكا» عام 2016، وإيبولا الذي اجتاح قسما من غرب أفريقيا بين عامي 2014 و2016 وجمهورية الكونغو الديمقراطية عام 2018.
وكانت المنظمة قد عقدت اجتماعا أوليا يوم الأربعاء 22 يناير 2020، وفقا لما تنص عليه اللوائح الصحية الدولية، للتداول في آخر المستجدات المتعلقة بالصيغة الجديدة لفيروس «الكورونا». وخُصّص الاجتماع من أجل تحديد ما إذا كان مناسبا إعلان «حالة طوارئ صحيّة ذات بعد دولي»، هذا التدبير الذي يتخذ عادة للتصدي للأوبئة الأكثر خطورة.

المغرب وكورونا

ظهور فيروس كورونا المستجد في عدد من الدول، خلق علامات استفهام في أوساط المتتبعين للشأن الصحي في المغرب، حول مدى جاهزية النظام الصحي المغربي للتعامل مع أي مستجد في هذا الصدد، خاصة وأن المغرب يستقبل سنويا ما بين 150 و 190 ألف سائح صيني في المغرب، وهو الرقم الذي بات مرشحا للارتفاع لاسيما مع فتح خط مباشر للطيران بين الدولتين بمعدل 3 رحلات جوية في الأسبوع.
وفي هذا الصدد أكد مصدر صحي مسؤول لـ «الاتحاد الاشتراكي»، أنه ليست هناك أية حالة للإصابة بالفيروس المستجد لـ «الكورونا» في المغرب، وبأن المصالح الصحية المختصة تقوم بعملية تتبع للحالة الوبائية، يمكن وصفها بالروتينية والاعتيادية، مشددا على أن فريق عمل من مديرية الأوبئة ومحاربة الأمراض يقوم بهذه المهمة. بالمقابل وعلى المستوى الجهوي، لم تقدم المصالح الصحية الجهوية على أية خطوة في ظل غياب توجيه مركزي في هذا الباب، وفقا للتصريحات التي استقتها الجريدة، وبالنظر أيضا إلى أنه لم تصدر أية توجيهات من منظمة الصحة العالمية حول الإجراءات الواجب اتخاذها للتعامل مع الفيروس.
من جهته وفي تصريح إعلامي له، أكد محمد اليوبي مدير قسم الأوبئة ومحاربة الأمراض على أن الفيروس يسبب التهابات رئوية قد تنطلق من نزلة برد عادية إلى التهاب رئوي حاد، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بصنف جديد لفيروس معروف، وبأنه في الوقت الراهن الحالة لا تستدعي القلق في انتظار بروز معطيات جديدة.

استغاثة مغربية وخطوة دبلوماسية

تداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي تدوينة «استغاثة» من صاحب حساب فيسبوكي، قدّم نفسه على أنه طالب مغربي يتواجد في الصين، مشيرا إلى أنه يتواجد بمنطقة فرض عليها الحجر الصحي بسبب انتشار الفيروس الأمر الذي تسبب له ولحوالي 100 طالب في مشاكل متعددة، بدأت بالتغذية وصولا إلى مستويات أخرى، ملتمسا تدخل المصالح المختصة لتقديم المساعدة لهم وتيسير سبل عودتهم إلى بلادهم.
بالمقابل أعلنت سفارة المغرب ببكين أنه، نظرا للأوضاع التي تمر بها مدينة ووهان بإقليم خوبي ومدن صينية أخرى، إثر تفشي فيروس كورونا الجديد، فإن مصالحها تتابع الوضع عن كثب في تنسيق مستمر مع السلطات الصينية ومع أبناء الجالية المغربية في هذا البلد. ودعت السفارة في بلاغ، نشرته وكالة المغرب العربي للأنباء، جميع أفراد الجالية المغربية إلى التحلي بالحيطة وإتباع جميع الإجراءات الوقائية التي أعلنت عنها السلطات الصينية، وأهابت مصالح السفارة بجميع أفراد الجالية المعنيين، في حال الحاجة إلى مساعدة قنصلية أو مزيد من المعلومات الشخصية، إرسال المعلومات الشخصية (رقم هاتف رقم جواز السفر أو العنوان) إلى بريدها الالكتروني sifama.beiging@moroccoembassy.org.cn ، أو الاتصال بمصالحها عبر أرقامها الهاتفية 8618701156920 أو 8615652198381 .

أعراض الفيروس وسؤال العلاج

تشير التقارير الصحية المتداولة حول مرض الكورونا المستجد إلى أن الفيروس ينتقل عن طريق الجو في حالات التنفس والعطس والسعال. ومن أول أعراض المصاحبة للإصابة به، ارتفاع درجة حرارة الجسم، وظهور ألم في الحنجرة، إلى جانب السعال، وضيق في التنفس، ثم الإسهال، وفي المراحل المتقدمة يتحول إلى التهاب رئوي، وفشل في الكلى، وقد ينتهي بالموت.
ويعتبر الفيروس الجديد أحد أنواع فيروسات كورونا (الفيروسات التاجية)، وهي سلسلة تضم عددا كبيرا من الفيروسات التي قد تؤدي إلى أمراض تتراوح بين الزكام وأمراض أخرى أكثر خطورة مثل «سارس» (متلازمة الالتهابات التنفسية الحادّة).
وأخذ اسم هذه الفيروسات التاجية من الكلمة اللاتينية «كورونا» التي تعني الهالة والتاج، لأنه يظهر تحت المجهر ككرة تحيط بها خيوط ممتدة مما يجعل شكلها كالهالة التي تحيط بالشمس أو كزوائد التاج. وتهاجم هذه الفيروسات في عمومها الجهاز التنفسي والقناة الهضمية للثدييات والطيور.
ويسبب الفيروس أعراضا مماثلة لأعراض البرد والأنفلونزا، وقال تحالف عالمي تشكل لمكافحة الأمراض المعدية يوم الخميس الأخير أن ثلاثة فرق بحثية منفصلة ستبدأ العمل على تطوير لقاحات محتملة للوقاية من فيروس كورونا الذي بدأ في التفشي داخل الصين. وذكر التحالف المعني بالجاهزية لمواجهة تفشي الأمراض المعدية (سي.إي.بي.آي) والمشارك في تمويل مشروعات الطوارئ، إن الخطة تتضمن وجود تلقيح واحد محتمل على الأقل جاهز للتجارب السريرية بحلول يونيو المقبل.

احتفالات ملغاة وحجر صحي

وعلى إثر ارتفاع حصيلة الضحايا المصابين بفيروس كورونا المستجد، ألغت السلطات الصينية الاحتفالات بالسنة الجديدة وفقا للتقويم الصيني، التي تحمل رمز الفأر لهذه السنة، وذلك تفاديا لارتفاع أعداد المصابين وانتشار العدوى بشكل أكبر في صفوف مواطنيها والأشخاص الأجانب المتواجدين بهذا البلد، وكذا اتخاذها لقرار يتمثل في فرض حجر صحي على منطقة ووهان التي ظهر فيها الفيروس لأول مرة، إلى جانب مدينتين مجاورتين.
بالمقابل أغلقت كوريا الشمالية حدودها مع الصين، في حين اتخذت دول أخرى تدابير وقائية من قبيل اللجوء إلى الكاميرات الحرارية في مطاراتها لمراقبة الوضع الصحي لمختلف المسافرين الذين يلجون أراضيها وذلك في محاولة منها لتطويق هذه الأزمة، كإجراء احترازي بالرغم من عدم إعلان منظمة الصحة العالمية لأية حالة طوارئ في هذا الباب، كما هو الشأن بالنسبة للإمارات العربية المتحدة، بعد تسجيل إصابات جديدة في فيتنام وسنغافورة، في الوقت الذي أفادت تقارير إعلامية عن إصابة ممرضة هندية في المملكة العربية السعودية بالمرض على إثر تقديمها للعناية لمواطنة هندية.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 25/01/2020