بعد تسجيل حوالي 60 حالة وفاة في 2009 .. أول حالة وفاة بأنفلونزا الخنازير بعد 10 سنوات من دخول الفيروس إلى المغرب

لم يمهل القدر يسرى، الزوجة والأم، طويلا، وفارقت الحياة صباح أمس الاثنين 28 يناير 2019، على سرير بمستشفى الشيخ خليفة بالدارالبيضاء، الذي تم نقلها إليه من مصحة خاصة بفاس، التي كانت قد ولجتها خلال الأسبوع الفارط على إثر إصابتها بأعراض الأنفلونزا الموسمية المصحوبة بالحمى، وهي في طريقها إلى العاصمة العلمية رفقة زوجها وطفليها لزيارة أسرتها، إلا أنه ونتيجة لعدم تحسن وضعها الصحي، وعدم تحديد طبيعة المرض الفعلي الذي ألمّ بها، تم توجيهها إلى الدارالبيضاء، وهناك تم اكتشاف أنها أصيبت بفيروس» H1N1 «المعروف بأنفلونزا الخنازير، وفقا لتصريح زوجها سعيد، الذي كان يتحدث لـ «الاتحاد الاشتراكي» والدمع يفيض من مقلتيه وأنين ألم الفراق يفرمل كلماته وهو يهم بالدخول إلى مستودع الأموات للإطلالة على زوجته التي وافتها المنية.
الضحية التي تبلغ من العمر 34 سنة، أسلمت روحها لبارئها بعدما انتصر المرض عليها، في ظرف زمني وجيز، لتكون بذلك أول ضحية للفيروس القاتل الصامت بعد 10 سنوات من دخوله إلى المغرب لأول مرة في 2009، الذي فتك آنذاك بأرواح حوالي 60 شخصا من مختلف الأعمار، وفقا للإحصائيات الرسمية، من الرضع والمسنين والحوامل، وكذلك من الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة كالربو، الضغط الدموي، أمراض القلب والشرايين وغيرها، باعتبارهم الفئة الهشة والأضعف أمام الفيروس، الذين يكون وقعه عليهم أكبر إذا لم يخضعوا للتلقيح السنوي، إذ ومباشرة بعد انخراط جمعي في عملية التلقيح خبت جذوته وتراجع الحديث عنه خلال كل هذه السنوات التي تعاقبت إلى أن استفاق الجميع على وقع الخبر الأخير المفجع.
وزارة الصحة لم تصدر إلى غاية ظهر أمس الاثنين أي بلاغ في الموضوع، واكتفت ببلاغ الأحد الفضفاض الذي أشار إلى «أن الوضعية الوبائية لمختلف فيروسات الأنفلونزا الموسمية ببلادنا هي جد عادية ولا تدعو للقلق»، مع توجيه عدد من الإرشادات الوقائية، ولم تسلط الضوء على حالة الراحلة يسرى، التي غادرت الدنيا وتركت طفلين صغيرين يتيمين، إلى جانب الرضيع الذي تم استخراجه من بطنها بالمستشفى المذكور من خلال ولادة قيصرية، الذي يرقد بإحدى الحاضنات لكونه لم يتمم نموه ولا يزال في شهره السابع، وهو ما يعني مصاريف مالية أخرى مطالب الزوج الذي فقد زوجته بتسديدها.
حالة الوفاة هذه خلقت جملة من علامات الاستفهام حول الكيفية التي أصيبت بها الراحلة يسرى بالفيروس، وإن كان للأمر صلة بطبيعة الممارسة المهنية التي كانت تمارسها رفقة زوجها بدرب السلطان وعلاقتهما المباشرة بعدد من مرتادي محلّهما المتواجد بمحيط سوق الغرب «اجميعة»، ومدى إمكانية أن تكون العدوى قد أصابت أشخاصا آخرين، سواء على مستوى محيطها الأسري، أوبمقر العمل، أو بالوسط الصحي الذي تواجدت به سواء في فاس أو الدارالبيضاء، وما هي سبل تطويق أية أزمة صحية محتملة، خاصة وأن الفيروس سهل الانتشار، وقد تسبب في فرنسا في وفاة 6 ضحايا، هذا في الوقت الذي تنعدم فيه أية آليات تحسيسية تواصلية من طرف الجهات المختصة، التي من المفروض أن تقوم بها عند كل موسم خريف من أجل حث المواطنين المعرضين بالخصوص لتبعات صحية وخيمة بسبب الفيروس على الخضوع للتلقيح، الأمر الذي تسجل بشأنه عدة ملاحظات ويتسم بالضعف سنة تلو أخرى.
هذاوتعيش منطقة درب السلطان وسيدي معروف بالدارالبيضاء وكذلك مولاي يعقوب بفاس على إيقاع الحزن، الذي شاطره المغاربة قاطبة مع أسرة الفقيدة يسرى، التي كان خبر مرضها مفاجئا وخبر رحيلها صادما.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 29/01/2019