تذمر و خيبة كبيرة في صفوف أولياء التلاميذ بمراكش .. اكتظاظ و استهتار في التعليم العمومي و ابتزاز في التعليم الخاص

 

تذمر كبير يسود في صفوف آباء و أولياء تلاميذ عدد من المؤسسات التعليمية بمراكش بسبب التأخر في توزيع المقررات الدراسية رغم انطلاق المرسم الدراسي منذ أزيد من أسبوع.
هذا الوضع أحرج كثيرا نساء و رجال التعليم الذين يوجدون في احتكاك يومي مع التلاميذ، معتبرين الوضعية التي توجد على أرض الواقع بالفصول الدراسية بالعبثية، و يتساءلون أي معنى لانطلاق الدراسة في ظل غياب للمقررات؟ حيث أن الكثيرين منهم صاروا مستهدفين بشكل يومي باحتجاجات أولياء التلاميذ المحفزين بالتصريحات الدعائية التي تروجها الوزارة.
و أكد عدد من الأساتذة أن الكثير من المؤسسات التعليمية تمر بوقت ميت بسبب هذا التأخر، بما ينطوي عليه ذلك من إهدار للزمن المدرسي، و تبديد للجهد و تأخر في الانطلاقة الفعلية.
و عبر عدد من المديرين عن استيائهم من الطريقة المعتمدة في توزيع المقررات الدراسية، و التي تزيد في تعميق حدة الاحتقان داخل المؤسسات التعليمية بمراكش، و خاصة بسبب الفارق الذي يوجد مابين العدد المحدود المعلن عنه في الوثائق التي توصلوا بها بخصوص المقررات مقارنة مع العدد الكبير للتلاميذ، مما يجعل عملية التوزيع في حال التوصل بالمقررات مبعث أزمة حقيقية و احتقان كبير في صفوف التلاميذ.
و ذكر عدد من الأساتذة أن اللوائح التي توصلت بها مؤسساتهم تضم عددا من المقررات أقل بكثير ، مقارنة مع العدد الكبير للتلاميذ، حيث أن نسبة الذين سيستفيدون من توزيع هذه المقررات لن تتجاوز الثلث فيما سيكون الثلثان المتبقيان من التلاميذ مطالبين باقتناء مقرراتهم. و ينتظرون أن تكون عملية التوزيع التي تأخرت أكثر من اللازم بمثابة قنبلة موقوتة ستربك السير العادي للدراسة.
بموازاة هذه الوقائع التي تكذب الكثير من وعود الوزارة، تعيش بعض المؤسسات التعليمية بمراكش حالة اكتظاظ، حيث لم تتوفق المصالح المختصة في التخفيف من حدة هذه الظاهرة التي تضر بشروط التمدرس و تقلص من المردودية البيداغوجية داخل الفصول التي وصل عدد التلاميذ في بعضها إلى 46 تلميذا و خاصة بالمحاميد و سعادة. الشيء الذي دفع آباء و أولياء التلاميذ إلى الاحتجاج مطالبين الوزارة بالوفاء بوعودها التي يفندها الواقع. و آخر المؤسسات التي عرفت احتجاجات صاخبة لأولياء التلاميذ، مدرسة بن يعقوب التابعة لمجموعة مدارس المرابطين بجماعة سعادة، حيث احتشدوا يوم الاثنين 18 شتنبر الجاري معبرين عن رفضهم للشروط المزرية التي يتمدرس فيها أبناءهم و الناتجة عن الاكتظاظ الفادح داخل حجرات الدرس، و مطالبين بإنشاء قاعات جديدة للتخفيف من حدة الازدحام.
زبناء التعليم الخاص بدورهم تغلي نفوسهم سخطا و تدمرا من حالة التسيب و السمسرة و الابتزاز السائدة في الكثير من المؤسسات الخاصة بمراكش، و التي حولت التربية إلى سلعة الهدف منها التطاول على جيوب المواطنين.فمن المبالغة الهائلة و غير المبررة المفروضة باسم «رسوم التسجيل» و هي مصاريف لم تستطع أية جهة تبريرها، مرورا بالنفخ الغريب في لوائح المستلزمات الدراسية من دفاتر و مقررات و أقلام و أوراق، و التي وصلت حدا سورياليا لا يمكن القبول به، إلى المبالغة في أسعار البذلة الموحدة التي بلغت مستوى لا يُطاق دفع بأولياء التلاميذ بإحدى المؤسسات إلى الاحتجاج بالشارع استنكارا لهذا التمادي في استنزاف الأسر التي تحولت إلى ضحية لرغبتها النبيلة في توفير شروط أفضل لتمدرس أبنائها. و الأسوأ من ذلك أن بعض مؤسسات التعليم الخاص، التي تستنزف جيوب أولياء التلاميذ، تعرف نفس المشاكل التي تعيشها المؤسسات العمومية خاصة على مستوى الاكتظاظ، حيث سجل في بعضها نسبة تتجاوز 34 تلميذ في الفصل.
لكن مصدر المرارة الكبرى التي تحز في نفوس أولياء التلاميذ، يكمن في كون المصالح الوصية على التربية و التعليم بمراكش، تتعامل مع التعليم الخاص كفتى مدلل. فإضافة إلى حالة الحياد القاتل اتجاه غليان الأسر و معاناتها مع المدارس الخاصة و المشاكل التي تتخبط فيها، يشتكي آباء و أولياء التلاميذ من تخلي هذه المصالح عن دورها في الضبط و المراقبة، و سلوكها نهج المهادنة، و التراخي في إلزام المدارس الخاصة باحترام الضوابط المعمول بها.
إذ يتساءل عدد من أولياء التلاميذ كيف يُعقل أن تتجاهل المصالح الوصية على التعليم بالإقليم و الجهة، إسناد مهمة التدريس من قبل بعض المؤسسات الخاصة لأشخاص لم يتلقوا أي تكوين في مهن التربية و التعليم؟ كيف أن المصالح المختصة لا تكترث لهذا الواقع الذي يملأ حجرات الدرس بفضاءات المؤسسات الخاصة، التي يخضع فيها التلاميذ لتأطير أساتذة لا تتأكد أية جهة رسمية من توفرهم على المؤهلات اللازمة لممارسة مهنة التدريس؟ إنهم يماثلون هذا الوضع بالسماح بفتح مصحات تجرى فيها عمليات جراحية من قبل أشخاص ليس لهم أي مؤهل علمي في مهنة الطب.
سواء في التعليم العمومي أو التعليم الخاص، لا يجني المواطنون في مراكش سوى المرارة و الخيبة. تتراكم المشاكل و تتعمق الاختلالات و الخروقات التي كان من الممكن تفاديها بقليل من الحرص على المهنية و المسؤولية من قبل الجهة التي أوكلت لها مهمة الإشراف على قطاع التعليم، و الوفاء بالالتزامات المعلنة في الحملات الدعائية المسوقة للدخول الدراسي، و الابتعاد عن الارتجال و الاستهتار بمصلحة أجيال من الأبرياء، لأن رصيد المواطنين من الصبر قد نفذ و في صدر كل واحد منهم بركان يغلي من الغضب من هذا الاستغفال الذي يُعاملون به في أدق حقوقهم و أوجبها، و هو الحق في التعليم.


الكاتب : عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 20/09/2017