«المجموعة المشتركة للصحراء الغربية» بالبرلمان الأوروبي: الحقائق التي لا تتجرأ الجزائر والبوليساريو على الجهر بها

 

نائب أوروبي واحد، عدد من المساعدين والمتدربين وممثلان عن البوليساريو، في لقاء بئيس داخل قاعة منزوية بمبنى البرلمان الأوروبي لا تتجاوز سعتها عشرين مقعدا، كان ذلك بالنسبة للانفصاليين كافيا لإعلان انتصار وهمي بعقد الاجتماع التأسيسي لما أسموه بـ “المجموعة المشتركة للصحراء الغربية” بالبرلمان الأوروبي.
الأمر لا يتعلق بمزحة، فالمتابع لوكالة الأنباء الجزائرية ووسائل الإعلام التابعة للانفصاليين سيصاب بالدوار من هذا التطبيل لعملية آلت في الواقع إلى انتكاسة كبيرة، أكدت عن أسلوب التضليل والخداع الذي تمارسه البوليساريو، من جهة، ومن جهة أخرى، عن العزلة المتزايدة لها في مختلف المنتظمات والمؤسسات.
والحقيقة، كما أكدتها لنا مصادرنا الخاصة من العاصمة الأوروبية، والتي لا تتجرأ البوليساريو عن الإعلان عنها هي كالتالي :
إن ما يسمى المجموعات المشتركة هي مجموعات غير رسمية، تتشكل مع بداية كل تجديد للبرلمان الأوروبي الذي تستمر ولايته مدة خمس سنوات، وأغلب هذه المجموعات المشتركة تهتم بقضايا محددة مثل الفلاحة، حماية بعض أنواع الحيوانات المهددة بالإنقراض، وأنها في الحالات الاسثتنائية، تهتم بقضايا سياسية طارئة أو مغيبة، على عكس نزاع الصحراء، الذي يوجد بين أكبر منتظم دولي وهو الأمم المتحدة، ويجتمع مجلس الأمن بشكل دوري لمناقشته.
إن هذه المجموعات المشتركة ليس لها أي تأثير على البرلمان الأوروبي ولا تمثله في شيء ولا يحق لها أن تتحدث باسمه أو تستعمل شعاره، وهو عكس ما قامت به “المجموعة المشتركة للصحراء الغربية” المزعومة، التي استعملت في تدليس مقصود شعار البرلمان الأوروبي.
وبالتالي فإن تشكيل هذه المجموعة يبقى نشازا داخل أروقة البرلمان الأوروبي، وقد سبق أن تشكلت في الثمانينيات، في ظل ظروف سياسية معينة لم تعد قائمة، وكانت تحت رئاسة نائب سويدي الذي انسحب منها ليتولى رئاستها النائب البرلماني خواكيم شوستر.
مصادرنا أكدت بهذا الخصوص أن شوستر، وفي شهر شتنبر الماضي، سعى إلى جمع أكبر عدد من التوقيعات لترميم هذه المجموعة، مستغلا وجود ما يقارب 61 في المئة من النواب الأوروبيين الجدد، وجهل العديد منهم لحقيقة نزاع الصحراء، ومستغلا كذلك شعار الدفاع عن حقوق الإنسان وغيرها من الشعارات التي يتم استغلالها لأهداف أخرى لجلب تعاطف النواب.
وإذا كان شوستر قد تمكن من جمع أقل من مئة توقيع من أصل 751 يكونون البرلمان الأوروبي وفق الأسلوب المشار إليهه، فإنه منذ شتنبر إلى الآن، غير العديد منهم قناعاته وانسحبوا من هذا ” الالتزام” وأكبر دليل على ذلك هو أن الاجتماع ” التأسيسي” لهذه المجموعة المشتركة الذي انعقد يوم الخميس الماضي في ستراسبورغ، حضره نائب أوروبي واحد هو خواكيم شوستر نفسه، والصورة الخاصة بهذا الاجتماع تؤكد ذلك، وحضر إلى جانبه بعض المساعدين والمتدربين لدى بعض البرلمانيين الأوروبيين لا يتجاوز عددهم12 أو 13، بالإضافة إلى ممثلين عن البوليساريو، هما أبي بشراي البشير، المعين مؤخرا ممثلا للبوليساريو بأوروبا والاتحاد الأوروبي، ومحمد سيداتي الذي شغل هذا المنصب لمدة تزيد عن عشرين سنة، وأصبح الآن ممثلا للبوليساريو في فرنسا، وبالمحصلة فإن الاجتماع، الذي انعقد في قاعة صغيرة لا تسع لأزيد من 20 شخصا كان صدمة لخواكيم شوستر وللبوليساريو، وهو ما يفسر السعي الحثيث إلى تصويره على أنه انتصار مدو، في محاولة تضليل بئيسة للإبقاء على هذا المولود الهجين حيا أكبر وقت ممكن.
وشهد هذا الاجتماع المهزلة كلمة موجزة لشوستر، أعقبها تدخل كل من  أبي بشراي البشير ومحمد سيداتي الذي طالب بالتركيز على قضية الصحراء في كل اجتماعات اللجن ومهاجمة المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي لكونهما تدعمان المغرب، متناسيا عن قصد أو عن جهل أن كل الاتفاقيات التي وقعت عليها المفوضية مع المغرب هي اتفاقيات صادق عليها البرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة، وكأنه بهذا يدعو النواب الأوروبيين إلى مهاجمة البرلمان الأوروبي.
والحقيقة التي يدركها المتتبعون للملف من داخل البرلمان الأوروبي ومختلف مؤسسات الاتحاد الأوروبي، هي أن تشكيل هذه المجموعة المشتركة يسير ضد مصالح الاتحاد الأوروبي، حيث تنص المادة 35 من النظام الداخلي للبرلمان الأوروبي على أن أي مجموعة مشتركة تشكلت لا يجب أن تشوش أو تسير ضد مصالح الاتحاد الأوروبي مع شركائه، وعلى رأسهم المغرب، كما أنها تعنى بقضية سياسية لا تهم الاتحاد الأوروبي لأنها ملف حصري بيد الأمم المتحدة، وهو ما سبق أن عبر عنه بكل وضوح جوزيب بوريل المفوض السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية خلال لقائه مؤخرا مع وزير الخارجية ناصر بوريطة.
كما أن رئيس البرلمان الأوروبي دافيد ساسولي، سبق له في مراسلة موجهة للبرلمان المغربي، نتوفر على نسخة منها، أن أكد أن البرلمان الأوروبي “حريص بشكل خاص على تفادي أي خلط بين أنشطته الرسمية وأنشطة المجموعات المشتركة أو أي مجموعة غير رسمية للنواب البرلمانيين”.
وهكذا ومن خلال كل هذه المعطيات يتأكد أن الضجة التي أثارتها البوليساريو والجزائر من خلال هذا الاجتماع المهزلة، لا تعدو أن تكون استمرارا على نفس النهج ألا وهو بيع الأوهام، وأن الحقائق على الأرض تؤكد كذب وتضليل خصوم الوحدة الترابية المغربية، يعكس أيضا اندحار أطروحتهم على صخرة الحق والمشروعية المغربية.


الكاتب : عزيز الساطوري

  

بتاريخ : 17/02/2020