تجمعات سكنية « اجتماعية » تقتصد في كل شيء إلا الأسعار…

ترى لماذا تم الالتفاف على المبدأ الأصلي الذي بنيت عليه الفكرة الأصلية للسكن الاقتصادي؟ ولماذا لم تتدخل الدولة لكي يفي المنعشون العقاريون بالتزاماتهم الأصلية في هذا القطاع؟ بل لماذا لاتراقب الدولة التزامات هؤلاء «المنعشين» العقاريين الذين استفادوا من التسهيلات وقاموا باستغلال الوضع العام لفرض شروطهم على الزبناء؟ بكل بساطة وعفوية لماذا تخلت الدولة عن دورها في حماية المواطنين في مواجهة هؤلاء ؟
لنشخص واقع السكن الاقتصادي ببلادنا من خلال التجمعات السكنية التي أنجزت، لنتحدث بلغة الشعب، لنتحدث بلغة المواطن البسيط المغلوب على أمره، لغة لامكان للأرقام فيها ولا لبعض التصريحات المنشورة هنا وهناك، وبعيدا عن لغة الاشهار التي تفسد الاختيار، فالسكن الاقتصادي، اقتصادي بالفعل، اقتصادي بكل ما في الكلمة من معنى.
لنبدأ من حيث انتهى العبٌَارون، في البداية تم الاقتصاد في الأمتار، حدد المتر الاقتصادي في ستين مترا مربعا، دُهش الجميع، فكيف يمكن لأسرة متعددة الأفراد أن تسكن في فضاء كهذا، لكن مع ذلك انتعشت عمليات البيع، بيعت الشقق بكاملها وارتفع الطلب فظهر منعشون عقاريون جدد وتحركت سوق الشقق الاقتصادية ومع كثرة الطلب والتسهيلات الممنوحة من قبل الدولة تولد الجشع عند البعض، وتقلصت الستون مترا إلى الى مادون الخمسين! فلاحاجة للمغاربة بأمتار زائدة عما هم بحاجة إليه، وليس من المستبعد أن تقل المساحة عن ذلك بكثير! أليست شققا اقتصادية؟
لنعرج على التجهيزات الأساسية من أبواب ومعدات المطبخ والحمام ودورة المياه، فلأن الأمر يرتبط بالاقتصاد بالدرجة الأولى، لاضرر في أن يتم تجهيز الشقق بمواد وتجهيزات من النوع الرديء والذي يتلف عند أول استعمال، ولعل هذا مايفسر تناسل محلات العقاقير قرب التجمعات الجديدة لعلم التجار الأكيد أن زبناءهم كُثُر، وأن زيارات السكان ستتكرر غير مامرة.
ولأن الاقتصاد يفرض نفسه عند البناء فلا مانع من الاقتصاد في الإسمنت والآجور وربما الحديد -من يدري – والنتيجة تساقط أجزاء من الحيطان عند أول محاولة دق المسامير أو إحداث ثقب في الحائط، فكم من ساكن وجد نفسه وقد اخترق الثَقٌَابْ حائط الجيران.
ولأن الإقتصاد هو شعار أوراش البناء، فلاضرر في تكديس أزيد من 30 عائلة في عمارات من أربعة طوابق من دون مصعد مع ماينتج من مشاكل عن ذلك.
انها تجمعات سكنية اقتصادية ناتجة عن «سياسة تعميرية» تقتصد في كل شيء إلا الأسعار…


الكاتب : محمد رامي

  

بتاريخ : 23/10/2017