تونس الخضراء … هل يذبل الياسمين ؟؟

 

تربط الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية علاقة صداقة وأخوة و نضال عميقة بحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (التونسي)، داخل الفضاء الاشتراكي الديمقراطي المغاربي، والمنتدى الديمقراطي الاجتماعي في العالم العربي، والأممية الاشتراكية، والتحالف التقدمي(منظمة أممية هي الأخرى).
حضر التكتل مؤتمر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية العاشر (ماي 2017)، وانتدبني الاتحاد لحضور مؤتمره الثالث(8\9\10 شتنبر 2017).
تأسس التكتل سنة 1994، وحاز شرعيته القانونية سنة 2002، ويقوده منذ تأسيسه الدكتور مصطفى بنجعفر ( ترأس المجلس الوطني التأسيسي الذي وضع دستور الجمهورية التونسية الثانية بعد الثورة، ويحظى بما يلامس  عتبة التقديس لدى التكتليين، اختار مغادرة موقعه خلال هذا المؤتمر، وقور المظهر، بشوش، واضح الجمل، …قائد ذو كاريزما بينة).
ينتسب التكتل إلى العائلة الفكرية والسياسية ذات النزوع الديمقراطي الاجتماعي أكثر منه الاشتراكي الديمقراطي، نال نصيبه من الاستبداد، شارك في الثورة، وشارك في الحكم الذي جاء بعدها إلى جانب النهضة (حكومات الترويكا بتعبير الإخوة التونسيين)، في انتخابات 2011 أحرز موقعا مؤسساتيا مميزا (أكثر من 20 نائبا، و عدة وزارات استراتيجية)، بعدها في انتخابات 2014، تغير الوضع تماما، و لم يعد للحزب وجود بالبرلمان و لا بالحكومة ؟؟
وصلت تونس العاصمة الساعة الحادية عشرة من  صباح الخميس 7 شتتبر، بعد إجراءات عبور سريعة، وجدت معز ببهو المطار، كان يتصبب عرقا، الجو خانق، الوجهة فندق تونس بالاص «Tunisia palace»، في أقل من نصف ساعة كنا في الفندق. بعد بضع دقائق من مطار تونس_ قرطاج، كنا بمدخل شارع الحبيب بورقيبة حيث ينتصب تمثال له يمتطي فرسه الحرون، وتقف ساعة بنعلي الضخمة، ويتأملهما من بعيد ابن خلدون من على تمثاله المحلق.
العملة التونسية (الدينار ) في أدنى مستوياتها، أولى مؤشرات أزمة سنسمع عنها الكثير.
شيد فندق «Tunisia palace»  سنة 1900 بإشراف من  مهندس إيطالي، هو نفسه الذي أشرف على هندسة المسرح البلدي لتونس، تحفتان فنيتان، يبدو المسرح في حلة أحسن من الفندق، من المؤكد أنه كان لانخفاض منسوب السياح الزائرين والأزمة الاقتصادية الخانقة وقعه على مستوى العناية به، رغم أنه مصنف 4 نجوم، موقعه استراتيجي عند نهاية شارع فرنسا، على بعد أمتار من باب البحر (مدخل المدينة العتيقة تجاه القصبة وجامع الزيتون)، الفضاء سياحي بامتياز .
كان على معز بن ضياء أن يلتحق برفاقه / المؤتمر غدا. كنت قد رتبت للقاء رجل أحببته كثيرا منذ أن اقتربت منه.
صديقي مرتضى لعبيدي، جامعي ، قيادي بحزب العمال التونسي (يتزعمه حمة الهمامي المناضل الماركسي اللينيني المعروف )، منع عنه جواز سفره لثلاثين سنة، ذاق رطوبة ونتانة الأقبية، هادئ الطيع، قوي التعبير، ودود جدا، و جد محترم.
كان مرتضى رفيقي في استكشاف تونس العاصمة مشيا، بعد أن استكشفتها راكبا مع معز، كما كان رفيقي في فهم أسئلة وكثير من جمل قالها معز.
تونس ما بعد الثورة ؟؟؟؟
لم يكن لائقا أن أرهن الرجل معي و هو يقطن بعيدا عن العاصمة، يكفيني أنه تنقل للقائي، و كان المشي والغذاء والنقاش معه ممتعا، بعد ثلاث ساعات من الرفقة اللذيذة، ودعته. ثم كان التسكع سيدا.
قهوة صباح الجمعة ستجمعني بجمال بلول، القيادي بجبهة القوى الاشتراكية (ffs الحزب الذي ارتبط تاريخيا باسم الراحل حسين آيت أحمد ).
كيمياء ما شدتنا إلى بعضنا طيلة مقامنا بتونس، وصرت لجمال وصار لي binôme .هل لأننا تقاسمنا نفس التحاليل والخلاصات؟
ألأن وفود «إخواننا الآخرين» هم في أغلبهم أجانب (إسبان، ألمان، سويد) ؟؟
أم فقط، وأساسا، لأننا مغاربة؟ بالمعنى الذي يعنيه المغرب الكبير.
طال نقاشنا:  الجزائر، الصحراء، الحسيمة، تونس، المغرب العربي، العلاقات الثنائية بين حزبينا  …
ولأن المناسبة شرط ، و لأننا كنا نرقب بداية أشغال مؤتمر مستضيفينا، و بعد كل ما تداولناه و سمعناه، فطبيعي أن تكون تونس وثورتها( السباقة )، و مآلات ثورتها، وتفاعلات انتقالها الديمقراطي و حيثيات عدالتها الانتقالية، ومعالم منوالها التنموي،،، مركز تركيزنا .
كنا،عشية الجمعة 8 شتنبر، مدعوين بشكل حصري كضيوف دوليين،  للمشاركة مع قيادة التكتل وثلة من كبار أطره، في ندوة من محورين :
-الانتقال الديمقراطي بتونس من تأطير عضو المكتب السياسي، المهندس كمال القرقوري .
-الوضع الاقتصادي والاجتماعي بتونس من تأطير إلياس فحفاح،عضو المكتب السياسي، وزير المالية ثم السياحة السابق .ثم ختم للرئيس الأستاذ مصطفى بنجعفر.تبدو الوجبة دسمة .
«لقد فاجأت ثورة تونس العالم والتونسيين أنفسهم من حيث سرعتها وخرقها للأنماط المعروفة تاريخيا، حيث لم تولد من اجتماعات عامة توافقية وخطب تهييجية وشعارات تجنيد، لقد اختارت شعاراتها بتلقائية ولكن بدون ارتجال، وكانت مطالبها جاهزة وواضحة المعالم، شحذها طول الانتظار وهيجها الكبت، فنبعت عن قناعة ذاتية ووعي جماعي. لم تستند إلى إيديولوجيات يسارية أو يمينية، سياسية أو دينية، بمطالبتها بالحرية والكرامة و بفرضها إرادة الشعب دشنت ثورة تونس نمط الثورات في زمن العولمة والحداثة.»
ثورة بمواصفات كهذه، بعد سبع سنوات على اندلاعها (17 ديسمبر 2010) لابد أن لها من مخرجات و مآلات ، لعل  الندوة كما المؤتمر يسعفانا على تلمسها…………
يتبع


الكاتب : جواد شفيق

  

بتاريخ : 19/09/2017