بعد الدورة الاستثنائية الأخيرة لبلدية بني ملال : انتقادات تتكرر، نقائص تتعمق وانتظارات الساكنة تتأجل إلى موعد غير مسمى ؟

عقد ، مؤخرا ، المجلس الحضري لمدينة بني ملال دورة استثنائية بمقر الاجتماعات بالبلدية ، وتضمن جدولها عشر نقط همت «المصادقة على اتفاقية تفويت (اقتناء) 45 محلا تجاريا بالمركز التجاري بتجزئة الهدى» ، وهي اتفاقية مع شركة العمران تهدف إلى منح حق الاستفادة بالاقتناء لمحلات تجارية بإحدى السويقات بحي الهدى، ويبلغ عددها 45 محلا من أصل 75 بعد أن تم بيع 30 محلا ، مع أداء المجلس لمبلغ 146 مليونا كمساهمة منه . وقد تم التداول في هذه النقطة ولم تخل المداخلات من انتقادات حول سعر المتر المربع والذي حددته الشركة في 6500 درهم للمتر، وهو ما وصفه بعض المستشارين بأنه «سعر مرتفع على اعتبار أن الشركة من جهة شركة مواطنة، ومن جهة ثانية وجب الاخذ بعين الاعتبار مساهمة الجماعة منذ أن كان الوعاء العقاري في ملكية الدولة قبل حيازته من لدن الشركة ، وعبر المجالس المتعاقبة، من خلال إنجاز البنيات التحتية والتبليط للحي بكامله والإنارة … وهو ما يستوجب تخفيض سعر المتر مربع، ليكون في متناول الفئة المستهدفة». و أـشار ممثل الشركة إلى «عدم إمكانية ذلك بسبب اعتماد الشركة للسعر المرجعي الذي لم تتم مراجعته منذ أن حدد سنة 1998 في السعر نفسه، بل إمكانية تحديد آجل مقبول لتسديد الأقساط والدفوعات في أجل 03 سنوات « .
و أثارت مناقشة هذه الاتفاقية، قضايا أخرى كتخوف بعض المستشارين من «اقتناء المحلات لفائدة بائعي الدجاج، وما يترتب عن ذلك من المساس بجمالية الحي، وصعوبة صرف مخلفات ذبيحة الدجاج، إضافة إلى مشاكل أخرى ، وهو ما دفع بالعديد من المستشارين إلى إثارة انتشار النقط السوداء والباعة الجائلين وكل أشكال احتلال الملك العمومي» ، معتبرين ذلك «عنوانا للإعاقة التنموية، والتي أثرت بشكل سلبي على تطور المدينة ومجالاتها وتهيئتها، وكذا الخنق المروي بعدة شوارع وأزقة بالمدينة «، وهو ما دفع كذلك إلى المطالبة بضرورة التفكير في إحداث « سويقات نموذجية» بمواصفات ومعايير حديثة وملائمة للمحيط وللمجال الحضري، وبما يليق بالمدينة كعاصمة للجهة ، وللحد كذلك من الزحف الكبير للعشوائية ومظاهر البداوة، ولانتشار الباعة الجائلين بشكل لافت بكل أرجاء المدينة، بالرغم من محاولات ولاية الجهة وباشوية المدينة، والمجلس البلدي « تحرير الملك العمومي وتحديدا بشارع الرباط، وبالمنطقة المحاذية لأحد المشاريع السكنية الكبرى في حين لم يتم تحرير مناطق تدخل ضمن الملك الخاص بالشوارع وداخل بعض التجزئات».
وقد رد رئيس المجلس» بكون هذه الظاهرة لم تسلم منها جل المدن المغربية مع فارق واحد يتمثل في عدم مراعاة مدبري مجال التعمير والمكلفين بالمصادقة داخل اللجن على التصاميم، لتخصيص أوعية عقارية لإحداث مجالات تجارية لامتصاص من ينجم عن هذه الظاهرة من أعطاب وصعوبات تنموية للمدينة ولمستقبلها».
ولم تخل الدورة كذلك من احتدام النقاش حول «دعم الجمعيات « ، والتي بلغ عددها 55 جمعية : اجتماعية، رياضية وثقافية … حيث تبادل بشأنه بعض المستشارين التهم في ما يتعلق ب»المعايير التي اعتمدت في توزيع المنح على الجمعيات»، واعتبرها البعض «غير منصفة وخاضعة لأسلوب المحاباة»، وأكد أحد المستشاري «أن المجتمع المدني يحتاج إلى اكثر من الدعم المادي وعدم مصاحبته وتطوير قدراته ظلم كبير» ، مقابل تشديده على «أن المال العام يقتضي التعامل معه بشفافية ووضوح ودون استحضار للخلفية الانتخابية أو الزبونية»، مطالبا ب»ضرورة مراقبة السلطة لكل آليات وطرق صرف منح دعم الجمعيات».
وجاءت ردود فعل أعضاء اللجنة المكلفة بذلك متشنجة ، حيث أشاروا إلى ما وصفوه ب «التناقض الصارخ في تدخلات بعض الأعضاء، المشاركين في النقاش داخل اللجن وموافقتهم على التوصيات والمخرجات، ليتحولوا فجأة إلى منتقدين لما راج داخل اللجنة»، متسائلين «عن أسباب الفرق بين المشاركة في اللجن وفي الدورة؟ «
و تمحورت النقطة الأولى والتي تمت مناقشتها خلال الدورة، رغم إدراجها في الخانة السابعة من جدول الأعمال، حول الدراسة والتصويت على الملحق الخاص بالصفقة عدد 2013/26 الخاص بالتدبير المفوض لقطاع النظافة بجماعة بني ملال، حيث كان النقاش المبطن سيد الموقف، فضلا عن الحديث عن التراجع الملحوظ في طريقة تدبير جمع النفايات والأزبال من طرف الشركة المكلفة، والتأخر في جمعها وما يترتب عن ذلك من مشاكل وانتشار للروائح الكريهة المضرة بصحة السكان.
و تحدث رئيس المجلس في رده عن «سبب تأخير إنجاز وتحيين دفتر التحملات المرتبط بقطاع النظافة» مشيرا إلى « التأخر الحاصل من طرف الوزارة والمرتبط بدراسة الجدوى».
و تطرق أحد المستشارين إلى « عدم تنزيل منشور الوزير الأول رقم 98/03/ بتاريخ 11 دجنبر 1998 ومنشور الوزير الأول رقم 2008/4 بتاريخ 22 أبريل 2008 والداعي إلى استعمال اللغة العربية أو الأمازيغية بدل اعتماد اللغة الفرنسية في صياغة التعاقدات» وهو ما اعتبره المستشار « أخطاء دستورية غير مقبولة».
واعتبرت باقي النقط المدرجة بجدول أعمال الدورة «لا ترقى إلى مستوى طموحات وانتظارات سكان المدينة، ومجرد قضايا محدودة، وعلى سبيل المثال تسوية وضعيات كرائية للخواص ، منح تعويضات لفرق تنشيط الأحياء الستة المستهدفة برسم سنة 2017 في إطار المبادرة المحلية للتنمية البشرية؟ وكذا تعويض عضو فريق التنشيط بحي أولا عياد المستهدف برسم سنة 2018 « وهو ما اعتبره البعض «هدرا للزمن الجماعي والمالي…».
ولم تخرج باقي النقط عن نفس المنحى، كالمصادقة على اتفاقية الشراكة الخاصة بأشغال بناء سويقة « تامكنونت « الشطر الثاني من برنامج 2018 في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية . وقد أثارت النقطة المرتبطة بتعديل اتفاقية الاستشارة القانونية والدفاع عن المصالح القضائية للجماعة أمام المحاكم المغربية، نقاشا عاما وسط المتتبعين للشأن المحلي، خصوصا بعد الحجز على ميزانية الجماعة وحجوزات أخرى همت أرصدة عقارية مهمة في ملكية الجماعة، ومطالب بتعويضات مالية للمتضررين، بعد صدور أحكام قضائية لصالح بعض الخواص، وكذا الحجز على عقار بقيمة تفوق المليار سنتيم أقيم عليه المسبح البلدي سابقا، وبلغ حد تحفيظه لفائدة أحد المدعين بعد أن قام بالحجز عليه. وتطرح هذه الدعوى أكثر من علامة استفهام، حيث يتساءل المتتبعون عن السر من وراء نهج أسلوب التراخي في التعامل مع المساطر والإجراءات القانونية المعتمدة، بل وحسب بعض المصادر، فإن «الأمر يبلغ أحيانا حد التواطؤ، وترك الحبل على الغارب، وهو ما يستدعي أن تكون جميع الملفات محط تحقيقات دقيقة ومعمقة».


الكاتب : حسن المرتادي

  

بتاريخ : 31/12/2018