انطلاق النسخة 14 من الملتقى الدولي للفلاحة بمشاركة 1500 عارض من 72 دولة .. ينتظر مليون زائر، وسيعرف تنظيم 35 ندوة، و أزيد من 300 لقاء عالي المستوى

تنطلق يومه الثلاثاء الدورة 14 من الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس في الفترة من 16 إلى 21 أبريل ، يتوقع أن يستقطب هذا الملتقى السنوي المنظم من قبل جمعية المعرض الدولي للفلاحة في المغرب حول موضوع “الفلاحة، كرافعة لخلق مناصب الشغل ومستقبل العالم القروي”، مشاركة 1500 عارض من 72 دولة، واستقبال زهاء مليون زائر، و تنظيم 35 ندوة، وعقد أزيد من 300 لقاء عالي المستوى.
ويقام المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب هذه السنة على مساحة إجمالية تصل إلى 180 ألف متر مربع، ضمنها 100 ألف متر مربع مغطاة، حيث  يتم تنظيم الملتقى في 10 أقطاب، ويوفر فضاءات لركن السيارات بمساحة تناهز 200 ألف متر مربع.
وباختيار سويسرا «ضيف شرف» هذه الدورة، من المنتظر أن يشكل الملتقى هذه السنة، فرصة لتعزيز التعاون المغربي السويسري في المجال الفلاحي، الذي يعود الى عدة سنوات خلت، تجسد من خلال العديد من المبادرات بما في ذلك مشروع ولوج الأغذية والمنتجات المجالية إلى الأسواق الذي يتم إنجازه تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، والممتد على الفترة 2013-2019، و الهادف الى تحسين الأداء وولوجيه الأسواق والشروط الاجتماعية والاقتصادية لسلسلتي إنتاج زيت الأركان والصبار في منطقة أيت باعمران.
ومباشرة بعد الافتتاح الرسمي ستنطلق الأيام المخصصة للمهنيين، وتستمر على مدى ثلاثة أيام، من يوم 16 إلى يوم 18 أبريل 2019، فيما ستبدأ الأيام المختلطة، المفتوحة على السواء أمام “المهنيين” و”الجمهور ”، في يوم 19 أبريل وتتواصل إلى غاية 21 أبريل 2019.
وكما جرت العادة سيتوزع فضاء الملتقى حول مجموعة من الأقطاب أهمها القطب الدولي، الذي يعتبر مركز إشعاع دولي للفلاحة المغربية، والذي جعل من الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس أحد المواعد الأساسية في أجندات المعارض الفلاحية المرموقة عبر العالم. وهو مفتوح للعارضين الدوليين، خاصة الشركات والهيئات المعنية بالأسواق الفلاحية في المغرب وإفريقيا، إضافة إلى الهيئات العمومية الأجنبية وممثلي السفارات والمنظمات الدولية المعنية بالزراعة. ويشكل القطب الدولي بؤرة اجتذاب بالنسبة لزوار الملتقى الراغبين في الاطلاع على آخر المستجدات التكنولوجية في المجال الفلاحي.
ويشكل قطب المنتجات، واجهة لسلاسل الإنتاج الفلاحي وقطاع الصناعات الفلاحية بالبلاد، ويشكل دعوة لاستكشاف غنى وتنوع المنتوج الفلاحي الوطني، ويضم هذا القطب نخبة الشركات المغربية المتخصصة.
أما قطب اللوازم الفلاحية ومدخلات الإنتاج، فقد أصبح يشكل سوقا لا محيد عنها للوازم الفلاحية، كالأسمدة والأدوية والبذور والأدوات المختلفة وجميع مدخلات الانتاج.
ويتمحور قطب الطبيعة والحياة، حول مندوبية المياه والغابات ومحاربة التصحر وباقي الفروع التي تدور في فلكها، ويهتم بالطبيعة والبيئة والتنمية المستدامة، ويهتم هذا القطب بالعديد من المظاهر الجذابة للزوار، منها صيد الأسماك القاري في البحيرات والأنهار، البستنة والقنص والتجوال في الجبال والبراري والسياحة البيئية.
ويشكل قطب المنتجات المجالية، المخصصة للتعاونيات وجمعيات المنتجين عبر التراب الوطني، المتخصصين في تثمين المنتجات المجالية، مرآة للثروة التي تزخر بها مختلف مناطق المغرب والتي يعتبرها المغاربة عموما مصدر فخر وطني. وهو مجال غني بالعطور والألوان والتعابير الثقافية المجالية المشحونة بالتاريخ وتراكم سنين من التجربة الإنسانية والمهارات، وتشارك فيه 400 من التعاونيات وجمعيات المنتجين المتخصصة في تثمين المنتجات المجالية بالمغرب،
أما قطب تربية المواشي، فقد بات يشكل الموعد السنوي على الصعيد الوطني للكسابة. وينقسم هذا القطب إلى قسمين، يعرض الأول الحيوانات الحية ويشكل نافذة على غنى القطعان المغربية بالأصناف والسلالات الأصيلة، سواء الأغنام أوالخيول أو الجمال، إضافة إلى أنواع الأبقار والطيور، أما الثاني فيشمل المهن والحرف المرتبطة بقطاع تربية المواشي وملحقاتها.
ويعتبر قطب الآليات والعتاد، أكبر سوق سنوي للجرارات والآليات الفلاحية، والذي أصبح المستثمرون الفلاحيون ينتظرونه للاستفادة من الجديد ومن العروض المغرية والفرص التي توفرها المنافسة بين الوكلاء. فيما سيخصص القطب المؤسساتي، كواجهة لكبريات المؤسسات المغربية والقطاعات الحكومية المعنية بالزراعة ومؤسسات الرعاية الخاصة والعامة.

الفلاحة تساهم ب 35 % في التشغيل لكن وسط هشاشة مفرطة
9 % فقط من العمال الفلاحيين لديهم تغطية صحية وأقل من 1 في المائة مؤطرون نقابيا

تخفي أرقام الشغل والبطالة في العالم القروي مفارقات كبيرة جدا. فنسبة البطالة في الوسط القروي لم تتعدى 3,5 في المائة خلال سنة 2018 حسب المندوبية السامية للتخطيط، مقابل 14.2 في المائة في الوسط القروي. كما أن معدل النشاط يصل إلى 54 في المائة في الوسط القروي مقابل 46 في المائة في الوسط الحضري.تخفي أرقام الشغل والبطالة في العالم القروي مفارقات كبيرة جدا. فنسبة البطالة في الوسط القروي لم تتعدى 3,5 في المائة خلال سنة 2018 حسب المندوبية السامية للتخطيط، مقابل 14.2 في المائة في الوسط القروي. كما أن معدل النشاط يصل إلى 54 في المائة في الوسط القروي مقابل 46 في المائة في الوسط الحضري.غير أنه تجدر الإشارة إلى أن سبب ارتفاع البطالة في المدن ناتج بشكل كبير عن الهجرة القروية، أي أن عددا من العاطلين عن العمل في المدن هم في حقيقة الأمر عاطلون قرويون اختاروا الانتقال إلى الوسط الحضري بعد يأسهم من إيجاد عمل يصون كرامتهم في البوادي.كما تشير الإحصائيات إلى أن النساء أكثر حظا في الحصول على عمل في الوسط القروي، إذ يصل معدل النشاط وسط النساء القرويات إلى 30 في المائة، مقابل 18 في المائة بالنسبة لنظيراتهن الحضريات. غير أن المؤشرات تبرز أن 75 في المائة من النساء القرويات العاملات يمارسن “عملا بدون مقابل”. نفس الشيء بالنسبة للشباب، فالإحصائيات تبين أن معدل النشاط بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 سنة  و24 سنة تناهز 36 في المائة في الوسط القروي مقابل 22 في المائة في الوسط الحضري. إلا أن 68 في المائة من الشباب العاملين في الوسط القروي، الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة لا يتقاضون أي أجرة عن العمل الذي يمارسونه.وعموما تبين الإحصائيات أن معدل النشاط أعلى في الوسط القروي من الوسط الحضري. فبالنسبة للسكان النشطين الذين تتراوح أعمارهم بين 44 و58 سنة، يصل معدل النشاط في الوسط القروي إلى 66 في المائة مقابل 44 في المائة في الوسط الحضري. غير أن هذا النشاط يخفي هشاشة كبيرة في العمل بالوسط القروي، من حيث ارتفاع نسبة العمل الناقص بشكل كبير نظرا لطبيعة النشاط الفلاحي، الذي يشغل 74 في المائة من سكان العالم القروي.ويتميز العمل في القطاع الفلاحي بضعف الكفاءة والارتكاز على العمل اليدوي بشكل أساسي. وتشير إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط إلى أن 82 في المائة من المشتغلين في الفلاحة لا يتوفرون على شهادات، أي ما يناهز 3.1 مليون شخص. إضافة إلى الضعف الفادح للتغطية الصحية في العالم القروي. فعلى المستوى الوطني خلال سنة 2018 أبرزت الإحصائيات أن 9.4 في المائة فقط  من العاملين في قطاع الفلاحة منخرطين في نظام التغطية الصحية، مقابل 43 في المائة في قطاع الصناعة، و38 في المائة في قطاع الخدمات، و15 في المائة في قطاع البناء والأشغال العمومية.كما تتجلى هشاشة العمل في الوسط القروي بكون 80 في المائة من العاملين في هذا الوسط لا يتوفرون على عقود عمل. وتبرز الإحصائيات أيضا ضعف التأطير النقابي الفادح للعمال الزراعيين، إذ أن 99.2 في المائة من العمال في العالم القروي غير منخرطين في نقابات أو منظمات مهنية، حسب إحصائيات 2018 للمندوبية السامية للتخطيط.وتجدر الإشارة إلى أن الفلاحة تعتبر ثاني مشغل في البلاد بعد قطاع الخدمات، بحصة 35 في المائة للفلاحة و42 في المائة للخدمات و12 في المائة للصناعة و8 في المائة لقطاع البناء والأشغال العمومية، الشيء الذي يبرز الأهمية الاستراتيجية الاجتماعية للتشغيل في العالم القروي،والتي يؤكدها عدد السكان النشطين في العالم القروي، والذي ناهز  9.3 مليون شخص في العالم القروي مقابل 16 مليون شخص في الوسط الحضري، حسب المندوبية السامية للتخطيط. الشيء الذي يتطلب وبإلحاح بلورة استراتيجية خاصة للتشغيل في العالم القروي

برنامج علمي حافل حول التشغيل والتحول الرقمي وتشجيع
ريادة الأعمال في الوسط القروي

 

يشكل القطاع الفلاحي العمود الفقري للاقتصاد الوطني، غير أن الهجرة القروية وجاذبية المدن تهدد بإفراغ العالم القروي من شبابه. وتزداد حدة إغراءات الهجرة مع انتشار الهواتف الذكية ووسائل الاتصالات المعاصر، والتي من خلال محتوياتها تبرز الهوة عميقة بين العالمين وتغذي تطلعات الشباب القروي وفضوله لاكتشاف العالم الآخر للمدن.
فخلال العشرين سنة الأخيرة تمكن المغرب من إيصال الربط بالكهرباء والماء إلى 99 في المائة من سكانه، إضافة إلى خدمات الاتصالات، إذ أصبحت التغطية الوطنية شبه كاملة. كما وصلت الطرق البرية إلى أقاصي المناطق، وأخرجت العديد من المناطق النائية من العزلة. وقد وضعت هذه التطورات العالم القروي على عتبة التحول الرقمي ودخول عصر الديجيتال. وفي نفس الوقت الذي فتحت فيه هذه التطورات آفاقا واعدة للتشغيل والتنمية، أدت أيضا إلى تغذية الإحساس بالميز لدى شباب العالم القروي الذي أصبحت وسائل الاتصال الحديثة تضعه بشكل يومي في مواجهة أنماط العيش والاستهلاك السريعة التحول والتطور في المدن.
هذه التحولات أصبحت تطرح على البلاد تحديات اجتماعية واقتصادية جديدة، اختزلها الخطاب الملكي في افتتاح البرلمان أكتوبر الماضي في ضرورة العمل على انبثاق طبقة وسطى في العالم القروي شبيهة بنظيرتها في الوسط الحضري. وأصبح من الضروري وضع هذا الهدف في قلب النقاش الوطني حول تجديد النموذج التنموي للمغرب.
في هذا السياق، اختار منظمو الملتقى الوطني للفلاحة بمكناس محورة فعالياته حول التشغيل والتحول الرقمي والآفاق الجديدة للمقاولات الشبابية والناشئة في العالم القروي. وعلى مدى خمسة أيام سيشهد المعرض سلسلة من الندوات العلمية والفكرية بمشاركة أزيد من 100 متحدث حول موضوعات ذات الصلة بالتشغيل والتأهيل وإطلاق المبادرة الخاصة والمقاولة وتمويل المشاريع الفلاحية والبحث والابتكار.
وستشكل هذه الندوات فرصة لتشخيص أوضاع التشغيل في القطاع الفلاحي وقطاع الصناعات الفلاحية والغذائية والقطاعات المرتبطة بها، إضافة إلى مناقشة وتقييم الاستراتيجية الوطنية للتشغيل في المغرب، وتقييم حصيلة سياسات التنمية القروية المتبعة في المغرب بشكل عام، وذلك على ضوء عروض خبراء ومسؤولين وشهادات ونتائج دراسات ميدانية. كما تساهم العديد من الدول المشاركة، كهولندا وسويسرا (ضيف شرف هذه الدورة) وفرنسا وألمانيا، بتنظيم ملتقيات خاصة لعرض تجاربها في مجالات التنمية المستدامة والتشغيل في العالم القروي وكيف قادت الانتقال الرقمي والثورة التكنولوجية في المجال الفلاحي، بالإضافة إلى عرض نتائج برامج التعاون مع المغرب في هذه المجالات. وسيعرف الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس أيضا توقيع العديد من الاتفاقيات الجديدة بين المغرب والدول المشاركة لتعزيز التعاون في المجال الفلاحي.
ومن أبرز المحاور التي ستناقش أيضا خلال هذه الندوات، دور التنظيمات المهنية الفلاحية في إدماج الشباب والنساء (التجميع، التعاونيات الفلاحية، الجمعيات…). وفي هذا السياق ستعرض ألمانيا تجربة قرن الحركة التعاونية، إضافة إلى يةم دراسي خاص بتجربة الشركة التعاونية الفلاحية المغربية كوباك.
كما سيتم التركيز بشكل خاص على بعض القطاعات الواعدة للاستثمار في العالم القروي كتنمية السياحة الفلاحية، والمقاولات التكنولوجية والخدماتية الموجهة للفلاحة، والفرص الجديدة التي تطرحها قطاعات المستلزمات الزراعية ومدخلات الإنتاج الزراعي، وإمكانيات توجيه الشباب ودعمه لاستثمار طاقاته في هذه المجالات.
وستناقش الندواتأيضا مشاكل الشباب القروي في زمن التحول الرقمي ووقع عناصر القطيعة المجتمعية المرتبطة به، وسياسة إعداد التراب من زاوية رؤيا تنمية العالم القروي، ومواضيع سلاسل القيمة وسلاسل الإنتاج الفلاحي، و فرص وآليات الفلاحة المستدامة ومؤشرات قياسها، وإجراءات شهادات الجودة للمنتجات الفلاحة المستدامة والإنتاج البيولوجي، الذي سيحظى بدوره باهتمام خاص لتشخيص وضعه وبحث آفاقه واستعراض تجارب دولية رائدة لاستلهام دروسها.
وتحضر الجامعة المغربية أيضا بكل مكوناتها المهتمة بالمجال الفلاحي من خلال عروض علمية دقيقة على أساس بحوث تطبيقية في مجالات العلوم البيطرية والنباتية والصيدلية الفلاحية والعلوم الاقتصادية والاجتماعية المطبقة على الفلاحة.
ومن مميزات البرنامج العلمي لهذه السنة حضور التوزيع العصري من خلال ندوات خاصة.
وستخصص ندوة كبيرة للقطاع الغير المهيكل في المجال الفلاحي، حيث ستقوم الندوة بتشخيص وضعية القطاع وبحث أسبابه وآثاره على التنمية المستدامة والتشغيل في العالم القروي.
وتحضر الطاقات المتجددة أيضا، من خلال تطبيقاتها القروية والفلاحية، خاصة ضخ مياه الري باستعمال الألواح الضوئية، والكهربة القروية باستعمال المصادر المتجددة، والسياسة الوطنية في مجال النجاعة الطاقية وتطبيقها في العالم القروي.