بعد وفاة مريضة وإصابة ممرضة وسائق سيارة إسعاف

الممرضون يدعون إلى تنظيم النقل الصحي وتأطيره قانونيا حفاظا على أرواح المواطنين والمهنيين

 

ندّدت الجمعية المغربية لممرضي التخدير والإنعاش بعدم تدخل كل الجهات المختصة والمعنية من أجل معالجة الاختلالات المتعلقة بالنقل الصحي، وذلك على إثر تسجيل حادثة جديدة بين مستشفى القرب أحمد بن إدريس الميسوري بأوطاط الحاج والمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، على مستوى مدينة ميسور، حوالي الساعة الثالثة والنصف من صباح اليوم الأول من السنة الجديدة، مما تسبب في وفاة المريضة وإصابة ممرضة التخدير التي كانت ترافقها بإصابات خطيرة على مستوى الوجه، إلى جانب إصابة باقي المرافقين والسائق، التي توزعت ما بين إصابات بليغة ورضوض طفيفة.
عبد الإله السايسي، رئيس الجمعية، أكد في تصريح خصّ به «الاتحاد الاشتراكي»، أن عملية نقل المرضى من المؤسسات الصحية تشوبها معيقات ومشاكل لا حصر لها، خاصة انطلاقا من المستشفيات المحلية أو القرب، بحكم افتقارها لتخصصات طبية معينة، وتوفرها على تجهيزات تحسب على أصابع اليد الواحدة، إذ في ظل خصاص الأطقم والأطر الطبية بها يتم توجيه المرضى صوب مراكز استشفائية تستجيب للمعايير التي تستدعيها الحالة المستعصية، تماشيا واستراتيجية وزارة الصحة التي حددت مسار التحويلات وخلقت مراكز التنظيم والتكفل بالمرضى.
وأوضح السايسي، أنه بمجرد اتخاذ قرار التحويل أوالتوجيه، تبدأ عملية التنقيب عن سيارة الإسعاف واللوجيستك والموارد البشرية لمرافقة المريض، في غياب تام لأي برنامج استعجالي أو مصلحة متخصصة، كما تنص على ذلك التوصيات العالمية والعلمية، التي تحث على وجود فريق طبي متكامل، من طبيب ومنسق ومنظم للعمليات وممرضين وتقني إسعاف، إضافة إلى سيارات إسعاف مجهزة، وأخرى للحالات الاستعجالية التي تتطلب معدات بيوطبية متقدمة، مؤكدا أن أغلب المستشفيات المحلية تقوم بتحويل حالات متعددة يوميا إلى المستشفيات الجهوية والجامعية، طلبا لعلاجات متقدمة، في ظل تكليف الممرض بذلك وتحميله أكثر من طاقته.
وشدّد رئيس الجمعية المغربية لممرضي التخدير والإنعاش على أن أسطول سيارات الإسعاف الخاص بوزارة الصحة بجل المستشفيات محدود، في حين أن أسطول الجماعات الترابية يعاني النقص ويفتقر للمعدات والتجهيزات، وتنضاف إلى هذه المشاكل معضلات أخرى، تتمثل في صعوبة الطرق وتردي البنية التحتية في عدد من المناطق التي تتميز بالوعورة إلى جانب مشاكل الطقس، خصوصا خلال التساقطات المطرية والثلجية التي تزيد من صعوبة مرور سيارة الإسعاف، وتجعل السكان في عزلة تامة، دون إغفال عامل آخر يتمثل في حوادث تعطل سيارات الإسعاف خلال أداء مهمتها، وغياب الصيانة والمراقبة الميكانيكية للعربات، وهي الأمور التي اعتبرها المتحدث، حواجز تعرقل وصول المريض إلى العلاج في الوقت المناسب.
وأكد السايسي أن الجمعية تتوصل بالعديد من الشكايات والملاحظات المتعلقة بمعضلة النقل الصحي، داعيا إدارة المستشفيات إلى عدم الاستمرار في نهج سياسة العرف والعادة، واعتماد ما وصفه بالاجتهاد من خلال تعيين بعض المراكز لممرض التخدير مسؤولا عن النقل الصحي، والمولدة مسؤولة عن نقل الحوامل، تحت ذريعة الخصاص في الموارد البشرية، خلافا للقطاع الخاص وشركات التأمين التي تشترط وجود طبيب وممرض. وأبرز رئيس «أميار»، أن الحديث عن النقل الصحي يرتبط في مخيلة الممرضين عامة بمرارة الخوف والتضحية، في ظل فراغ كبير على المستوى العلمي العملي والتنظيمي، لأن الوجهة غير مضبوطة وغير مضمونة، ولكون هذه العملية تتم في جل الأوقات بطريقة فوضوية وترقيعية، بسبب غياب برنامج محكم التنظيم وانعدام التنسيق بين المستشفيات من أجل استقبال الحالة والاستعداد لذلك، مشددا على أن المريض والممرض يعتبران الحلقة الأضعف في هذه العملية، فضلا عن كون التعويضات عن خدمات النقل الصحي بالنسبة للأطر الصحية لا تتجاوز 120 درهما نظير مئات الكيلومترات يحرم منها العديد بحجة عدم الجمع بين تعويضين، وساعات من السفر المفتوحة على كل الاحتمالات والمخاطر!
وكانت الجمعية قد دعت إلى ضرورة إخراج قانون النقل الصحي دون تمييز بين القطاعين العام والخاص، والعمل على إحداث دفاتر تحملات تضمن الحد الأدنى لجودة سيارات الإسعاف ومراقبتها وصيانتها وتجهيزها، كما اقترحت تشكيل لجنة وطنية مستعجلة لليقظة الصحية، لتجاوز اختلالات النقل الصحي في انتظار إحداث ترسانة قانونية ملائمة وبطريقة تشاركية لكل الفاعلين في القطاع، مع الالتزام بالمذكرات الوزارية وتفعيل وحدات النقل الصحي المستقلة بموارد بشرية مختصة وتجهيزات المراقبة والتدخلات الاستعجالية.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 04/01/2020