ترشيح المغرب لاحتضان مونديال 2026.. حلم وطني برهان إفريقي

للمرة الخامسة، يختار المغرب ركوب التحدي، بإعلان ترشيحه لاحتضان نهائيات كأس العالم 2026، ومنافسة الملف الثلاثي الأمريكي، المكون من الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.
ورغم الفوارق المسجلة على مستوى البنيات والإمكانيات المتوفرة، أو المرصودة من قبل الدول الأمريكية الثلاثة، فإن المغرب بإمكانه خلق المفاجأة، حيث يقوم بحملته بشكل ذكي وفي ظروف جيدة. وهو ما أكد عليه مولاي حفيظ العلمي، رئيس لجنة ترشيح المغرب لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2026، في ندوته الصحافية الثانية، حيث أشار إلى أن المغرب يحترم قواعد اللعب»، وأنه سيقوم بحملته « وفقا للضوابط المعمول بها».
ويجعل المغرب ترشيحه في خدمة القارة الإفريقية، ويعتبره رهان قارة بأكملها، كما أنه أظهر قدرته على احتضان هذا العرس الكروي العالمي، نظرا لما يتوفر عليه من بنيات تحتية ونقل وطاقة إيوائية فندقية، علاوة على الإمكانات المادية والبشرية والقدرات التنظيمية. 
ومن شأن احتضان المغرب لهذه التظاهرة أن تكون له انعكاسات سوسيو – اقتصادية تتمثل بالأساس في تأهيل المدن المستضيفة لمباريات نهائيات كأس العالم عبر إعادة تحديث بنياتها وتهيئتها المجالية، إلى جانب تعزيز حضور المغرب في المشهد القاري والدولي كبلد صاعد وكذا الدفع بقطار التنمية البشرية الشاملة. 
في هذا الملف نستعرض الخطوط العريضة للترشيح المغربي، كما نقدم ورقة تقنية عن الملاعب التي سيعتمدها المغرب لاستضافة هذا الحدث الكروي.

 

15.8 مليار دولار  و 14 ملعب لتحقيق الرهان

كشفت لجنة ترشيح المغرب لاستضافة كأس العالم 2026 لكرة القدم، يوم السبت الماضي، عن تخصيص 14 ملعبا للتباري في 12 مدينة، قد تتقلص في نهاية الأمر إلى 12 ملعب في 10 مدن، وفق معايير وشروط الاتحاد الدولي (فيفا)، حيث أعلن مولاي حفيظ العلمي، رئيس اللجنة عن رصد 15.8 مليار دولار أميركي لتنظيم هذا الحدث الكروي الكبير.
وعرض مولاي حفيظ العلمي، في ندوة صحافية، عقدها بأحد فنادق الدار البيضاء، تفاصيل الملف، حيث أكد على أن المغرب سيخصص استثمارات هامة كانت مبرمجة من قبل، مشددا أن «المغرب لن يقوم بتغيير استراتيجيته من أجل كأس العالم، بل العكس تماما».
وأشار مولا حفيظ العلمي إلى أنه عملية تجديد واسعة ستهم خمسة ملاعب بكل من الرباط ومراكش وفاس وأكادير وطنجة، في أفق جعلها متماشية مع الشروط التي يشدد عليها الفيفا، مضيفا أنه سيتم قريبا الشروع بناء ملاعب جديدة بكل من الدار البيضاء ووجدة وتطوان، مؤكدا على أنه سيتم تخصيص ملعبين بكل من الدار البيضاء ومراكش، على أن تكمل الناظور والجديدة ومكناس وورزازات لائحة المدن المرشحة، بحيث سيعتمد في نهاية المطاف 12 ملعبا من أصل 14 رشحتها اللجنة.
وتوقع أن تصل الكلفة الإجمالية للمونديال 15.8 مليار دولار أميركي، منها 3.2 مليار دولار استثمارات القطاع الخاص.
وسيتم رصد مبلغ مليار و200 مليون دولار لتشييد ستة ملاعب جديدة، فيما سيذهب مبلغ 9.6 مليار دولار للاستثمار في البنيات التحتية، المرتبطة بالمواصلات والمستشفيات والمراكز الصحية، حتى تستجيب للمعايير الدولية.
وأبرز العلمي أن قوة الملف المغربي تقوم على خمس ركائز أساسية «تجعل من المونديال في حالة استضافة المغرب له ناجحا بكل المقاييس»، وأوضح أن الفيفا بمقدوره الاستفادة ماليا من حقوق نقل المباريات، «إذ أن الموقع الجغرافي للمغرب والمنطقة الزمنية ستجعل الشركات العالمية تتنافس لنيل حقوق نقل المباريات».
وشدد العلمي على أن اللاعبين لن يكونوا « بحاجة للتأقلم مع التوقيت المغربي.. سبعون دولة يمكنها دخول المغرب بدون تأشيرة».
كما أشار إلى البعد الإفريقي، بحيث أن «الملف المغربي مناسبة لتحقيق إفريقيا والمغرب تطورا أكبر على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية»، موضحا أن تنظيم المونديال سيساهم في تسريع وتيرة الأشغال وإنجازها في وقت وجيز مقارنة مع ما كان مخططا قبل الترشح للمونديال.
ولم يبد العلمي أي قلق أو توجس من الزيارة التقنية التي سيقوم بها وفد من الاتحاد الدولي لتفقد المنشآت الرياضية والبنيات التحتية، مضيفا «عندما قدم المغرب ترشيحه سنة 2003 لم يكن يتوفر على أي ملعب يخضع لمواصفات فيفا، الآن نتوفر على ستة».

الفيفا يتفقد منشآت المغرب في أبريل والعلمي يؤكد أنه لم يكشف كل أوراقه

يحل وفد تقني، تابع للاتحاد الدولي لكة القدم (الفيفا) بزيارة إلى المغرب يوم 17 أبريل المقبل، من أجل تفقد الملاعب والمدن التي رشحتها المملكة لاحتضان مونديال 2026.
واعتبر مولاي حفيظ العلمي، في ندوته الصحافية الثانية، التي عقدها زوال السبت الماضي، أن الوقت المتبقي للإعلان عن البلد المستضيف للمونديال كاف لمواصلة العمل، مضيفا «التقينا بالعديد من المتدخلين وبعشرات الأصوات، إنها منافسة رياضية وليست حربا نووية، منافسة يجب لعبها بروح رياضية».
وبشأن حظوظ الملف المغربي في مواجهة الملف الأمريكي الثلاثي، قال مولاي حفيظ العلمي إن اللجنة المكلفة بالملف المغربي قامت بعمل احترافي، وضمت 80 من الخبراء والمتخصصين الدوليين «لم يتم إظهار جميع الأوراق، لدينا عمل يجب القيام به وسنواصل حتى 13 يونيو».
ويشدد الاتحاد الدولي على ضرورة أن تكون عملية اختيار البلد المضيف «أخلاقية، شفافة، موضوعية، وغير منحازة»، مذكرا الأعضاء بضرورة «رفض كل محاولات التأثير (…) والهدايا أو الدعم بهيئة برنامج تنمية».
وللمرة الأولى في تاريخ كأس العالم، ستحسم الاتحادات المحلية الـ211 التابعة للاتحاد الدولي في 13 يونيو المقبل في العاصمة الروسية موسكو هوية البلد أو البلدان التي ستستضيف مونديال 2026، وهي أول نسخة ستعرف مشاركة 48 منتخبا عوضا عن 32، إذ كان الاختيار في المرات السابقة يقتصر على أعضاء اللجنة التنفيذية.
وأحاطت بعمليات اختيار البلدان المضيفة لكأس العالم شبهات فساد ورشاوى، وتكشفت بعض فصولها في إطار الفضائح التي هزت الاتحاد الدولي منذ العام 2015.
وكان المغرب قد أعلن غشت الماضي عن ترشحه للمرة الخامسة لاستضافة العرس العالمي بعد 1994 و1998 و2006 و2010، ويواجه منافسة ترشيح مشترك بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
ويعول المغرب بشكل أساسي على دعم الدول الافريقية (54)، ويعتبر أن ترشيحه هو «ترشيح للقارة الإفريقية بأكملها»، سعيا لمونديال «إفريقي» ثان بعد جنوب إفريقيا 2010، عندما خسر المغرب حق الاستضافة 10 – 14.
وفي مواجهة المغرب، رشحت اللجنة المنظمة للترشيح الثلاثي الأميركي – المكسيكي – الكندي، قائمة من 23 مدينة لإقامة المنافسات.
وتقع 17 من المدن الـ 23 في الولايات المتحدة، منها لوس انجليس وميامي وواشنطن وبوسطن، وثلاث في كندا هي إدمونتون ومونتريال وتورونتو، وثلاث في المكسيك هي غوادالاخارا ومكسيكو ومونتيري.
وفي حال فوز «يونايتد بيد» (الترشيح الموحد)، سيتم اختيار 16 مدينة فقط لاستضافة المباريات.
وأشار «يونايتد بيد» الخميس إلى أن متوسط سعة الملاعب المقترحة هو 68 ألف مقعد، ويعول على بيع 5.8 ملايين بطاقة دخول إلى الملاعب برقم أعمال يصل إلى 2.1 مليار دولار.
وفي سياق متصل، قلل العلمي من أهمية تصريحات الرئيس السابق لفيفا، السويسري جوزيف بلاتر، الداعمة للملف المغربي «شخصيا لا يهمني الأمر، كان بالإمكان أن نتحدث عندما كان رئيسا للاتحاد الدولي».
وكان بلاتر قال الأسبوع الماضي «قلبي يدق لإفريقيا. بعد مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، اعتبرنا أن التنظيم المشترك كان كابوسا. قررنا بعد ذاك أنه طالما وجد ترشيح منفرد فله الأفضلية. هذا قانون مكتوب، وإذا كان المغرب قادرا على تنظيم مونديال بمشاركة 48 منتخبا (لأول مرة)، فيجب منحه شرف الاستضافة».

جولة أوروبية وآسيوية للجنة ترشيح المغرب

بعد الزيارة التي قام بها وفد، تقدمه الرئيس مولاي حفيظ العلمي، عن لجنة ترشح المغرب لاحتضان مونديال 2026 إلى الشرق الأوسط، تشهد بعض الدول الأوروبية زيارة مماثلة من أجل التعريف بالملف المغربي وحشد الأصوات الداعمة.

وكانت البداية من فرنسا، قبل التوجه إلى بلجيكا وإيطاليا واللوكسمبورغ.
ومن المرقب أن تقوم اللجنة بزيارة إلى ماليزيا، حيث يراهن الملف المغربي على دعم البلدان الآسيوية، خاصة وأن المنافسة ستكون حامية مع الملف الأمريكي المشترك.
وضم الوفد المغربي اللاعب الدولي السينغالي الحاجي ضيوف، وأيضا العداء المغربي الكبير هشام الكروج.
ومن المنتظر أن يستقبل المغرب في 17 أبريل المقبل وفدا عن الاتحاد الدولي لكرة القدم، قصد الوقوف على البنيات التحتية والمؤهلات التي سيضعها المغرب ضمن رهاناته لكسب احتضان مونديال 2026.
حصل الملف المغربي، على إشادة العديد من وسائل الغعلام الدولية، حيث وصفت صحيفة (يو إس إيه توداي) الأمريكية الواسعة الانتشار، في مقال لها، ملف ترشيح المغرب لاحتضان نهائيات كأس العالم لكرة القدم لسنة 2026 بأنه «ذكي» و»يتميز بقدرته على تقديم إجابات شاملة».
واعتبر كاتب المقال ، مارتن روجرز، في معرض مقارنته لترشيح المملكة بملف الترشيح المشترك لأمريكا الشمالية، أن المغرب «الذي تجري حملته لتنظيم كأس العالم في ظروف جيدة، «قادر على خلق المفاجأة».
وسجل أن المغرب يتمتع بميزة كونه بلدا منظما منفردا لهذا الحدث الرياضي العالمي، في إطار يضمن ربطا فعالا، وفي ظرف قياسي بين المدن، التي ستستضيف المباريات عن طريق النقل البري والجوي.
وأبرزت «يو إس إيه توداي» أن ملف ترشيح المغرب حرص أيضا على أن تتواجد الملاعب، التي ستستضيف مباريات كرة القدم في المدن السياحية، التي تقدم عرضا «ذي أهمية وحمولة تاريخية كبيرة مقترنة بجمال طبيعي، وكل ذلك في إطار نسق جمالي وثقافي».

فرنسا تدعم الترشيح المغربي لاستضافة مونديال 2026

عبر نويل لوغريت، رئيس الإتحاد الفرنسي لكرة القدم، عن دعم فرنسا وشركائها، لملف ترشيح المغرب لاستضافة نهائيات كأس العالم لسنة 2026، وذلك خلال الاجتماع الذي عقده، يوم الخميس، مع فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.
وذكر بلاغ للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أن نويل لوغريت، أكد خلال هذا الاجتماع، الذي عقد بمقر الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، أن فرنسا ستدعم بقوة الملف المغربي لاستضافة بطولة كأس العالم لسنة 2026، لما يتوفر عليه من مميزات وخصائص، مشيرا في الوقت نفسه إلى متانة العلاقة الثنائية التي تجمع بين فرنسا والمغرب.
وأضاف ذات المصدر، أن فوزي لقجع، أوضح من جانبه أن الترشيح لمونديال 2026 ليس مغربيا فقط بل إفريقيا، مؤكدا أن المغرب استجاب لجميع شروط دفتر التحملات التي يطلبها الإتحاد الدولي لكرة القدم.
وكان فوزي لقجع، مرفوقا خلال هذا الاجتماع، بكل من رقية الدرهم، كاتبة الدولة لدى وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي مكلفة بالتجارة الخارجية، وكونستان عوماري، النائب الثاني لرئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، عضو المكتب المديري للاتحاد الدولي لكرة القدم، ومحمد جودار، عضو المكتب المديري للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، علاوة عن الدولي السنغالي السابق حاجي ضيوف.
وجدير بالذكر، أنه مباشرة بعد نهاية هذا الاجتماع، توجه فوزي لقجع إلى إيطاليا، لمتابعة آخر حصة تدريبية للمنتخب الوطني، الذي كان يستعد لمواجهة أمس الجمعة أمام نظيره الصربي بمدينة تورينو.


الكاتب : الملف من إعداد: إبراهيم العماري

  

بتاريخ : 24/03/2018