بلاد إقليم دكالة 22

إن لفظ دكالة لا يعني القبائل التي سكنت أو تسكن المنطقة بل يعني المنطقة، حيث نجد الأستاذ محمد شفيق يقول في مجلة البحث العلمي عدد 27 لسنة 1977 م إن لفظة دكالة نطق مصمودي وهي كلمة مركبة تجزأ كالتالي: دو بمعنى الأسفل
وكال بمعنى الأرض لذلك تكون الكلمة عند جمعها بمعنى الأرض المنخفضة- دو كال- ولا شك أن هذه التسمية تجد مبررا لها في انخفاض أراضي المنطقة بالنسبة لجبال الأطلس الكبير والجبيلات المجاورة.
في واقع الأمر فإن لفظ «دكالة» لا يعرف له معنى واضح ومحدد ولا متى بدأ استعماله، فابن قنفذ الذي زار المنطقة سنة 769 هجرية واستعمل اللفظ، ذكر أن القليل من سكانها يتكلم العربية، فلعله لفظ بربري عرف تحويرا في النطق كما حصل بالنسبة لعدد من الأسماء مثل «مشنزاية». وعلى كل حال، لم يكن اسم دكالة يطلق على القبائل قبل الإسلام، ولم يرد بين الأسماء التي ذكرها المؤرخون الإغريق والرومان . ولم يذكر البكري الاسم، وجعل ابن خلدون المنطقة إلى حدود آسفي تابعة لبرغواطة، في حين أن البعض جعل امتداد بلاد تامسنا يشمل ما يعرف اليوم بدكالة وعبدة.
وقد سادت بين الناس عدة تفسيرات لكلمة دكالة، نذكر من بينها التفسير القائل إن كلمة دكالة تحريف لكلمة دخلاء، ويعني بذلك أصحاب هذا التفسير القبائل الهلالية العربية التي استوطنت المنطقة . وتفسير آخر يجعل الكلمة ذات أصل برتغالي مركبة من كلمتين dos أي اثنان ثم calas أي رجل وبجمعهما يكون المعنى هو رجلان ويقول أصحاب هذا التفسير إن البرتغال أطلقوا على الرجل الدكالي هدا الاسم نظرا لقوته الجسمانية، إلا أن هذا التفسير غير صحيح لكون لفظة calas لم تعرف في القاموس البرتغالي عند وصول البرتغال إلى الموانئ المغربية، أما التفسير الأول فليس هناك ما يدعمه في المصادر القديمة، لذلك نحتفظ بالأصل الأمازيغي للكلمة لأنه يجد ما يبرره في جغرافية المنطقة.
لقد تغيرت حدود دكالة على مدى الفترات التاريخية المتتالية، والظاهر أن دكالة قديما شملت أكبر بكثير من دكالة الحالية، لذلك نجد الحسن ابن الوزان وقبله ابن خلدون والإدريسي يجعلون المنطقة ممتدة بين جبال الأطلس ونهر أم الربيع وتانسيفت والمحيط ونجود الكندور، لقد أعطى الوزان لهذه المنطقة الحدود التالية: تبتدئ ناحية دكالة من تانسيفت غربا، وتنتهي على شاطئ المحيط شمالا، وعند وادي العبيد جنوبا، وأم الربيع غربا. تمثل هذه الناحية مسيرة نحو أربعة أيام طولا ويومين عرضا، وهي آهلة جدا بالسكان… «وقد لوحظ خلط في الحدود لبلاد دكالة لما جاء به الوزان باعتبار أن نهر أم الربيع في شمالها، وجنوبها تانسيفت وغربها البحر المحيط ويمكن حدها شرقا بالجبل الأخضر وجبال بني ماكر. وكانت دكالة تنقسم إلى منطقة «صنهاجة آزمور» شمالا، ودكالة جنوبا ثم في فترة الاستعمار البرتغالي قسمت إلى قبائل شرقية وأخرى غربية… وابتداء من القرن الثامن عشر قسمت المنطقة إلى قسمين «دكالة البيضاء في الشمال «وهي دكالة الحالية و«دكالة الحمراء في الجنوب « وتعرف اليوم باسم عبدة.
القنصل الفرنسي لويس دو شونيي حدد المنطقة في القرن الثامن عشر على النحو التالي: من ناحية الشرق هسكورة والرحامنة، ومن ناحية الجنوب عبدة، ومن ناحية الشمال تامسنا. ويرى مارمول أن الفاصل مابين الشمال والجنوب هو ثلاثون مرحلة أي أنها تقع تقريبا على 7700كلم مربع طولها 170 إلى 180 كلم، وعرضها حوالي 120 كلم في الشمال و30 – 35 كلم بالجنوب وقد عبر آخرون عن هذه المسافات بطرق أخرى مثل الوزان الذي ذكر أن هذه المسافة تقطع في أربعة أيام…
وبالإطلاع على العديد من المصادر نجدها تشير إلى أن المنطقة كانت تكسوها الغابة ويذكر حانون القرطاجي في رحلته أن منطقة الواليدية كانت مكسوة بالغابة في الداخل وبالقصب عند الساحل البحري الذي تعيش قربه الفيلة.


الكاتب : أحمد مسيلي

  

بتاريخ : 22/06/2018