العدالة الاجتماعية … و ظاهرة الهجرة؟؟؟

العدالة الاجتماعية … وظاهرة الهجرة؟؟؟
إن الهجرة كانت دائما جزءا من الحياة المعيشية، فهي تبرز في سياقها المعولم الجديد وفق انتظارات ذات بعد اقتصادي و اجتماعي ثم سياسي. لقد كانت دوافع تنقل البشر دائما تحت تأثير انعدام التنمية كعامل أولي ثم التغييرات المناخية و الأزمات السياسية كعامل ثانوي. ومن هنا يطرح السؤال حول الغاية من تحقيق العدالة الاجتماعية لاستيعاب ظاهرة الهجرة في معناها الشمولي .إن موضوع العدالة الاجتماعية كان ولايزال يشكل غاية لجميع الشعوب، لكنها قوبلت أحيانا بنوع من التصدي ليس من الأنظمة السياسية فقط بل حتى من اللوبيات الاقتصادية الفاعلة لدى الدول التي كانت دائما تضع مصلحتها كشرط أساسي لسير العجلة الاقتصادية.
إن العامل الاقتصادي، يعتبر من أهم الدوافع التي تؤثر في الفرد قصد التفكير في الانتقال و الهجرة من أجل تحسين الوضع المادي و الاجتماعي. و قد أضحى هذا العامل في العصر الحالي مطلبا عند جميع طبقات المجتمع لدى الدول، التي تعرف تعثرا في نموها الاقتصادي. فالهجرة قد تكون مطلبا اجتماعيا عند الطبقات الهشة التي تسعى فقط لتخطي عتبات الهشاشة و الفقر، كما أنها أضحت مطلبا أساسيا عند بعض النخب ( هجرة الأطر و الأدمغة) التي تعاني في بلدانا من أزمة تأهيل الأطر و انسداد الأفق، وكذلك عند ما يسمى الطبقات المتوسطة التي غالبا ما تختار وجهة للهجرة عكس هجرة الفئات الهشة، والتي قد تغريها بعض العروض الوظيفية التي تضمن لها حياة أفضل و رقيا اجتماعيا مما هي عليه في بلدانها.
و هنا يجرنا الحديث إلى أن طبيعة الأنظمة السياسية التي تحكم الدول المصدرة للهجرة، غالبا ما تشهد انعدام تطبيق مفهوم العدالة الاجتماعية من جهة، و انخفاض نسب النمو الاقتصادي ، وكذا غياب توزيع عادل للثروات. إذ كيف نفسر أن جل البلدان المصدرة للهجرة، هي في نفس الوقت بلدان تمتلك ثروات وطنية هائلة. وهذا مايفسر أن هاجس ارتفاع الهجرة من دول الجنوب نحو دول الشمال التي تشهد تراكما ديمقراطيا والذي ساعدها إلى حد كبير في الحفاظ على التماسك الاجتماعي رغم الصعوبات الاقتصادية التي مرت منها في السنوات الأخيرة، قد تكاد تكون لدوافع اقتصادية منبثقة عن غياب عدالة اجتماعية، و يتضح ذلك من التباين الكبير في المستوى الاقتصادي والتنموي بين الدول المصدرة للهجرة والتي تفتقر لسياسات حقيقية للتنمية وغياب تكافؤ الفرص و ارتفاع البطالة وعدم إرساء أرضية ناجعة للحماية الاجتماعية لفئات واسعة من تلك المجتمعات، بحيث إن الهشاشة لا تقف عند الوصول إلى الحد الأدنى من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بل تصل إلى تحقيق نوع من العدالة الأجرية والعدالة الجبائية، وذلك لخلق نوع من التوازن في مقابل الارتفاع المهول لمستويات المعيشة .
لقد أصبحت الحاجة ملحة إلى البحث عن أنماط جديدة للتنمية، كما نصت على ذلك أهداف قمة الأمم المتحدة للألفية الإنمائية سنة 2000 والتي صادقت عليها 189 دولة، والتي تقوم على مرتكزات من شأنها تلبية احتياجات المواطنين من العيش الكريم والمساواة ونبذ كل أشكال التمييز، بغية الوصول لأهداف التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية مجتمعة، و التي من شأنها الحد من التباينات الأساسية (التي سبق تناولها) وخلق التوازن الاقتصاد الحقيقي بين الأغنياء والفقراء، وبين رأس المال والطبقة العمالية، وتحقيق أهداف العمل اللائق للجميع وانتهاج سياسات عامة تعالج جذور النمو غير المجدي، من خلال تدعيم إطار  الاستثمار المنتج، وجعل النظام المالي في خدمة الاقتصاد الحقيقي، وتطوير أسواق العمل كي تصبح أسواقاً شاملة وعادلة.
عضو المجلس الوطني


الكاتب : خليل علا

  

بتاريخ : 13/10/2018