جماعة مدغرة بالرشيدية : السقي بمياه الصرف الصحي يهدد النخيل ومزارع الزيتون

 
تفاقمت ، في الآونة الأخيرة، ظاهرة سقي المزروعات بمياه الصرف الصحي بمناطق بالرشيدية ، و أضحت أمراً مقلقاً لما لها من تأثير سلبي، ليس على صحة الإنسان فحسب، بل وعلى الحيوان وباقي الكائنات الحية، كما تساهم فيً تلويث التربة والغطاء النباتي وتحويل المنطقة إلى بؤرة من الأمراض الصحية . ظاهرة تفاقمت ،على وجه الخصوص، في مزارع وغابة جماعة مدغرة ، التي كانت تزخر الى عهد قريب ، بمزروعات فلاحية متنوعة الى جانب أشجار الزيتون والنخيل . وتبين لنا خلال زيارة لهذه المزارع ولغابة جماعة مدغرة تحديدا، التي تمتد الى مزارع جماعات أخرى نحو الجنوب ، بالملموس ما تخلفه مياه الصرف الصحي الناتج عن محطة الصرف الصحي لمحطة التصفية بالرشيدية . حجم الأضرار التي تكبدتها المزارع ، وثقتها شهادات بعض سكان المنطقة الذين عبروا للجريدة عن قلقهم تجاه الوضعية التي أصبحت عليها غابة الضفة الغربية من الجماعة ، والتي تعاني في ظل صمت و لا مبالاة المتدخلين و المسؤولين عن هذه الوضعية ، و»الحال أن التأخر في علاج المشكل سوف يفاقم الوضعية و يهدد النظام البيئي الايكولوجي وخاصة الواحي المتمثل في واحة زيز-مدغرة على المدى القريب والمتوسط « يقول بعض السكان.
وصرح أحد سكان مزرعة أسرير ( الحاج محمد ) قائلا : «ملي كنا صغار كانت الغابة عندنا مزيانة ، كان الزيتون كايولد مزيان، مزرعتنا كانت تنتج جميع أنواع الفواكه الى جانب منتوج الزيتون والتمر …كانت التربة مزيانة كنفلحو، منها أكانكلو بلا ما نخافو…ماكنمرضو ماوالو، ولادنا ماكايجرا ليهم والو ، لكن ملي دارو التصفية ، توسخات الغابة ، الشجر تضرر ، النخل تضرر ، الفواكه تضررات ، ولادنا تضررو ، الأرض ما بقى فيها ما يصلاح ، كلها ولات موسخة» . وعن سؤال حول ما قامت به الساكنة ، رد قائلا : «تكلمت مع أشخاص قدموا من الرباط ، فردوا علي ، بأنهم سيزودون الجماعة بماء مصفى تصفية جيدة ، لكن رجعوا ليقولوا بأن محطة التصفية تصفي 80 في المائة صالحة ، لتبقى 20 في المائة غير صالحة» ، مضيفا « نحن نلاحظ و نرى بأن الماء الذي يجري في السواقي ملوث و الوسخ الذي يتركه في المزارع مازال مستمرا…».
فلاح ثان صرح من جهته : « إن الأشجار تموت ، نوع من النباتات (ربيع) ينمو بكثرة غريبة وغير صالح ، الزيتون في طريق الانقراض والنخيل كذلك بدأ يتراجع ، رغم أننا نسعى الى غراسة بعض الخضر كالفول والقزبور والمعدنوس… إلا أننا لا نجني سوى «الربيع» أي نوع من الحشائش ،ولهذا نطلب و نناشد المسؤولين لرفع هذا الضرر الذي يأتي من محطة التصفية بالرشيدية» .
وصرح فاعل جمعوي و فلاح (ف.ر.) « إن الضرر في واحة زيز أصبح أمرا واقعا ، وأن واحة وادي زيز مهددة بالمياه العادمة ، أشجار الزيتون تموت، أشجار النخيل كذلك ، التربة غير صالحة للزراعة «، مضيفا « لقد قمنا بتحاليل مختبرية للماء أوضحت بأن مياه محطة التصفية غير صالحة للسقي ، وأن نتائجها ظاهرة على الأشجار، على الإنسان وعلى التربة «.
في السياق ذاته أوضح فلاح رابع : «تم إجراء تحاليل مختبرية في مختبر معترف به ، بمساعدة أحد المهندسين ، حيث كشفت النتائج عن أشياء خطيرة ومضرة للزيتون و للنخيل « .
وقد وجه المتضررون شكايات مرفوقة بنتائج التحليلات المختبرية إلى الجهات المسؤولة والى عدة مصالح إدارية بالرشيدية ، لكن ، وحسب بعض الفلاحين ، « لم نجد من ينصت إلينا ، ولم نتلق أي تجاوب بشأن هذا المشكل» ، مجددين مناشدتهم « لكل من له غيرة على الواحة ، للتحرك السريع ، لأن الوضع يتفاقم ويهدد مستقبلها ، و يهدد النظام الايكولوجي و الواحي بواحة زيز مدغرة على المدى القريب و المتوسط «.
يشار الى أن محطة تصفية المياه العادمة بالرشيدية تم بناؤها سنة 2006 «من أجل اعتماد تقنيات متطورة في تصفية المياه العادمة التي يخلفها استهلاك المياه بالمدينة « ، وفي ذات السياق ، كان المجلس الجهوي للحسابات لجهة درعة تافيلالت برسم سنوات 2012 الى 2016 ، قد أصدر تقريرا تضمن ملاحظتين أساسيتين تخصان محطة التصفية ، ففي الملاحظة رقم 66 لوحظ أن «الجماعة قامت بإنجاز المنشأة دون الحصول على الموافقة البيئية اللازمة»، كما تنص على ذلك المادة 2 من القانون .031. و الملاحظة 67 أشارت «إلى صب المياه بوادي زيز دون ترخيص من قبل وكالة الحوض المائي»، و وقف التقرير على «استعمال هذه المياه من طرف الفلاحين بضفتي الوادي لأغراض السقي دون أن يوجد ما يفيد باحترام تلك المياه لمعايير جودة المياه المخصصة للسقي و المنصوص عليها في القرار المشترك لوزير التجهيز و الوزير المكلف بإعداد التراب الوطني و الإسكان و البيئة  رقم .011276   الصادر في 10 شعبان 1423 بتحديد معايير المياه المخصصة للسقي ».


الكاتب : فجر مبارك

  

بتاريخ : 28/02/2020