المقهى الأدبي بزاكورة ثلاث حكايات والأصل… صورة

 

وأنت في الشارع الرئيسي لمدينة زاكورة، تلفت انتباهك يافطة مكتوب عليها «المقهى الادبي»، فيأخذك الفضول لاستكشاف ما بالداخل في مدينة صغيرة اختارت رهان الثقافة والفن كي تنفض عنها غبار النسيان. تسأل عن حكاية المقهى فتنفتح أمامك ثلاث حكايات تختصر تاريخ مدينة.

في البدء كانت…. الصورة

من زاوية القدية بتاكونيت حيث رأى النور ومد بصره واسعا في شساعة الصحراء في 1924، ومن زوايا الفقه والعلوم الشرعية، قدم الى البيضاء باحثا عن فرصة عيش كريم قبل أن يسرقه عشق الضوء والوجوه، وتوثيق اللحظات الهاربة.
هو الشيخ الحامل لكتاب الله، الزاكوري المولد والهوى محمد الفايز، أحد معالم مدينة زاكورة وصاحب أول استوديو للتصوير بهذه المدينة النائمة على سعف النخيل وسنابك القوافل.
كان الفتى الأسمر العشريني شغوفا بفن التصوير الذي تشرب أبجدياته من مصور يهودي بالبيضاء واشتغل معه مقابل 200 درهم، لذا لم تُجد تحذيرات ونصائح العائلة المحافظة في ثنيه عن حب الصورة التي تعتبر في عرفهم حراما وخاصة ممن تعمق في علوم الفقه والقرآن، فعاد الى زاكورة في 1957 متأبطا آلته الفوتوغرافية ، جائلا في الأسواق همه الوحيد أن يخفف عن سكان منطقته والمناطق المجاورة مشقة السفر الى ورزازات أو مراكش لالتقاط صورة فوتوغرافية تفرضها الحاجة، وكل ذلك مقابل ثلاثة دراهم. قبل أن يفتتح استوديو الفائز الذي شكل معلمة من معالم المدينة بل إنجازا فارقا لحظتها.

الشاشة الكبيرة…صورة أوضح

بعد أن هبت رياح التحديث على بنيات المدينة، لم يعد الأستوديو وحيد زمان زاكورة ولو أنه حافظ على ريادته. لقد تعددت الاستوديوهات بالمدينة فكان لزاما على أبنائه تحويل نشاطه الى منجز آخر والذين اختاروا التميز أيضا فكانت أول سينما بالمدينة. وأول احتكاك المجتمع الزاكوري بعالم التصوير المتحرك والشاشة الكبيرة وعالم الأكشن والحركة، قبل أن تصبح السينما اليوم محركة لعجلة الاقتصاد والتنمية بالمنطقة باحتضانها لأكثر من مهرجان سينمائي: مهرجان فيلم عبر الصحراء، مهرجان الفيلم الوثائقي.

الأدب…محطة أخيرة

من التصوير الى السينما ، الى لمة الأدباء والفنانين، نفس الفضاء وتلاوين من الإبداع مرت بين جدرانه . فقد اختار ابن أول مصور بزاكورة محمد فايز قبل سنتين أن يجعل من هذا الفضاء الغني بتاريخه ورمزيته عند ناس درعة، فضاء للقاء المثقفين والفنانين والتشكيليين من مختلف مناطق الجهة ومن خارج المغرب، بتأسيسه لأول مقهى ثقافي بالمدينة ، في تجربة ثقافية جريئة إيمانا منه بدور الثقافة والفن في تطور المدينة ورغبة في خلق فضاء يلتقي داخله رواد الثقافة، فضاء يحول المقهى من مكان لتزجية الوقت الى لحظة للرقي بالذوق وإشراك الجميع في قضايا الأدب والفن، والاحتكاك برؤى وتجارب مختلفة.
حين تلج المكان، تأسرك بساطته التي تبث داخلك السكينة والأمان، لوحات أبناء المدينة على الجدران تحدثك عن ألوان التراب والشمس والسماء. الطبيعة تؤثث كل شيء فيه بدءا بالمقاعد والسقف وانتهاء بالمفارش والديكور، النخلة مصدر كل شيء ومادته الخام ، منغرسة في التربة وفي الثقافة المحلية لكنها تمد سعفها دوما باتجاه الآخر للحوار والتلاقح، فقد شهد المقهى تنظيم ملتقيين دوليين للفن التشكيلي بمساهمة رسامين أجانب ويستعد اليوم لاحتضان النسخة الثالثة بمشاركة سويسرية وبولونية، بالإضافة الى العديد من الندوات والامسيات الشعرية وتواقيع الكتب، وهناك اتفاقية شراكة في القريب ضمن شبكة المقاهي الثقافية من أجل إشعاع أكبر للمقهى الذي يحتاج دعما من الجهات المختصة حتى يواصل مسيرته.


الكاتب : حفيظةالفارسي

  

بتاريخ : 15/10/2018

أخبار مرتبطة

ينظم المعهد الفرنسي بفاس، يوم 26 أبريل، لقاء أدبيا مع الكاتب جيلبيرت سينوي، حول إصداره الأخير «رائدات وبطلات تاريخ المغرب».

هيا اغتسل أو تيمم وصل واقفا على الطفل الشهيد الملثم ما قال آه ساعة الذبح أو راح هاربا بجرحه يتألم

لنبدأ بلون الغلاف والعنوان، وبعد ذلك نحاور العمل، الذي سمى نفسه نصوصا نثرية، للفنان والشاعر والروائي المصطفى غزلاني. كما يبدو،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *