بعد «اقتحام» محلّ لبيع المجوهرات بالدارالبيضاء! التفاصيل الكاملة لمحاولة السرقة التي كادت أن تتحول إلى جريمة قتل

لم يكن يوم الأربعاء يوما عاديا بالنسبة لـ «ثورية»، صاحبة محل لبيع المجوهرات بقيسارية «الذهايبية» الكائنة بزنقة سميرن، على مستوى قيسارية الحفارين بعمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان بالدارالبيضاء. السيدة وهي في الستينات من عمرها، تكفّلت بتسيير هذا المحل الذي ورثته عن والدها، والذي يعد جزءا أساسيا في حياتها اليومية، وهي التي ألفت حركية المعاملة التجارية مع الزبائن من مختلف الشرائح الاجتماعية، التي تحاول جاهدة أن تجعلهم يحسون بكونهم ليسوا مجرد زبائن عابرين وإنما توفر طقسا اجتماعيا في علاقتها بهم، مبني على الثقة الكاملة وجو من الارتياح.
سيناريو يومي على مدار سنوات، ظل عنوانا لهذا المحلّ التجاري، إلى أن حلّ يوم الأربعاء 11 أكتوبر 2017، الذي سيدفع التاجرة إلى إعادة النظر في جملة من السلوكيات الإنسانية التي كانت تتميّز بها، بعدما وجدت نفسها ضحية ضربة ساطور كادت تودي بحياتها.

زبونة غامضة

على امتداد أسبوع ظلت «ص.ب»، وهي أمّ من مواليد سنة 1988، تتردّد على المحل التجاري لـ «ثورية» مصحوبة بطفلها الذي يبلغ من العمر سنتين و8 أشهر، تارة بهدف انتقاء سلسلة ذهبية، وتارة أخرى من أجل تقديم عربون لها بعد تحديد سعرها، وأخرى من أجل ثقب أذن، وفي يوم آخر من أجل ثقب الأذن الثانية، تردّد لم يكن دافعا للشك في المعنية بالأمر، التي كانت تستقبلها صاحبة المحلّ بكل بشاشة ورحابة، وهي التي باتت زيارتها اليومية انطلاقا من فترة العصر وإلى غاية مغيب الشمس اعتيادية.
زيارات متكرّرة كانت خلالها الزبونة تفتح باب النقاش والتودد مع صاحبة المحلّ، كما هو الحال بالنسبة ليوم ارتكابها للجريمة، إذ حلّت عصر يوم الأربعاء مصحوبة بطفلها، واتخذت لها مكانا وشرعت تتحدث عن مواضيع متعددة لها علاقة بحياتها الخاصة وبتفاصيل الأمور اليومية العامة، وبين الفينة والأخرى كانت تصمت حين يلج زبائن إلى المحل وتنتظر إلى أن يتموا معاملاتهم، أو يكتفوا بالاستفسار والاطلاع على بعض الحلي والمجوهرات المختلفة، لتواصل أحاديثها المختلفة، وهي في خضم ذلك كانت تعد عدّتها لاقتراف جرمها.

ساطور ودم

ظلت «ص.ب» على عادتها خلال تلك الأمسية، لسانها ينطق بغير ما تضمره، منتظرة توقيت الصفر لتنفيذ عمليتها، والتي حدّدت لها موعدا حين ينصرف باقي أرباب المحلات لصلاة المغرب، وهي اللحظة التي تقلّ فيها الحركة إن لم تنعدم.
ترقّب لم يطل بعد أن أذّن المؤذن آذان صلاة المغرب، وطفق التجار يتوجهون صوب المسجد امتثالا، فما كان من الضحية إلى أن استدارت وانحنت لإخراج سجّادتها استعدادا هي الأخرى لأداء الفريضة، هذه اللحظة التي كانت تنتظرها المعتدية بفارغ الصبر، فاستلت ساطورا، من النوع الذي يستعمل في قطع أخشاب الأشجار، وانهالت على ضحيتها بضربة على مستوى الرأس، سقطت معها أرضا بعد أن فارت الدماء منها وسالت على جسدها وعلى الأرض، مصدرة صرخة قوية، كانت كافية للفت انتباه بعض التجار الذين تأخروا عن التوجه للمسجد لسبب من الأسباب، فهبّوا مسرعين لاستطلاع الأمر، وهو ما لم تكن تتوقعه الجانية التي أطلقت ساقيها للريح تريد الهرب تاركة وراءها أداة الجريمة، لكن تمت مطاردتها ومحاصرتها وإلقاء القبض عليها.

اعتقال وإنكار قبل الإقرار

عملية إيقاف المعتدية من قبل بعض تجار قيسارية الذهب بزنقة سميرن مسرح الاعتداء، صادف مرور دورية للسلطة المحلية بمحيط المنطقة، هذه الأخيرة تم إشعارها بالنازلة فتحفّظت على المشتبه بها، وربطت الاتصال بالوقاية المدنية التي عملت سيارتها على نقل الضحية إلى مستشفى بوافي، وهناك وبمصلحة المستعجلات تم تقديم الإسعافات لها ومعالجة جرحها الذي تطلب رتقه بست غرز، والذي لم يكن غائرا مما سمح بإنقاذها.
دورية الإدارة الترابية ربطت الاتصال كذلك بالمصالح الأمنية التي حلّت بمكان الحادث وشرعت في القيام بتحرياتها، حيث تم حجز أداة الجريمة، واصطحاب المشتبه بها إلى مقر المنطقة الأمنية للاستماع إليها ومحاولة الوقوف على تفاصيل الحادث، الذي أنكرت إقدامها عليه في البداية، قبل أن تقّر وتعترف بما اقترفته يداها، وفقا لمصادر «الاتحاد الاشتراكي»، حيث من المنتظر أن تكون قد أحيلت على النيابة العامة يوم الجمعة لمتابعتها بالمنسوب إليها.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 17/10/2017