«الكرة الأرضية» تتعفن في الدارالبيضاء

 

الكرة الأرضية كما يسميها البيضاويون أو قبة «زيفاكو»، نسبة إلى المهندس الذي أحدثها، هذه المعلمة التي ظلت عنوان تعريف للعاصمة الاقتصادية وواحدة من المعالم الأساسية لها، منذ ما يقارب 20 سنة وهي تعيش أسوأ حالاتها ، فبعد أن شكلت موقع لقاءات ومواعيد أيام ومزارا للمارين عبر البيضاء ، وقبلة للأطفال الذين يعشقون لحظة رمي النقود في نافورتها تحت الأرضية ، وبعدما شكلت معبرا آمنا للراجلين بين الحي الأوربي والمدينة القديمة ، ظلت كل هذه الفترة تئن تحت الإهمال وتحولت إلى شبه موقع لرمي النفايات ، وأحسن ملاذ للمشردين والمجرمين وعنوانا بارزا للاتساخ ، رغم أنها تتواجد في مركز المدينة وبأهم ساحة وهي ساحة الأمم المتحدة .
منذ سنوات لم يفلح مدبرو المدينة في إعادة إصلاحها لا سترجاع توهجها ، في الفترة التي كان فيها محمد ساجد رئيسا لمجلس المدينة ، جمع الناس والكاميرات ، ليشعر الجميع بأن مجلسه سيدخل في شراكة مع إحدى المؤسسات البنكية لإصلاح هذا الممر التاريخي ، لكنه غادر الكرسي دون أن يظهر هذا الإصلاح للعيان وظلت النتانة تنبعث من تحت هذا المجسم ، المبادرة الفاشلة التي أعلن عنها ساجد ستليها مبادرات أفشل وبدون نتيجة ، فقط يكتفي دعاة إصلاحها بتغيير ألوان القبة في كل مرة يطلع لنا لون وكأننا أمام ورشة لتعليم الأطفال فنون الصباغة والرسم ، ظلت المحاولات تلو المحاولات إلى أن أعلنت ولاية الدارالبيضاء سطات في مارس سنة 2016 ، أنها ستحتضن حفل توقيع اتفاقية من شأنها أن تعيد الحياة لهذا الممر ، الاتفاقية بالفعل وقعت بين شركة التنمية المحلية كازا تراث وشركة الأجيال وهي شركة خاصة ، فيما الأولى تابعة لمجلس مدينة الدارالبيضاء كما يعلم الجميع ذلك ، وقيل ساعتها بأن الاتفاقية تحث على إعادة تأهيل القبة من خلال إعادة ألوان الممر وإصلاح العيوب التي شابت بنيته ، مع إصلاح المحلات التجارية التي كانت تتواجد فيه وبالطبع إصلاح النافورة ، لتستعيد هذه المعلمة حيويتها التجارية والثقافية ، كما كانت في السابق ، من أجل هذا الفرض قدر من وقعوا الاتفاقية مبلغ 14 مليون درهم لإنجاح هذا « الفتح « العظيم ، الذي من شأنه حماية هذا التراث التاريخي والرفع من قيمته ، ليصبح نقطة جذب للسياحة ويواكب بالتالي التطور الذي تشهده العاصمة الاقتصادية ، كما أشعر الحاضرون بأن شركة التنمية المحلية كازا تراث ستباشر عملية إجراء مباراة لاختيار مكتب للهندسة ، ليقوم بالدراسات اللازمة واختيار نوع الهندسة اللائقة بالمشروع .وقد تناول خلال هذا اللقاء الكلمة عمدة المدينة عبدالعزيز العماري وقال كلاما لطيفا بخصوص الكرة الأرضية، حيث ذكر بما شكلته للبيضاويين وكيف أن البيضاء عرفت بصور المعلمة وبأن الاستثمار في التراث والثقافة لا يقل أهمية عن الاستثمار في قطاعات أخرى .
الكلام الرنان والاتفاقية الموقعة لم يظهر لهما أثر منذ ذلك الحين ، إذ بعد مدة غادرت المديرة المسؤولة منصبها لأنها تعثرت في مشاريع أخرى، حيث أحيلت هذه المشاريع على شركة الدارالبيضاء للتنمية ، كما لم نعد نسمع أي كلمة حول الكرة الأرضية من لسان عمدة المدينة .
هذه المعلمة كانت قد صممت وأنجزت من طرف المهندس الفرنسي جان فرونسوا زيفاكو في سنة 1975 ، وهو من مواليد الدارالبيضاء عام 1916 وهي المدينة التي فارق فيها الحياة في سنة 2003 ، تابع دراسته في مدرسة الفنون الجميلة بباريس ، وفي سنة 1947 عاد للاستقرار بالمغرب، وضع تصاميم وأنجز العديد من المنشآت كما ساهم في تصاميم إعادة إعمار مدينة أكادير بعد الزلزال الذي شهدته في سنة 1960


الكاتب : العربي رياض

  

بتاريخ : 06/12/2019