تباشرها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التابعة للدرك الملكي… تحقيقات ببلدية بني ملال وحديث عن تلاعبات واختلالات

عرف مسار التحقيقات التي تباشرها الفرقة الوطنية التابعة للدرك الملكي ببني ملال، بخصوص المجلس البلدي، استجواب أزيد من 60 شخصا لهم علاقة بموضوع الشكاية التي توصلت المصالح القضائية بها ، وقد تم طرح العديد من التساؤلات المثيرة بشأنها، منها على وجه الخصوص عدد المستجوبين وطبيعة الأسئلة الموجهة لهم، وهل هي مجرد أسئلة أم استنطاق يتعلق بتوجيه اتهامات محددة ؟ والأسئلة المثيرة في القضية هي المرتبطة بجلسات الاستماع إلى أقارب وزوجات مسؤولين منتخبين وإداريين وتقنيين، والتي تفيد التقارير أنها تناولت الممتلكات والأرصدة التي تمت مراكمتها في ظرف وجيز وبطرق غامضة لبعض المستجوبين ومنهم على وجه الخصوص قريبات من منتخبين ومسيري الشأن العام المحلي، وتقنيين، وممولين يستحيل معها مراكمة أرصدة وعقارات وبناء فيلات بالاعتماد على أجرة شهرية لا تفي بالحد الأدنى للعيش وبالأحرى بناء فيلات وأرصدة بنكية مهمة.

وفي ارتباط بالتحقيقات المشار إليها ،شوهدت طائرة من نوع هيلوكبتر تابعة للدرك الملكي وهي تحلق على مسافة جد قريبة من المدينة، ومحيطها، واعتبر المتتبعون ذلك بمثابة عملية تقص ومسح للمجال العمراني ورصد جوي للتشوهات والمخالفات المجالية، وأحزمة البناء العشوائي والانتخابوي الذي عرفه وسط المدينة وعلى مستوى كل الجهات المحيطة بها.
بالعودة إلى مضمون الشكاية الموجهة إلى الوكيل العام لدى محكمة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء من أجل «اختلاس وتبديد أموال عمومية، والغدر والتزوير، واستغلال النفوذ والاغتناء والكسب غير المشروع « ، وهي بالطبع تهم حددتها الجهة المشتكية في انتظار تكييف هذه التهم من لدن النيابة العامة بمساعدة سلطات الاتهام بكل تراتبيتها ، فقد وجهت هذه التهم لرئيس المجلس البلدي، وطالب محركو الشكاية المحققين بالتقصي والافتحاص لمجموعة من القضايا التي اعتبروها خروقات كبيرة وخطيرة ومقصودة، وجب أن تكون محط تدقيق ، ومنها على وجه الخصوص لا الحصر :
1. الثمن التقييمي للأرض المملوكة للمجلس والتي تم تفويتها لإحدى الشركات العقارية بالمدينة حيث حددت اللجنة المكلف الثمن النهائي في 3000,00 درهم ليتم تفويتها بـ 1200,00 ، أي أقل من نصف السعر الذي حددته اللجنة ، وهو ما اعتبرته الشكاية تخفيضا دون سند قانوني، مما أدى إلى حرمان ميزانية البلدية من حوالي 27 مليار سنتيم.
2. التواطؤ مع منعشين عقاريين من أجل قبول التأشير على أقل تكلفة للمشاريع المنوط إليهم إنجازها مقابل السماح لهم بالتلاعب في كميات المواد المستعملة وتخفيضها.
3. ضرب مبدأ المنافسة في الصفقات العمومية، وهو ما اعتبرته الشكاية تمريرا لصفقات اقتناء مواد البناء بكيفية مخالفة للقانون ولمقاولة واحدة ذكرت بالاسم (ش.ب)، وتضيف الشكاية أن ما هو أخطر أن هذه الصفقات مجرد حبر على ورق، حيث يتم التواطؤ مع صاحبها بعدم تسليم المواد المطلوبة أو التخفيض من كميتها. وحددت الشكاية الصفقات التالية : رقم 12/2011 و 10/2011 و 15/2010 و 18/2011 و 12/2013 و 14/2013 وهو ما شددت عليه الشكاية واعتبرته نموذجا صارخا على الغدر والاستهتار بالمال العام.
4. تبديد أموال الصفقات. وأشارت الشكاية إلى ما اعتبرته نموذجين على سبيل المثال لا الحصر :
* صفقة الشركة العقارية : إذ لم يتم حسب ما ورد في الشكاية مطالبة الشركة بتسديد مبلغ 7 ملايير درهم المتفق عليه، وهو المبلغ الذي يشكل الفرق بين المساحة الحقيقية والمساحة المضمنة بالعقود، وتم التحايل على ذلك باقتراح جلب المنعش العقاري للشركة المكلفة بالبستنة والتشجير لطمس معالم المساحة المتبقية، والتي سيتم تحويلها في ما بعد إلى تجزئة أعد لها استثناء في مجال التعمير وتحولت إلى منطقة سكنية اقتصادية من سفلي وطابقين وشرع في بيعها للعموم.
5. صفقة أشجار التصفيف منحت لأحد المقاولين تحضيرا للزيارة الملكية الأخيرة بمبلغ مليار ونصف لم تلائم حجم طبيعة الصفقة، حيث لم ينجز منها سوى غرس بعض الأشجار في بعض المناطق بالشوارع.وهو ما اعتبرته الشكاية وقائع مخالفة يجب المساءلة عليها.
كما تضمنت الشكاية أمورا تتعلق بالتلاعب في الصفقات العمومية بمعية الغير، مثل عملية احتساب الرسوم الجبائية وتزوير الإقرارات المتعلقة بها، ومنح إعفاءات بالجملة دون سند قانوني، لبعض الوداديات السكنية بالتجزئات ولأصحاب الإقامات والمشاريع الكبرى. وتضيف الشكاية أنه تم إعداد وصيل يعرف بـ أ 4 يسلمه المعنيون بالأمر للصندوق بدلا من الأداء، وهو ما يحرم خزينة البلدية من مداخيل مستحقة.
ولم تقف الشكاية عند التلاعبات المذكورة سلفا، حيث أشارت كذلك إلى ما «اعتبرته إخلالا سافرا وتلاعبا بالمال العام مثل التلاعب بأموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والرخص التجارية وميزانية الوقود وقطع الغيار، واستفادة سيارات بعينها من الوقود ….» كما أشارت الشكاية في ذات الموضوع إلى تزوير وثائق التعمير وتحويل معالم تجزئات بغير وجه حق، إضافة إلى التوقيع على تصميم لا حق له في التوقيع عليه، كما ذكرت خبايا أخرى بالتفاصيل نذكر منها :
– عرقلة المساطر القضائية المقامة ضد المخالفين لقوانين البناء والتعمير، بإصدار شواهد إدارية بعدم المتابعة.
– المتاجرة برخص الربط بالماء والكهرباء والتطهير ومنح الرخص لأغراض انتخابية.
– تقديم رشاوى مغلفة في شكل هدايا لممثل السلطة المحلية.
– الاغتناء والتربح من الخدمة العمومية من خلال مراكمة المستفيدين وفي ظرف وجيز ثروة كبيرة من أموال منقولة وعقارية، وقد شفع الحديث عن هذه الثروة المحصل عليها حسب الشكاية بوثائق تهم هذه الممتلكات.
ورفعا لكل لبس وتنويرا للرأي العام – الجريدة تتوفر على نسخة من الشكاية- ، فإن الجهة التي رفعت الشكاية قد طالبت بفتح تحقيق معمق في الوقائع وبالأفعال موضوع الشكاية والمتضمنة للتهم المذكورة بها.
وبما أن الأبحاث التي تقوم بها الضابطة القضائية متمثلة في الفرقة الوطنية التابعة للدرك الملكي بالرباط، قد قطعت أشواطا مهمة ولا تزال متواصلة مع الحفاظ على البحث في شقه السري باعتباره يندرج ضمن الأبحاث التمهيدية، التي يصعب، من الناحية القانونية وما يفرضه ميثاق شرف المهنة، أن نتبنى أو نستنبط أي استنتاج باستثناء تنوير الرأي العام وحق المواطن في الحصول على الخبر والمعلومة بعيدا عن كل أهداف والغايات والخلفيات التي تروم التعتيم وتكميم الأفواه.ومن غير المستبعد أن تتوسع دائرة المستجوبين نظرا لتعدد المناحي التي طالها التلاعب حسب الشكاية. لتظل مجريات الأبحاث التمهيدية خاضعة للسرية نظرا لخطورة الاتهامات.
في انتظار ما ستسفر عنه الابحاث من نتائج يترقبها الجميع لما وصلت إليه أحوال المدينة من تدهور، يتطلع الرأي العام المحلي إلى إحداث تغييرات مهمة في ما يخص تدبير شؤون المدينة مستقبلا.


الكاتب : حسن المرتادي

  

بتاريخ : 18/04/2017