بمناسبة انعقاد الملتقى الدولي الثاني حول «إعادة النظر في النموذج التنموي لمواكبة التطورات التي يشهدها المغرب»

الكاتب الأول إدريس لشكر : الاتحاد الاشتراكي استند في بلورة تصوره التنموي
إلى التراكمات النضالية والسياسية المهمة التي تبرزها أدبيات الحزب ووثائقه
العمل من أجل نموذج تنموي جديد مسألة استراتيجية تستلزم الجرأة في الطرح والشجاعة في المقاربة
محو الفوارق الطبقية وإرساء نموذج تنموي عادل ومنصف، يمر عبر تكافؤ الفرص في التعليم

 

وجهت وزارة الاقتصاد والمالية دعوة إلى الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بمناسبة عقد الملتقى الدولي الثاني حول «إعادة النظر في النموذج التنموي لمواكبة التطورات التي يشهدها المغرب « استجابة للنداء الملكي لأجل إطلاق حوار وطني جاد وموضوعي، والتي نظمت يومي الجمعة والسبت بالمركز الدولي للمؤتمرات محمد السادس بالصخيرات، حيث نظمت ثلاث موائد مستديرة لاستعراض تصور الفاعلين المؤسساتيين والأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني والباحثين والأكاديميين وكذا الشركاء الوطنيين والدوليين.
وقد انخرط الاتحاد الاشتراكي في هذه الدينامية التي تعرفها بلادنا، حيث قدم الكاتب الأول، في كلمة ألقاها نيابة عنه الأخ أحمد العاقد، التصور التنموي للحزب المستند إلى التراكمات النضالية والسياسية المهمة التي تبرزها أدبياته ووثائقه حول المشروع التنموي، خاصة منذ المؤتمر الوطني الثامن سنة 2008 ، وكذا إلى التعبئة المتواصلة للطاقات والكفاءات الحزبية، والانفتاح على الخبراء المغاربة والأجانب لتمحيص النظر في النموذج التنموي الحالي وابتكار نموذج جديد يوازي بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، محددا المرتكزات الرئيسية لهذا التصور.

 

أكد الأخ الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر، في كلمة ألقاها نيابة عنه الأخ أحمد العاقد، أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية انخرط فعليا في الدينامية الإصلاحية الشاملة التي يشهدها المغرب والتي طبعتها دعوة جلالة الملك كافة المتدخلين والمعنيين إلى بلورة نموذج تنموي جديد وفق مقاربة تشاركية ومندمجة. وقد أبرز الأخ الكاتب الأول، بمناسبة انعقاد الملتقى الدولي الثاني حول «إعادة النظر في النموذج التنموي الجديد لمواكبة التطورات التي يشهدها المغرب» الذي نظمته وزارة الاقتصاد والمالية وجمعية أعضاء المفتشية العامة للمالية، أن الحزب تفاعل بشكل عميق مع السمات البارزة التي أكد عليها الخطاب الملكي بالمؤسسة التشريعية بتاريخ 13 أكتوبر 2017، والتي تتمثل أساسا في السعي إلى إقرار نموذج تنموي متوازن ومنصف قادر على الحد من الفوارق الاجتماعية والتفاوتات المجالية وضمان العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
وأوضح الأخ الكاتب الأول، ضمن وقائع المائدة المستديرة الثانية المتمحورة حول «أية رؤية سياسية للنموذج التنموي الجديد؟»، أن الاتحاد الاشتراكي استند في بلورة تصوره التنموي إلى التراكمات النضالية والسياسية المهمة التي تبرزها أدبيات ووثائق الحزب حول المشروع التنموي، خاصة منذ المؤتمر الوطني الثامن سنة 2008. كما استند إلى التعبئة المتواصلة للطاقات والكفاءات الحزبية، والانفتاح على الخبراء المغاربة والأجانب لتمحيص النظر في النموذج التنموي الحالي وابتكار نموذج جديد يوازي بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية. وفي هذا الصدد، ذكر بالنتائج القيمة لليومين الدراسيين اللذين نظمهما الحزب: اليوم الدراسي حول «النموذج التنموي الجديد» تحت شعار «دولة عادلة قوية .. مجتمع حداثي متضامن» بالصخيرات بتاريخ 19 أبريل 2018، واليوم الدراسي حول «الجهوية واللاتمركز» تحت شعار «مغرب الجهات: ضرورة تاريخية، وطنية وديمقراطية» بالمحمدية بتاريخ 21 شتنبر 2018.
وفي هذا اللقاء الذي سيره الأستاذ عبد الله ساعف بمشاركة الأمناء العامين وممثلين عن الأحزاب السياسية، اعتبر الأخ الكاتب الأول أن العمل من أجل نموذج تنموي جديد مسألة استراتيجية تستلزم الجرأة في الطرح والشجاعة في المقاربة من أجل وضع مشروع متكامل يمكن من توفير شروط الجاذبية الاستثمارية والعدالة الترابية والتضامن الاجتماعي.
ودعا بالمناسبة إلى إرساء دعائم صلبة للتوزيع العادل للثروة وتقليص الفوارق الطبقية وإفراز نسيج مجتمعي متماسك من خلال بلورة تعاقد اقتصادي ذي بعد اجتماعي بجيل جديد من الإصلاحات.
وفي تحديده للملامح الأساسية لمشروع النموذج الشامل والمندمج، أكد الأخ الكاتب الأول على ضرورة اعتماد خمسة مرتكزات يراها حزب الاتحاد الاشتراكي أساسية لمواكبة التطورات التي يعرفها المشهد الدولي ومسايرة التحولات البنيوية والذهنية للمجتمع المغربي. يتعلق المرتكز الأول بدعم الإطار المؤسساتي الذي سيمكن من تقوية دور المؤسسات لإسناد النموذج الاقتصادي والاجتماعي، والذي يتطلب إصلاحات قوية من أجل تمثيلية سياسية حقيقية في كل الهيئات المنتخبة من خلال المراجعة الشاملة للمنظومة الانتخابية. كما يقتضي تعزيز الإطار المؤسساتي الحرص على تفعيل المقتضيات الدستورية، ودعم الجهوية واللاتمركز، وتوفير الشروط المادية والتقنية اللازمة للقضاء المستقل والناجع.
ويرتبط المرتكز الثاني بالإصلاحات الاقتصادية التي ستتيح استرجاع المبادرة الوطنية في مجال التدبير المالي والاقتصادي من أجل الاستثمارات في خدمة الإنتاج والتصنيع والتوجه نحو الاستثمارات المنتجة لمناصب الشغل. وهو ما يدعو إلى الحد من المضاربات والاحتكارات ومصالح الريع عبر تغيير شامل في مناخ الاستثمار، وتسهيل عمل المقاولات الصغرى والمتوسطة، والإدماج التدريجي للقطاع غير المهيكل، وتقوية الشراكات بين القطاع العام والقطاع الخاص. ويتطلب الإصلاح الاقتصادي إرساء منظومة تدعم الآليات الاجتماعية الرامية إلى الإسهام الفعلي في حل المعضلات الاجتماعية وتكريس التماسك المجتمعي عبر تحقيق مبادئ العدالة والتضامن وتكافؤ الفرص للجميع.
ويتعلق المرتكز الثالث بمعالجة الأولويات الاجتماعية من خلال توفير العدالة الاجتماعية واللغوية لكافة فئات الشعب المغربي عبر ضمان مجانية التعليم كالتزام وتعاقد من طرف الدولة مع المجتمع، وتمكين الجميع من الولوج للعلم والمعرفة المتقدمة والإلمام باللغات الأجنبية.
فمحو الفوارق الطبقية وإرساء نموذج تنموي عادل ومنصف، يمر عبر تكافؤ الفرص في التعليم لتمكين كل أبناء الشعب من الحصول على أدوات المعرفة ذاتها وبنفس الطريقة والوسيلة. كما يتعين إيلاء أهمية قصوى لإصلاح أنظمة الحماية الاجتماعية وتوسيعها وتطويرها والتخلي عن المنظور الظرفي الذي يحكمه منطق المساعدات الاجتماعية والتدخل الإحساني.
وبعد ذلك، حدد الأخ الكاتب الأول محددات المرتكزين الرابع والخامس المتعلقين بالمشروع المجتمعي والثقافي واللذين يشكلان عاملا حاسما في عملية التحديث والتقدم ويجعلان المشروع التنموي الجديد خطوة مهمة وجادة في طريق النهوض الفعلي بأوضاع النساء والإدماج الحقيقي للشباب والفئات الهشة. وسيمكن هذا الأمر أيضا من المحافظة على التعدد والتنوع في إطار وحدة الهوية الوطنية، وتقوية الحق في الحرية، وتعزيز الإبداع الحر وثقافة الاختلاف وروح التعايش والانفتاح على الآخر.
وفي الأخير، أوضح الأخ الكاتب الأول أن النموذج التنموي الذي يطمح إليه المغرب لن يتحقق مدلوله الكامل إلا بالحفاظ على الأمن والاستقرار الذي تنعم به بلادنا والدفاع عن المصالح الوطنية، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية. وشدد على أن المغرب اليوم بصدد التشييد لمنعطف تاريخي في مسيرته الطويلة من خلال وضع نموذج تنموي ناجع يسمح للجميع أن يتقاسم نفس الحياة، ويتيح لأجيال المستقبل أن يستشعروا نفس الأمل في غد أفضل.
وتجدر الإشارة، كما أكد على ذلك مسير المائدة المستديرة الأستاذ عبد الله ساعف، إلى أن الأمناء العامين وممثلي الأحزاب السياسية المشاركة (حزب الاتحاد الاشتراكي، حزب الاستقلال، حزب التجمع الوطني للأحرار، حزب العدالة والتنمية، حزب الأصالة والمعاصرة، حزب التقدم والاشتراكية) يجمعون على المداخل الكبرى لإرساء النموذج التنموي الجديد المرتبطة بمواصلة الإصلاحات المؤسساتية ودعم القدرات الاقتصادية، مع بروز تقاطعات كبيرة بين التصورات السياسية حول الأولويات الاجتماعية وضرورة العمل على تحقيق التضامن والعدالة وتكافؤ الفرص.


بتاريخ : 22/10/2018