المغرب وعمليات حفظ السلام التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، بين الديبلوماسية والدفاع .. والاقتصاد!

قام الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة في نيويورك السفير عمر هلال بزيارة عمل لواشنطن بصفته رئيسا ل”تشكيلة جمهورية إفريقيا الوسطى للجنة تعزيز السلام التابعة للأمم المتحدة”.
وخلال هذه الزيارة، أتيحت الفرصة للسفير هلال لتسليط الضوء على إنجازات تشكيلة جمهورية إفريقيا الوسطى التي يرأسها منذ سنة 2014، ولا سيما من حيث التحسيس وتعبئة الموارد والتنسيق، واستكشاف التحديات والفرص المرتبطة بتنفيذ المخطط الوطني للنهوض وتعزيز السلم الذي أطلق سنة 2017.
وبهذه المناسبة، أبرز هلال دعم المغرب لجمهورية إفريقيا الوسطى، وكذا تضحيات جنود التجريدة المغربية المنتشرة في منطقة بانغاسو، حيث أشار الدبلوماسي المغربي الى بعض أوجه الدعم الذي تقدمه المملكة، ومن بينها التدريب الأخير الذي استفاد منه قضاة المحكمة الجنائية الخاصة بمعهد القضاء بالرباط والذي سيليه تدريب ثان قبل بدء عمل المحكمة.
كما أشار إلى الحملات الطبية لفائدة الطائفتين المسيحية والمسلمة في بانغاسو، وكذا توزيع اللوازم المدرسية على المؤسسات التعليمية في المنطقة من قبل تجريدة القوات المسلحة الملكية.
وخلال مباحثاته بالبنك الدولي ، التقى هلال مدير قسم “الهشاشة والنزاع والعنف، والتهجير القسري”، السيد فرانك بوسكيت، والسيدة أيلين مارشال، ممثلة نائب الرئيس المكلفة بإفريقيا، كما تباحث عبر دائرة تلفزيوينة مغلقة مع ممثل البنك العالمي في بانغي السيد روبرت بوجاود.
ومكنت هذه المباحثات من استعراض المشاريع العديدة للبنك في جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث انتقل حجم التزامات البنك بهذا البلد الافريقي من 25 مليون إلى 50 مليونا سنة 2013 ليبلغ 500 مليون سنة 2018. وتهم مشاريع البنك الدولي أساسا البنيات التحتية الأساسية وقطاع الكهرباء.
كما زار السفير هلال وزارة الخارجية الامريكية، حيث تباحث مع ممثلي أزيد من عشرة مديريات بشأن الوضع الراهن في جمهورية إفريقيا الوسطى، والاعمال التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية في هذا البلد ، فضلا عن التحديات الرئيسية ومن بينها الوضع الامني و الانساني والسياسي والقضائي في جمهورية أفريقيا الوسطى.
وفي هذا الاطار ، شدد هلال على مكافحة الإفلات من العقاب، ولا سيما بالنسبة لمرتكبي جرائم الحرب والمسؤولين عن الهجمات على قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة. إذ دفع المغرب ثمنا باهظا سنة 2017 بفقدان سبعة من جنوده وجرح نحو 30 آخرين.
وقال في هذا الصدد “إن الهجمات على قوات حفظ السلام هي هجمات ضد الامم المتحدة وكافة أعضائها، وتستهدف مصداقية المنظمة في حد ذاتها”.
كما طلب من الولايات المتحدة الامريكية تقديم الدعم لتسليم أحد قادة ميليشيات أنتي بالاكا في جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى بلده لضلوعه في مقتل الجنود المغاربة، وذلك من أجل محاكمته أمام المحكمة الجنائية الخاصة.
وقام الوفد في الختام بزيارة للكونغرس أجرى خلالها مباحثات مع عضو الكونغرس ديفيد سيسيليني والدكتور رين آرتشر، رئيس ديوان عضو الكونغرس فورتنبيري والذين كانا قد زارا جمهورية إفريقيا الوسطى في ماي الماضي في إطار زيارة لأعضاء لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس الامريكي.
وساعدت جهود هذين العضوين في الحفاظ على التزام الولايات المتحدة تجاه جمهورية إفريقيا الوسطى بعد مجيئ دونالد ترامب إلى السلطة.
وقد حل السفير هلال بالعاصمة الأمريكية على رأس وفد ضم باري فريمان، نائبة مدير مكتب الأمم المتحدة لدعم بناء السلام، والخبيرة جيزيم سوكوغلو و ياسر حلفاوي، مستشار البعثة الدائمة للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة.
لوديي يستقبل الجنرال دو كور دارمي كارلوس هومبرتو لواتي

وفي موضوع دي صلة، استقبل عبد اللطيف لوديي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، بمقر هذه الإدارة، الجنرال دو كور دارمي كارلوس هومبرتو لواتي، المستشار العسكري لدى إدارة عمليات حفظ السلام التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، الذي قام بزيارة عمل للمغرب. وذكر بلاغ لإدارة الدفاع الوطني أن المسؤولين تباحثا، خلال هذا اللقاء، بشأن مساهمة المملكة في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، بالإضافة إلى السبل التي من شأنها تحسين ظروف عمل بعثات حفظ السلام، بالنظر إلى البيئة المعقدة للعمليات الحالية.
وأشار البلاغ إلى أن لوديي أبرز، بهذه المناسبة، الجهود الهامة والمتواصلة التي تقوم بها المملكة، تحت قيادة صاحب الجلالة، في مجال حفظ السلام. كما أشاد بالمبادرات التي أطلقها الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريس، في إطار إصلاح الهيكلة الأممية لحفظ السلام والأمن.
وأضاف المصدر ذاته أن الجنرال لواتي جدد بالمناسبة، تعازي منظمة الأمم المتحدة للمملكة عقب وفاة قبعات زرق مغاربة أثناء أداء مهامهم بشرف وشجاعة بجمهورية إفريقيا الوسطى، مشيرا إلى أنه أعرب أيضا عن تقديره للدور المهم الذي تضطلع به المملكة في هذا المجال ونوه بانخراط المغرب في النظام الجديد لقوات وقدرات الأمم المتحدة (بيسكيبينغ كابابليتي ريدنيس سيستم)، الذي تم الإعلان عنه في إطار أشغال مؤتمر فانكوفر بكندا حول عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام (نونبر 2017)، والتي شاركت فيها المملكة.
وقد نشرت المملكة، المساهم التاريخي في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، منذ 60 سنة، حوالي 70 ألف جندي، وأنشأت عدة مستشفيات ميدانية تحت إشراف الأمم المتحدة. ويشارك المغرب حاليا في عمليتين أمميتين بكل من جمهورية إفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
(سيدياو) وكلفة السلام ..

وقال مدير الاندماج الإقليمي بوزارة الاندماج الإفريقي ونيباد والنهوض بالحكامة الجيدة بالسنغال، جين انطوان ضيوف، بدكار، إن أمام المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو)، الكثير لتربحه، وعلى مستويات عدة، في حال قبول طلب انضمام المغرب إليها.
جاء ذلك خلال لقاء انعقد في إطار المناظرة الوطنية للمقاولة، التي ينظمها المجلس الوطني لأرباب المقاولات بالسنغال، حول موضوع “انفتاح المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو): الرهانات والأدوار ومسؤوليات منظمات أرباب العمل في غرب إفريقيا”.
وأوضح ضيوف، وهو أيضا مسؤول الخلية الوطنية ل(سيدياو)، أن انضمام المغرب لهذا الفضاء الإقليمي سيرفع من حجم “تأثير تجمعنا على المستوى الدولي”، سواء في ما يتعلق بالجانب السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي.
وأبرز في هذا الصدد أن المملكة تتوفر على خبرة معتبرة في مجالات مكافحة الإرهاب والأمن البحري، مشيرا إلى المساهمة المعتبرة للمغرب في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي تعد “مكلفة بالنسبة لنا”.
وعلى المستوى الاقتصادي، يضيف ضيوف، فإن انضمام المغرب إلى (سيدياو) “سيساهم بشكل جوهري في دعم اقتصاديات منطقة غرب إفريقيا”، مشيرا إلى الحضور القوي للمملكة “في بلداننا في قطاعات مهمة من قبيل الأبناك والصيدلة”، وإلى كونها تعد حاليا أول مستثمر أجنبي في المنطقة.
وحسب المسؤول السنغالي، الذي استند في تقييمه على نتائج دراسة أثر انضمام المغرب للمجموعة أجرتها مفوضية (سيدياو)، فإن هذا التجمع الإقليمي سيصبح القوة الاقتصادية ال16 عالميا في حال انضمام المملكة إليها، في الوقت الذي تحتل فيه الرتبة ال25 حاليا.
وخلص المتحدث إلى أن انضمام المغرب ل(سيدياو) يشكل “فرصة لقطاع الإنتاج بغرب إفريقيا”، حيث سيستفيد هذا القطاع من الخبرة والقدرات التمويلية للمملكة، مشيرا أيضا إلى المساهمة القوية التي قد يقدمها المغرب من أجل إحداث بنيات تحتية قوية في المنطقة، كما هو الشأن بالنسبة لمشروع أنبوب نقل الغاز بين نيجيريا والمغرب الذي سيعود بالنفع على مجموع الدول التي يمر عبرها.
ويضم برنامج “مناظرة المقاولة” التي تنظم على مدى يومين، تقديم تصريح لرئيس المجلس الوطني لأرباب المقاولات حول “بيئة وتنافسية المقاولات”. وستعرف هذه المناظرة تنظيم منتدى حول “العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص وأمن الاستثمارات”.
كما تعرف هذه التظاهرة تنظيم مائدة مستديرة حول الصندوق الأخضر للمناخ، وملتقى وطني لمهنيي الموارد البشرية، ومعرض دولي حول الاقتصاد الرقمي.


بتاريخ : 17/02/2018