ترامب يراهن على نزع السلاح النووي في محادثاته مع كيم رغم المجازفة

يرى مراقبون ان رهانات الرئيس الاميركي دونالد ترامب التي تنطوي على مخاطر كبيرة، على صنع سلام مع كوريا الشمالية اذا كتب لها النجاح فسيكون ذلك لعدم اخذه بنصائح الخبراء والاعتبارات الاخلاقية والاعراف الدبلوماسية.
ولا يمكن الا لرئيس مثل ترامب فقط أن يحتفي بزعيم مستبد مثل كيم جونغ اون ويصفه بالرجل «الذي يحب بلده»، لكن رئيسا مثل ترامب فقط قد يكون قادرا على اطلاق عملية سلام كتلك.
قبل أقل من عام اثارت مساعي كيم المتسارعة لحيازة صاروخ بعيد المدى يمكن تزويده بسلاح نووي، غضب الرئيس الاميركي الذي هدد بالرد «بالنار والغضب» على اي هجوم كوري شمالي.
والان، قدم ترامب لكيم انجازا دعائيا استثنائيا، اذ عقد معه لقاء الند للند وصافحه امام صف من الاعلام الاميركية والكورية الشمالية.
وبحسب وزارة الخارجية الاميركية، فإن نظام كيم يعتقل بين 80 الف و120 الف سجين سياسي في معسكرات اشغال شاقة، حيث يتعرضون للتعذيب والتجويع.
والزعيم المتسلط متهم بقتل اخيه غير الشقيق بغاز اعصاب في مطار ماليزي، ونظامه افرج مؤخرا عن طالب اميركي دخل في غيبوبة لم ينج منها.
ووقعت بيونغ يانغ في السابق اتفاقيات تتعهد فيها بوقف برنامجها النووي، لكنها تراجعت عنها لتسارع في بناء ترسانة اسلحة نووية حرارية وبرنامج للصواريخ البالستية.
وهكذا يكون رهان كيم قد كسب فعلا. فحملة العقوبات الاقتصادية ضده بدأت تتداعى، فيما نظامه كسب شرعية على الساحة الدولية عقب القمة الودية الاجواء مع ترامب.
لكن هل نجحت قفزة ترامب في المجهول؟ يقول ترامب إنه يثق بأن التزام كيم «العمل باتجاه» نزع الاسلحة النووية على شبه الجزيرة الكورية حقيقي، لكن بحذر.
فقد قال ترامب «قد اكون مخطئا. قد اقف امامكم بعد ستة اشهر واقول +لقد أخطأت+» واضاف «لا اعرف ان كنت سأقر بذلك على الاطلاق، لكن سأجد عذرا ما».
وتكثر في واشنطن الاصوات الشاجبة لمحاولة ترامب الساذجة على ما يبدو دفع كيم الى مسار نزع الاسلحة دون انتزاع تسويات ملموسة.
وقد نشر معهد بروكينغز ردود فعل 13 من أكثر الخبراء المرموقين المقيمين في الولايات المتحدة حول الازمة. وجميعهم باستثناء خبير واحد انتقدوا النتيجة «المخيبة» للقمة.
وحتى المتفائل الوحيد بينهم مايكل اوهانلون، قال إن العملية يجب ان تنتقل الان من ترامب الى وزير الخارجية مايك بومبيو من اجل وضع خطة للتحقق من نزع كوريا الشمالية الاسلحة بشكل مفصل.
قال اوهانلون «فقط عندما نرى ان كوريا الشمالية ستمضي مع خطة من هذا النوع وتبدأ في تطبيق يمكن التحقق منه، يمكننا فعلا تقييم ما حصل في سنغافورة».
ويلفت مؤيدو ومنتقدو ترامب على حد سواء إلى أنه الان وقد انتهت قمة كسر الجليد، من الضروري الانتقال سريعا الى مفاوضات ترتدي طابعا تقليديا اكبر، بخطوات ملموسة.
ولكن كما يشدد بعض مؤيدي ترامب، هل كان ذلك بحاجة الى شخصية جريئة ومغامرة مثل ترامب لتجاوز الاعراف الدبلوماسية والتحفظ بشأن حقوق الانسان لكسر الجمود الدبلوماسي؟
قد يكون هناك سبب وراء ذلك.
ربما شخصية مثل ترامب فقط يمكن ان تنتقل بسرعة من التهديد «باقصى ضغط» والرد «بالنار والغضب» الى اغداق المديح على زعيم كوريا الشمالية «الموهوب» وحكمه «الصلب».
وربما ترامب فقط يمكنه القيام بذلك لانه استنفد الخيارات الاخرى بعد ان اثبتت كوريا الشمالية فعالية برنامجها النووي.
وأجرى نظام كيم تجربة لما يعتقد مراقبون مطلعون أنه قنبلة هيدروجينية وصاروخ متعدد الطبقات قادر على ضرب مدن اميركية، وهدفه التالي هو الاعتراف الدولي.
والرد الاولي للادارة الاميركية كان التهديد والوعيد، ثم السعي من خلال الامم المتحدة ومع الصين الخصم الحذر، لفرض عقوبات قاسية.
ولا يزال المسؤولون الاميركيون فخورين جدا بنظام العقوبات وان كان ترامب يقول الان انه لم يعد يريد استخدام عبارة «اقصى ضغط»، لكنه اظهر قدراته.
الخيار الوحيد امام ترامب كان الاستدارة 180 درجة وقبول دعوة تلقاها عبر كوريا الجنوبية المتوترة، الى قمة يسعى اليها كيم.
ويرى ستيفن بومبر، العضو في مجلس الامن القومي في عهد الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما، والخبير حاليا في «مجموعة الازمات الدولية» إن ترامب هو رجل اللحظة.
وقال «انه نجاح بمعنى انه خرج من وضع صعب واعاد الولايات المتحدة الى مسار، وهناك الان عملية ونحن الان نتكلم الى الكوريين الشماليين».
واضاف «لا احد داخل حكومة الولايات المتحدة يريد تحمل مسؤولية الانتقال الى الدبلوماسية، لانه في حال فشل الدبلوماسية فإن ذلك الشخص سيتعرض للرشق بالبيض».
وتابع «امتص الرئيس المخاطر السياسية بقوله إنه سيلتزم بالقمة، وهنا حقيقة يجب الاعتراف بفضله في ذلك».
وهكذا اخرج ترامب اميركا من مأزق كان ورطها فيه بنفسه، دون التسبب بحرب نووية وعلى الدبلوماسيين والخبراء التقنيين الان التدخل لوضع برنامج للتحقق والتفتيش.
اذا سمح كيم بدخول مراقبين إلى اراضيه وتمكنوا من تأكيد قيامه بتجميد برنامجه النووي، واذا كشف عن قدرته الكاملة ووافق على ان +اخلاء شبه الجزيرة من الاسلحة النووية+ يعني نزع الاسلحة، عندها يمكن للافرقاء ربما الكلام عن تخليه عن القنابل التي يمتلكها بالفعل.


بتاريخ : 18/06/2018

أخبار مرتبطة

  ليست الدار البيضاء مجرد مدينة أو حاضرة من الحواضر العادية، بل هي حكاية من حكايات هذا الزمن..مستمرة في المكان

راي تماما كما هي الحال، بالنسبة إلى «جيمس فالهوس» أو «أوجينيا كويدا»، تعرض « كورزويل « لصدمة إثر وفاة أعز

وزير العدل البلجيكي يعبر عن ارتياحه لمستوى التعاون القضائي مع المغرب   بمناسبة انعقاد الاجتماع الثالث للجنة العليا المشتركة للشراكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *