توترات وابتسامات مع مصافحة كيم وترامب التاريخية 

بثبات ولربما بنوع من الحذر، اقترب الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون من بعضهما البعض في شرفة ذات أعمدة ويداهما ممدودتان تحت أنظار الإعلاميين والعالم بأسره.
وشكلت المواجهة الأولى التي استغرق التحضير لها أسابيع بعد عقود من الحرب والعداء بين ترامب وكيم، لحظة مهمة.
وخلال رحلتهما للوصول إلى مقر اللقاء، مر الرجلان عبر جزيرة سنتوسا السياحية ومن أمام أعمدة قصر شخصية «شريك» الكرتونية في مدينة ملاهي «يونيفرسال ستوديوز».
لكنهما ترجلا من سيارتيهما بوجهين متجهمين ودون ابتسامات في وقت ساد التوتر في الدقائق الأولى من اللقاء بينهما.
وفيما تصافح الزعيمان لنحو 13 ثانية، لمس ترامب كتف كيم ونظر إلى الرجل الاقصر قامة اثناء حديثه.
واستدار الزعيمان للنظر إلى الكاميرات أمام عشرات وسائل الإعلام الأميركية والكورية الشمالية دون أن يبتسما.
لكن عندما دعا ترامب الزعيم الكوري الشمالي إلى غرفة الاجتماع بدأت ابتسامة ترتسم على ملامح كيم في وقت ظهر الارتياح واضحا عليهما فور ابتعادهما عن الأضواء في فندق «كابيلا».
وتبادلا أطراف الحديث والابتسامات في إطار أول لقاء مباشر بين زعيم كوري شمالي ورئيس أميركي في منصبه.
وكانت اللحظة الأولى للقاء «رائعة» بحسب ما أعلن ترامب الذي قال «أعتقد أن الأمر سيكون ناجحا حقا وأعتقد أن علاقة رائعة ستجمعنا».
وتأتي القمة بعد 65 عاما من محاربة قوات بيونغ يانغ المدعومة من الصين التحالف الأممي الذي قادته واشنطن في الحرب الكورية وبعد سنوات من التوترات المتزايدة بشأن برامج كوريا الشمالية المحظورة للأسلحة النووية والبالستية.
وأشارت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية إلى أن هذه المرة الأولى التي يتم فيها عرض العلمين الأميركي والكوري الشمالي حنبا إلى جنب منذ عزفت أوركسترا نيويورك في حفل في بيونغ يانغ عام 2008.
وفي سيول، شاهد رئيس كوريا الجنوبية مون جاي-ان الذي لا تزال بلاده في حالة حرب رسميا مع الشطر الشمالي اللقاء مباشرة قبل عقد اجتماع حكومي.
وقال لوزرائه «لم أتمكن أنا كذلك من النوم الليلة الماضية» معربا عن أمله بانطلاق «حقبة جديدة بين الكوريتين والولايات المتحدة».
وقال كيم الذي جلس أمام ترامب على طاولة صغيرة، للرئيس الأميركي من خلال مترجم «لم يكن الوصول إلى هنا أمرا سهلا». وأضاف أن «الماضي قيدنا وشكلت الأحكام المسبقة والممارسات القديمة عقبات في طريق تقدمنا» في حين نظر ترامب إليه وهز برأسه موافقا.
وأضاف كيم «لكننا تجاوزنا كل ذلك ولهذا نحن هنا الآن».
ورد ترامب بالقول وهو مبتسم «هذا صحيح» ورفع إشارة الموافقة بإبهامه.
واعتبر الاستاذ في جامعة «دونغوك» كوه يو-هوان أن المصافحة شكلت اتفاقا على تجاوز عقد من العلاقات العدائية.
وكانت المصافحة رسمية أكثر من طريقة تعاطي كيم مع جيرانه حيث أنه استخدم يديه الاثنتين للسلام على الرئيس الصيني شي جينبينغ عندما التقاه وعانق مون في قمتهما الثانية في المنطقة المنزوعة السلاح.
لكن كوه أوضح لوكالة فرانس برس أنه «في الوقت الحالي، هذا اللقاء الأول بين زعيمي دولتين عدوتين ولذا فلا يمكنهما العناق كأصدقاء».
;اشاد الرئيس الاميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون بقمتهما التاريخية التي عقدت الثلاثاء في سنغافورة باعتبارها اختراقا في العلاقات بين البلدين لكن الاتفاق الذي توصلا اليه لم يعط الكثير من التفاصيل حول المسألة الاساسية المتعلقة بترسانة بيونغ يانغ النووية.
واتاحت هذه القمة الاستثنائية مصافحة تاريخية بين رئيس اقوى ديموقراطية في العالم ووريث سلالة نظام ديكتاتوري وقفا جنبا الى جنب امام اعلام بلديهما.
ووافق كيم على «نزع كامل للاسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية» وهي الصيغة المفضلة لبيونغ يانغ لكنها لا تلبي المطلب الاميركي الثابت بتخلي كوريا الشمالية عن ترسانتها النووية بشكل «قابل للتحقق ولا عودة عنه».
وفي مؤتمر صحافي بعد القمة قال ترامب ردا على سؤال حول هذه النقطة، وهي الابرز في القمة، قائلا «لقد باشرنا العملية»، مضيفا انها «ستبدأ سريعا جدا» وانه ستكون هناك عملية تحقق تشمل «العديد من الاشخاص» لكن دون اعطاء تفاصيل ملموسة.
لكن صياغة الوثيقة الموقعة بين البلدين لا تزال غامضة بما في ذلك حول جدول الاعمال.
وتعهد كيم بموجب الوثيقة «بان يلتزم بشكل ثابت وحاسم نزع سلاح نووي كامل من شبه الجزيرة الكورية»، والتزم المسؤولان تطبيق الوثيقة «بالكامل» و»قريبا جدا».
وقال ترامب في مؤتمره الصحافي بعد القمة انه سيوقف المناورات الحربية السنوية مع سيول والتي تندد بها بيونغ يانغ اذ تعتبرها محاكاة لاجتياحها.
واضاف «سنوقف المناورات ما سيوفر علينا مبالغ طائلة» مضيفا انه يريد سحب قواته من الجنوب «في مرحلة ما».
ولم تكن المناورات مشمولة في الوثيقة المشتركة.
ومضى ترامب يقول «بما اننا في طور التفاوض حول اتفاق شامل الى حد كبير اظن انه من غير المناسب ان نواصل المناورات»، ما اثار ردود فعل على الفور من محللين.
وكتب «روبرت كيلي استاذ العلوم السياسية في جامعة بوسان «تنازلان اضافيان من ترامب في المؤتمر الصحافي» وقف المناورات العسكرية مع الجنوب والامل بسحب القوات الاميركية من كوريا الجنوبية»، مضيفا «وماذا حصلنا من كوريا الشمالية؟ توقفوا عن التنازل دون مقابل».
في اعقاب يوم من الابتسامات والمجاملات داخل فندق فاخرفي سنغافورة تحت انظار العالم، تعهدت الولايات المتحدة «تقديم ضمانات امنية» لكوريا الشمالية.
وقبل القمة أبدى خبراء شكوكا بان الامر يمكن ان يتحول الى استعراض اعلامي اكثر منه التركيز على تحقيق تقدم ملموس.
تقول ميليسا هانهام من مركز منع انتشار الاسلحة ومقره الولايات المتحدة على تويتر ان الشمال «وعد بالقيام بذلك مرارا من قبل»، مضيفة ان الجانبين «لا يزالان غير متفقين على ما يعنيه تعبير نزع السلاح النووي».
وبعد سيل الشتائم والاتهامات، تبادل المسؤولان في سنغافورة المجاملات والابتسامات.
واشاد ترامب ب»العلاقة الخاصة» التي يبنيها مع كيم الذي يتعرض نظامه لاتهامات عدة بانتهاك حقوق الانسان والذي يشتبه بانه يقف وراء اغتيال الاخ غير الشقيق لكيم في ماليزيا.
وقال ترامب بعد مراسم التوقيع «سنلتقي مجدد»، بينما يقف مع كيم على الشرفة حيث التقيا للمرة الاولى «مضيفا «سنلتقي مرارا».
وتابع ترامب انه يعتزم «فعلا» دعوة كيم الى البيت الابيض.
من جهته تعهد كيم «طي صفحة الماضي» وان العالم «سيشهد تغييرا كبيرا».
وتأتي قمة سنغافورة وهي الاولى بين رئيس اميركي في السلطة وزعيم كوري شمالي بعد ان بدت واشنطن على شفير النزاع مع بيونغ يانغ بينما كان المسؤولان يتبادلان الاتهامات والشتائم وكيم يقوم بتجارب نووية وصاروخية.
ويرى محللون ان مجرد اللقاء معناه ان ترامب يضفي صفة شرعية على كيم الذي يقول منتقدوه ان نظامه ينتهك حقوق الانسان باستمرار.
وقال ترامب انه تباحث في موضوع حقوق الانسان مع كيم مضيفا «لقد تباحثنا في الموضوع اليوم»، مضيفا «سنعمل على المسألة وهي صعبة من عدة نواح».
وترتدي قمة سنغافورة اهمية كبرى على صعيد ارث المسؤولين ويمكن مقارنتها بزيارة الرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون الى الصين في العام 1972 وقمة رونالد ريغان مع ميخائيل غورباتشيف في ريكيافيك.
وعلق مايكل كوفريغ من معهد الازمات الدولية في واشنطن «انه انتصار هائل لكيم الذي حقق انجازا فعليا بلقائه وجها لوجه مع الرئيس»، مضيفا ان والده وجده «كانا يحلمان بذلك»، وان «ذلك يشكل نقطة ايجابية بالنسبة الى الولايات المتحدة والاسرة الدولية على صعيد مفاوضات من المتوقع ان تكون طويلة وشاقة».
واعتبرت الصين حليفة الشمال ان القمة هي بداية «تاريخ جديد» ودعت الى «نزع الاسلحة الكيميائية» بشكل تام من شبه الجزيرة الكورية.
وأشاد رئيس وزراء اليابان شينزو آبي بالوثيقة المشتركة معتبرا انها «خطوة اولى» نحو نزع السلاح النووي.
وقال آبي ان «كيم أكد خطيا في هذه القمة نيته في نزع السلاح النووي بالكامل. أدعم ذلك كخطوة أولى نحو
الحل الشامل للمسائل المتعلقة بكوريا الشمالية».
وأشادت الوزيرة الفرنسية للشؤون الاوروبية ناتالي لوازو بتوقيع الوثيقة المشتركة معتبرة انها «خطوة ذات دلالة».
واتخذت العلاقات المتقلبة بين دونالد ترامب وكيم جونغ اون في الاشهر الاخيرة منحى غير مسبوق ترجم الثلاثاء في سنغافورة بقمة تاريخية بين الرئيس الاميركي والزعيم الكوري الشمالي.
في الثاني من يناير 2017، وحتى قبل ان يتولى منصبه، اكد الرئيس الاميركي الجديد ان كوريا الشمالية لن تكون قادرة ابدا على تطوير «سلاح نووي يستطيع بلوغ الاراضي الاميركية».

في البداية، بدت الغلبة للخيار الدبلوماسي. ففي ماي 2017 ابدى ترامب استعداده للقاء الزعيم الكوري الشمالي وقال «اذا توافرت الظروف لالتقي (كيم جونغ اون) فساقوم بذلك بالتاكيد. سيشرفني القيام بذلك».
ولكن خلال الصيف، اطلقت بيونغ يانغ صاروخين عابرين للقارات واكد كيم ان «كل الاراضي الاميركية باتت في متناولنا». واعقب ذلك ازمة بين البلدين ادت الى عقوبات مالية اميركية مع تعهد ترامب ان يرد «بالنار والغضب» على اي هجوم كوري شمالي.
سرعان ما اتخذ الخطاب التصعيدي بين الزعيمين منحى شخصيا حادا.
فامام الجمعية العامة للامم المتحدة في سبتمبر، وصف ترامب كيم بانه «رجل الصاروخ الصغير». وبعد يومين، رد عليه الاخير «ساؤدب بالنار الاميركي المختل عقليا».
وقررت واشنطن عندها منع مواطنيها من التوجه الى كوريا الشمالية واعادة ادراج هذا البلد على قائمة الدول التي تدعم الارهاب.
وبوصفه مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) وقبل ان يتولى حقيبة الخارجية الاميركية، توجه مايك بومبيو الى بيونغ يانغ خلال نهاية اسبوع عيد الفصح للقاء كيم.
فبعدما كانت مقررة في 12 يونيو، عمد ترامب الى الغاء قمة سنغافورة في رسالة الى كيم في 24 ماي كتب فيها «ارى انه من غير الملائم حاليا ابقاء هذا اللقاء المقرر منذ وقت طويل».
لكن مفاجأة جديدة حصلت مع تأكيد ترامب في 27 ماي ان فريقا اميركيا موجود في كوريا الشمالية بهدف التحضير لاجتماعه مع كيم.
ووقع الزعيمان وثيقة مشتركة اكدت فيها بيونغ يانغ تعهدها «بنزع كامل للسلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية» فيما وعدت واشنطن ب»ضمانات امنية» لكوريا الشمالية.
ورأى مراقبون ان المصافحة التاريخية بين الرئيس الاميركي دونالد ترامب وكيم جونغ اون أمام أعلام البلدين وتوقيعهما وثيقة مشتركة في مراسم رسمية وتبادلهما المجاملات، كلها عوامل أضفت شرعية على نظام كوريا الشمالية على الساحة الدولية.
وصور المصافحة بين الزعيمين التي كانت ينتظرها العالم، طالما شكلت ايضا هدفا لسلالة كيم منذ عقود.
ويلفت المحللون إلى أن ترامب تعامل على قدم المساواة مع رجل بدا قبل بضعة اشهر فقط كأنه يضع العالم على شفير حرب نووية ويتهم نظامه بانتهاكات رهيبة لحقوق الانسان.
وقال المعلق الامني انكيت باندا إن «مظاهر هذه القمة، من المصافحات إلى الاعلام وترتيب المقاعد، لا يمكن تفريقها عن لقاء بين دولتين ذات سيادة ترتبطان بعلاقات دبلوماسية طبيعية».
واضاف في تغريدة على تويتر إن ذلك لم ينطو بالضرورة على «كلفة باهظة» لكن «ذلك اضفى شرعية لا شك فيها على نظام كوريا الشمالية».
وقبل بضعة اشهر فقط كان كيم وترامب يتبادلان الشتائم الشخصية — «خرف» و»الرجل الصاروخ الصغير» — ويتبجحان بقدراتهما النووية.
لكن في الاجواء الفخمة المحيطة بفندق في سنغافورة الحيادية، بدا الزعيمان في اجواء مرحة احيانا، فتنزها في حديقة الفندق ودعا ترامب كيم ليلقي نظره على سيارته المصفحة «ذا بيست» (الوحش).
واحيانا اخرى بدا ترامب كأنه يسرف في اغداق عبارات الاطراء على الزعيم الاصغر منه سنا.
وقال ترامب «ادركت أنه رجل موهوب جدا. وادركت ايضا إنه يحب بلاده كثيرا» مضيفا أن كيم يتمتع «بشخصية رائعة» وهو «ذكي جدا».
وبدا تناقض هذا المشهد صارخا مع قمة مجموعة السبع قبل بضعة ايام، حيث وجد ترامب نفسه معزولا بشأن السياسات التجارية بين حلفاء تقليديين.
وقال آدم ماونت، الخبير في السياسة النووية لدى «اتحاد العلماء الاميركيين» إن «شيئا مهما حصلا هنا لا يمكن العودة عنه».
وسط الانتقادات، يقول مؤيدو عملية التفاوض إن قبول كيم على المسرح الدولي له جوانب ايجابية.
وعقب اثارة كوريا الشمالية قلقا دوليا بتجاربها النووية والصاروخية، قال عدد كبير من المعلقين إن المحادثات وتوقيع وثيقة، افضل من قيام الجانبين بتبادل الاهانات، او بل ما هو أسوأ.
وقال جون ديليوري، الاستاذ لدى جامعة يونسي في سيول، والذي طالما ايد التفاوض مع بيونغ يانغ، «بدأنا التفكير في كوريا الشمالية وكيم جونغ اون كفرصة» وليس ك»تهديد»، وبأن ذلك وحده «تحول تاريخي».
واضاف ان «نتيجة ذلك هو تشجيع كيم جونغ اون على استعداده للخروج إلى العالم للحوار وصنع السلام».
وفي ظهوره الخامس على المسرح العالمي، واصل كيم جهوده لتليين صورته، فخرج مساء للقيام بجولة استثنائية على مواقع في سنغافورة حتى انه قدم للعالم أول صورة سيلفي.
وفي كوريا الشمالية نشرت صحيفة رودونغ سينمون ما لا يقل عن 14 صورة على صفحتها الاولى، لزيارته إلى مجمع فندق مارينا باي ساندس ومواقع اخرى.
ومع احتلال كيم صدارة الاخبار على مستوى العالم، غرد الخبير في شؤون مراقبة الاسلحة جيفري لويس «قد اكون انزعجت قليلا من التغطية الحماسية لما هو في الاساس، حلقة من تلفزيون الواقع».


بتاريخ : 14/06/2018

أخبار مرتبطة

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

جيد أن تبحث عن ملاذات في أقاصي نيوزيلندا، لكن، أن تحاول تشييد حضارة جديدة على جزر عائمة، فذاك أفضل! إنه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *