تطال الحد الأدنى من العلاج وغيره : حين يجهز عوز الكبار على حقوق الصغار!

 

في دراسة سالفة للمندوبية السامية للتخطيط «حول الفقر متعدد الأبعاد للأطفال، خلال الفترة ما بين 2001 و2014» ، تم التشديد على» أن فقر الأطفال يعود بالأساس إلى فقر الكبار وإلى ظروف معيشية سيئة»، كما « أن عدد أفراد الأسرة يؤثر في فقر الأطفال. فمعدل فقر الأطفال المنتمين للأسر، التي تضم 6 أطفال أو أكثر، يصل إلى 28 بالمئة، أي أربع مرات أكثر من الأسر التي لديها طفل واحد»، مضيفة في إحدى مذكراتها الإخبارية ، على هامش احتفاء سابق باليوم العالمي للطفل، المصادف ل 20 نونبر من كل سنة ،» أن 13,4% من الأطفال المتراوحة أعمارهم ما بين 0 و4 سنوات، يعيشون حرمانا في ما يتعلق بالخدمات الصحية، كما أن أمهات حوالي طفل من بين أربعة أطفال في الوسط القروي، لم يستفدن قط من العلاجات الكافية خلال فترة الولادة بسبب إكراهات تخص ولوجهن للبنيات الصحية الأساسية»، و»في ما يخص التأمين على المرض، فإن نسبة كبيرة من الأطفال بالوسط القروي محرومة من التغطية الصحية «.
معطيات «قاسية «، يستحضرها المرء وهو «يقرأ» مأساة الطفل يحيى «12 سنة» من بلدة كلميمة بإقليم الرشيدية ، المنحدر من أسرة معوزة ، والذي كان ضحية عضة كلب خطيرة، غيرت ملامح وجهه الصغير،حيث نقل بداية صوب مستشفى الرشيدية ، وبعده مستشفى فاس ، قبل أن يتم إرساله إلى مستشفى ابن رشد بالعاصمة الاقتصادية، بالنظر لكون حالته الخطيرة تستدعي تدخلا جراحيا غاية في الدقة؟
مأساة ليست، ولن تكون – للأسف – الوحيدة المؤشرة على وضعية الطفولة المحرومة من «التأمين الصحي» ،على امتداد جهات البلاد المتابينة عمرانا واقتصادا ، كما تحكي « حالات إنسانية» عديدة ترد على الجريدة، من حين لآخر، يلتمس أصحابها المساعدة من «أجل توفير مصاريف علاج ابن أو ابنة « استعصت إمكانية الاستفادة منه، بسبب الفقر المدقع الذي يخنق « أنفاس» الأسرة المغلوبة على أمرها .
هو واقع ، يشكل، قاسما مشتركا بين غالبية الأسر داخل الأحياء الشعبية لكافة المدن، تعلق الأمر بالمصنفة منها ضمن قوائم الحواضر التاريخية ، أو تلك المستحدثة في سياق التخلص من «مدن الصفيح «، لدرجة باتت «الحملات التضامنية « من أجل توفير مبلغ إجراء عملية جراحية مستعجلة لإنقاذ حياة طفل / طفلة ، أو تمكين « مصاب» في مقتبل العمر ، من أدوية نادرة باهظة الثمن، حاضرة بشكل دائم في «منتديات» وسائل التواصل الاجتماعي .
أكثر من ذلك ، تحت وطأة «عوز» الكبار ، يجد العديد من « الصغار» أنفسهم مجبرين على خوض غمار تجربة «العمل « بشكل مبكر ، ما يعني حرمانهم من حقهم المنصوص عليه دستوريا ، في التعليم والتعلم ، حيث تعج العديد من محلات الميكانيك ، النجارة … المنتشرة في غالبية الأحياء البيضاوية – على سبيل المثال لا الحصر- ، بأيد عاملة صغيرة السن غادرت مقعد المدرسة مكرهة قبل الأوان . في هذا السياق ، كانت نتائج إحصاء 2014 قد أشارت إلى «أن أكثر من ربع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و18 سنة يمارسون نشاطا اقتصاديا، حيث بلغ معدل نشاط الأطفال البالغين ما بين 15-18 سنة، 26% سنة 2014، وقدرت هذه النسبة ب 36.9% بالقرى مقابل 14.9% بالمدن. كما وصلت إلى 36.9% عند الفتيان مقابل 14.9% عند الفتيات… «، مع استحضارنا، طبعا ، أن بعض المتغيرات سجلت خلال سنوات موالية. لكن هل كانت كافية ؟
سؤال تجيب عنه تقارير عديدة صدرت ، مؤخرا ، عن مؤسسات وأجهزة مختلفة ، تدق ناقوس التنبيه وتقترح مجموعة من « الوصفات» و « الحلول» لتدارك ما يمكن تداركه ، لكن الواقع المعيش يبقى حابلا بالحقائق المؤلمة ، ما يطرح سؤالا ضاغطا : « ماذا بعد التشخيص ؟ «علما بأن الوضع لا يحتاج «إلى المزيد من التشخيصات. بل هناك تضخم في هذا المجال « و المغاربة «يتطلعون لتعميم التغطية الصحية وتسهيل ولوج الجميع للخدمات الاستشفائية الجيدة في إطار الكرامة الإنسانية» يقول الخطاب الملكي ليوم الجمعة 13 أكتوبر 2017 بالبرلمان، بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية العاشرة .


الكاتب : حميد بنواحمان

  

بتاريخ : 20/02/2020