المجلس الإقليمي الموسع للاتحاد الاشتراكي بمكناس : جواد شفيق: الاستكانة إلى امتيازات المواقع والمواقف أدى إلى تداخل المصالح واندثار الحدود الفاصلة بين اليسار واليمين والمعارضة والموالاة

 

في جو اتسم بالشعور بالمسؤولية التنظيمية لدى أعضاء المجلس الإقليمي المنعقد صبيحة يوم الأحد 23/12/2018 بمقر الفقيد عبد الرحيم بوعبيد والذي ترأسه الأخ جواد شفيق عضو المكتب السياسي.
انطلقت أشغال المجلس بالكلمة الترحيبية للأخ يوسف بلحوجي عضو المجلس الوطني والتي ذكر فيها بالظروف الاجتماعية والسياسية التي يلتئم فيها المجلس مذكرا بالمهام النضالية التي تتطلب انخراط كل الاتحاديين والاتحاديات في المحطات المقبلة بدءا بالمؤتمر الإقليمي واستعدادا للمؤتمر الجهوي والوطني  وقبل انطلاق الاشغال تليت الفاتحة على أرواح شهداء الاتحاد الاشتراكي وعلى أرواح المناضلين الذين غادرونا الى مؤخرا الى دار البقاء  مذكرا بالإخوة لمساعدي إبراهيم . العود بنسالم. فضول الصائغ.
شجب أعضاء المجلس الإقليمي الجرم الوحشي المرتكب ضد السائحتين النرويجية والدانماركية اللتان ذهبتا ضحية التطرف العقائدي وغلو الفكر الظلامي وسيطرة الفهم الخاطئ للدين.
بعد ذلك اعطى الأخ يوسف الكلمة للكاتب الإقليمي الاخ الحاج محمد اينفي  والتي ركز فيها على الوضع التنظيمي إقليميا معبرا عن أمله في أن يتحمل الكل مسؤولياته بهدف استرجاع الحزب لموقعه السياسي إقليميا خصوصا مع ما تعيشه مدينة مكناس من تردي ومشاكل اجتماعية واقتصادية مرتبطة بغياب رؤية تنموية حقيقية لدى ماسكي الشأن التدبيري الجماعتي بمكناس  معتبرا أن إطار وجدولة اشتغال الكتابة الإقليمية تسيير وفق البرنامج الذي خطه المكتب السياسي ووفق التوجه الدافع نحو إنجاح المحطتين الأساسيتين إقليميا وجهويا استعدادا للمؤتمر الوطني المقبل.
مؤكدا الحرص على طرح العديد من التساؤلات الموضوعية حول الانحصار التنظيمي للحزب إقليميا بسبب النتائج المحصل عليها في الاستحقاقات الجماعية والنيابية برغم كل المجهودات المبذولة من طرف الأجهزة الحزبية ومن طرف كل المناضلين الملتزمين بالخط السياسي للحزب معتبرا أن إنجاح محطة الوفاء والملتقى الوطني 4 للشبيبة الاتحادية والعديد من الأنشطة التي نظمت سواء ما تعلق منها بالجانب الإشعاعي من خلال ندوتي (أي نموذج تنموي جديد لمغرب اليوم نريد) والتي اطرها الأخ الراشدي عبد المقصود وندوة (الانعكاسات الاجتماعية والتنموية لإصلاح الإدارة العمومية) التي اطرت من طرف الأخ محمد بنعبد القادر.
كما هم الجانب التنظيمي إعادة هيكلة القطاع النسائي ونجاح النشاط التواصلي الإشعاعي للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات بمناسبة اليوم الوطني للمرأة واليوم العالمي للفتاة حول موضوع (حقوق النساء بين المكتسبات القانونية والإكراهات الثقافية ) طارحا في سرده الكرونولوجي المسار التنظيمي والإشعاعي لمختلف المحطات والأنشطة التي أنجزت والتي نالت اهتمام وتتبع فئات واسعة من ساكنة المدينة معتبرا أنه برغم كل ما أنجز لم ينعكس ذلك  إيجابا على الوضع الاعتباري للحزب بالإقليم مما يحتم طرح العديد من التساؤلات عن أسباب وخلفيات ما يقع مؤكدا في ختام عرضه على ان الرصيد النضالي للحزب يبقى منارة مضيئة ومشرفة لكل الاتحاديات والاتحاديين إقليميا ووطنيا برغم كل الانكسارات والهزات، الشيء الذي يجب استثماره لإيجاد المخارج التنظيمية الملائمة لاسترجاع مكانة الحزب ودوره الإشعاعي والثقافي والتنويري ولترسيخ دوره كحزب للقوات الشعبية المناهضة لكل السياسات الهادفة الى تحديد وتهميش أدواره الطلائعية المنتصرة للعدالة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
عرض الأخ جواد شفيق عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي اعتبرت أن انعقاد المجلس الإقليمي للحزب بمكناس يعتبر من المجالس التي احترمت الاجندة التنظيمية والسياسية للحزب خصوصا في ظل  الوضع السياسي العام بالمغرب المتسم بغياب الوضوح وبالضبابية السياسية معتبرا أن العالم يعيش مرحلة تتسم بعزل  الفعل السياسي الملتزم بقضايا الشأن العام والطبقات المسحوقة مقابل صعود الخطاب المتطرف والعنصري المستغل للدين  والعرق كأداة ووسيلة للتغلغل الاديلوجي داخل المجتمعات، مما أدى عمليا إلى انحصار أدوار الأحزاب بالعديد من الدول شرقا وغربا، معتبرا أن مسؤولية النخب الاجتماعية والثقافية والسياسية حاصلة في الموضوع بحكم تراجعها عن قيادة الصراع الطبقي والاستكانة إلى امتيازات المواقع والمواقف مما أدى إلى تداخل المصالح والتصنيفات يسارا ويمينا ووسطا واندثار الحدود الفاصلة بين اليسار واليمين والمعارضة والموالاة وتداخل حدود التحالفات الشيء الذي اختلطت معه الأوراق وأصبحنا كاتحاد اشتراكي مفعول فينا أكثر مما كنا فاعلين خصوصا مع سيادة الخطاب الاستسلامي والانهزامي داخل صفوفنا ناهيك عن التطلعات الانتهازية والوصولية التي استشرت داخل الجسم الاتحادي بسبب إغراءات المنصب والسلطة والمال، بحيث أصبح الاتحاد الاشتراكي صانع للقرارات دون تنفيذها الشيء الذي أحاله إلى أداة سياسية معطلة، منشغلة بالصراعات الداخلية التي فوتت على الحزب العديد من المبادرات  والمواقع والمحطات المفصلية سياسيا، مؤكدا على أن التشظي السياسي الذي أصاب الحزب منذ المؤتمر الوطني السادس كان بداية النكوص والتراجع الذي سيطال التنظيم أفقيا وعموديا، مشيرا إلى أننا نتحمل جميعا المسؤولية برغم الأدوار التي أسندت للآخرين لممارسة التخريب والتفتيت السياسي للحزب عبر تزكية الانقسامات وخلق زعامات ظرفية لتنفيذ سياسات هادفة إلى تجريف الأحزاب التقدمية وعلى رأسها الاتحاد الاشتراكي وتعد لحظة الخروج عن المنهجية الديموقراطية خلال 2002 إشارة واضحة لتنفيذ مخطط غزل الحزب عن أدواره ومواقعه السياسية، لتأتي سنة 2007 التي عوقبنا فيها من أوسع الفئات الشعبية بسبب الاستمرار في لعب دور  الكومبارس في حكومة جطو بذريعة استكمال الأوراش المفتوحة. وقد عرج الأخ جواد شفيق في معرض عرضه على استعداد الحزب إقليميا لإحياء ذكرى عمر بنجلون وذكرى عبد الرحيم بوعبيد بحيث اعتبر أن الحدثين لهما دلالاتهما السياسية وبعدهما التنظيمي باعتبار أن اختيارهما لمبدإ الديموقراطية كمسلك ونهج أجدى للحوار للممارسة السياسية بالمغرب في ظل التقاطبات والتجاذبات السياسية الحاصلة إقليميا ودوليا، معتبرا أن التخفي وراء التبريرات المعلنة والخفية من لدن البعض عقب الخروج عن المنهجية الديموقراطية بتخطيط من لدن  مهندسي العهد الجديد أدى إلى صنع أحزاب إدارية وإسلاماوية أصبحت مع التحولات التي طالت الوضع السياسي بالمغرب إلى «غول متوحش» مكتسح جعل منها بديلا للصف التقدمي مما حدى بها إلى طرح وتمرير مجموعة من المواقف كولاية الفقيه ومسألة الأهلية بحيث أصبح الكتاب الإقليميون والجهويون لهذه النوعية من الأحزاب كعمال وولاة يؤتمر بأوامرهم مؤكدا أنه برغم كل ما خطط له عبر استبدال الأحزاب الوطنية والديموقراطية باء بالفشل باعتبار أن هذه الأحزاب جزء من الذاكرة الوطنية وأنها ضرورة سياسية لتطور المغرب وترسيخ بنائه الديموقراطي عوض المسخ السياسي المصطنع الذي سينهار مع استنفاذ أدواره وأهدافه معتبرا أن المغاربة أكثر الشعوب ممارسة للسياسة باعتبار أن معاكسة طموحاتهم يجعلهم ينسحبون من الشأن العام.
لذا اعتبر طرحه للعمل والفعل السياسي والنقابي الجاد ضرورة حتمية لإرساء الديموقراطية باعتبارهما وسيطا اجتماعيا ضامنا للاستمرارية والحوار والنضال الملتزم بالقضايا المصيرية للشعب والتي تجعل الاتحاد دائما في طليعة من يكافح من أجل إرساء مناح سياسي مؤمن بالديموقراطية كنهج وممارسة خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمصالح العليا للوطن بحيث أن رموز الحزب وعلى راسهم الشهيد عمر كان يؤكد دائما أن لا مزايدة على الوطن وعلى قضاياه المصيرية معتبرا رحمه لله على أن الوطن فوق الجميع مشيرا الى انه حينما يقع الحوار بين المؤسسة الملكية والأحزاب الوطنية (الاتحاد والاستقلال) تخطو البلاد نحو آفاق أرحب وأوسع ديموقراطيا خصوصا مع وجود دستور 2011 المتقدم بحيث كان الاتحاد الاشتراكي دائما يتمنى بأن يكون هناك رجال يسايرون نصوصه روحا وممارسة
معتبرا في نهاية عرضه أن هناك تداخلا بين السلط وأن الديموقراطية بالمغرب تعرف مدا وجزرا بسبب العديد من العوامل وعلى رأسها تحطيم دور الطبقة الوسطى التي تعتبر صمام أمان اجتماعي محافظ على التوازنات الاجتماعية والاقتصادية وان تفتيتها يعتبر قنبلة اجتماعية موقوتة مؤكدا ان مظاهر العنف والتردي السائد حاليا يعتبر محصلة لليأس والتهميش والإحباط الذي طال جميع المجالات اقتصاديا ومعيشيا مركزا على محورية المسألة الاجتماعية التي يجب أن تحتل موقعا استراتيجيا في السياسات العمومية من خلال إرساء اقتصاد صناعي بدل الاقتصاد الخدماتي وبالتالي فإن الحديث عن النموذج التنموي الجديد يجب أن يصاحبه مشروع مجتمعي جديد قاطع من اقتصاد الريع والامتيازات الضريبية والجبائية المورثة الفقر لأوسع الطبقات الشعبية.
مداخلات أعضاء المجلس الإقليمي ثمنت عاليا عرض الأخ جواد شفيق لدلالاته السياسية والاجتماعية معتبرة ان ما طرح يضع الاصبع على اهم القضايا السياسية والتنظيمية محليا وجهويا ووطنيا.


الكاتب :  اعداد: يوسف بلحوجي  / جبوري حسن 

  

بتاريخ : 16/01/2019