تزامن اعتماده مع تخليد الذكرى الـ 70 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان : المنتدى يتوج بالمصادقة على الميثاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة ودعوة للتنفيذ الشامل والمستدام والإنساني لأهدافه

 

اختتم المؤتمر الحكومي الدولي حول الهجرة، الذي يعد تتويجا لمسار طويل من المفاوضات، انطلق في 2016 من خلال تبني الأمم المتحدة لإعلان نيويورك للاجئين والمهاجرين، بالمصادقة الرسمية والتاريخية على الميثاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة.
وأكد جلالة الملك محمد السادس في الرسالة التي وجهها إلى المؤتمر، والتي تلاها رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أن التحدي بالنسبة لمؤتمر مراكش، يبقى هو إثبات مدى قدرة المجتمع الدولي على التضامن الجماعي والمسؤول بشأن قضية الهجرة، مبرزا جلالته أنه يتعين لهذه الغاية، احترام الحق السيادي لكل عضو في تحديد سياسته الخاصة في مجال الهجرة وتنفيذها.
ودعا ممثلو الدول والمنظمات الدولية والحقوقية المشاركة في المؤتمر الحكومي الدولي حول الهجرة إلى التنفيذ الشامل والمستدام والإنساني لأهداف الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة، الذي تمت المصادقة عليه رسميا بمناسبة هذا المؤتمر، مشددين على أهمية التعاون الدولي الأمثل للنهوض بالعمل حول التزامات هذه الوثيقة وتضافر جهود كافة الأطراف المنخرطة والشركاء من أجل تنفيذ أهداف هذا الميثاق على المستوى المحلي والوطني والإقليمي والدولي.
ويقدم الاتفاق العالمي رؤية شاملة جامعة للهجرة الدولية، ويسلم بأن هناك حاجة إلى نهج شامل لتعظيم الفوائد العامة للهجرة، مع معالجة المخاطر والتحديات التي يواجهها الأفراد والمجتمعات في بلدان المنشأ والعبور والمقصد.
ويقدم الاتفاق العالمي، وهو وثيقة نهائية ومتفاوض بشأنها على المستوى الحكومي، تحمل عنوان «الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة»، يعد ثمرة مفاوضات حكومية انعقدت تطبيقا لقرارها رقم 71/280.
وتمت المصادقة على الوثيقة في 13 يوليوز الماضي من قبل الدول الأعضاء تحت رعاية الجمعية العمومية للأمم المتحدة، تطبيقا للقرار رقم 71/280، خلال الجلسة التي أشرف على تسييرها كل من خوان غوميث كاماتشو (المكسيك) ويورغ لوبر (سويسرا)، طبقا لمقتضيات الفقرة السادسة (ب) من القرار رقم 72/244. رؤية شاملة جامعة للهجرة الدولية، ويسلم بأن هناك حاجة إلى نهج شامل لتعظيم الفوائد العامة للهجرة، مع معالجة المخاطر والتحديات التي يواجهها الأفراد والمجتمعات في بلدان المنشأ والعبور والمقصد.
وبفضل هذه المقاربة الشمولية، يروم المنتظم الدولي تيسير الهجرات الآمنة والمنظمة والمنتظمة، مع تقليص الأثر السلبي للهجرة غير النظامية بفضل التعاون الدولي واعتماد مجموعة من التدابير الواردة في هذا الاتفاق العالمي، و سيشكل اعتماد الميثاق العالمي حول الهجرات الآمنة المنظمة والمنتظمة، بالرغم من انسحاب بعض الدول، الذي من المتوقع أن تصوت عليه المنظمة الأممية بشكل نهائي في الـ 19 من شهر دجنبر المقبل في نيويورك، فرصة سانحة لتعزيز الحكامة العالمية بشأن الهجرة، وترسيخ المسؤولية المشتركة كمبدأ أساسي وتعزيز مرتكزات تعددية الأطراف والمتمثلة في احترام سيادة الدول وتعزيز التعاون.
وللإشارة، يعتبر المؤتمر الحكومي الدولي حول الهجرة بمراكش نقطة انطلاق لتنفيذ أول اتفاق عالمي بشأن مقاربة مشتركة للهجرة الدولية يشكل خطة عمل شاملة تروم التكيف مع الخصوصيات الوطنية لرفع تحديات واستثمار فرص التنقل البشري، كما يعد تكريسا لقناعة مفادها أنه لا يمكن لأي بلد أن يواجه الهجرة بشكل منفرد، إذ أن المصادقة عليه ستشكل فرصة حاسمة لإحداث نقلة في الحكامة العالمية للهجرات، وتعزيز ركائز العمل متعدد الأطراف، المتمثلة في احترام سيادة الدول وتعزيز التعاون.
وتزامن حدث المصادقة الرسمية والتاريخية على الميثاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة مع تخليد الذكرى الـ 70 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث كانت مناسبة أبرز فيها المشاركون في المنتدى الترابط الوثيق بين الميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وقال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، أول أمس إن الميثاق العالمي ينخرط بشكل تام ضمن روح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويعد تفرعا عنها لكونه يأتي اليوم لتعزيز المسار العالمي الذي انطلق سنة 1948، بهدف إقرار حقوق الإنسان، بغض النظر عن الزمن والمكان، مجددا التأكيد على انخراط المغرب، بشكل لا رجعة فيه، من أجل تعزيز حقوق الإنسان، وهو الانخراط المدفوع، يضيف بوريطة، برؤية جلالة الملك محمد السادس، من أجل مغرب ديمقراطي وحديث.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس عن الأسف لكون الاحتفاء هذه السنة بالذكرى الـ 70 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يعد الوثيقة الأكثر ترجمة في العالم وسعى إلى صون وحماية الأجيال من ويلات الحروب، يأتي في سياق ظرفية دولية تتسم بتزايد الانتهاكات التي تشهدها حقوق الإنسان من خلال تفشي التعذيب والاحتجاز دون محاكمة، وتنامي كراهية الآخر بصفة عامة وعدم التسامح، فضلا عن تضاؤل مساحة عمل المجتمع المدني، مضيفا أن المدافعين عن هذه الحقوق يواجهون ضغوطا متنامية في عدد من المناطق عبر العالم.
وأبرزت رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة ماريا فرناندا إسبينوسا غارسيس، أن المصادقة على الميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة بمراكش لا يعد مجرد صدفة، بل تذكيرا بأن المهاجرين يعدون، في المقام الأول بشرا، ويجب أن يحظوا بجميع الحقوق الإنسانية، بغض النظر عن أي اعتبارات. من جهتها، اعتبرت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ميشيل باشلي،أن الميثاق العالمي حول الهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة الذي تمت المصادقة عليه أول أمس بمراكش، يعد وثيقة هامة من أجل تعزيز الكرامة وحقوق الإنسان، وتظهر جليا أن التعاون متعدد الأطراف مازال ممكنا.
هذا، وقد تم عشية الانطلاق الرسمي للمنتدى العالمي حول الهجرة إعلان الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس عن احداث الأمم المتحدة لشبكة للهجرة تابعة لها تضم كافة وكالات الأمم المتحدة التي تشكل الهجرة واحدة من مهامها، التي سوف تستفيد من خيرات وإمكانيات الأمم المتحدة من أجل دعم الدول الاعضاء فيها، وسوف تركز على تعاون مستند إلى مبدأ سيادة الدول وفق تقاسم المسؤولية وعدم التمييز وحقوق الإنسان.


الكاتب : مراكش: يوسف هناني

  

بتاريخ : 12/12/2018