حفل موسيقي بأعرق مسارح الأردن استقطب أجمل الأصوات العربية السوبرانو سميرة القادري تسافر بعشاق الفن الأصيل إلى الزمن الجميل

بعد سلسلة من المهرجانات التي دعيت لها الفنانة القديرة سميرة القادري في العديد من الدول هذا الصيف، شاركت السوبرانو في حفل ضخم مؤخرا بالأردن، استقطب عشاق الفن الجميل والكلمة الراقية واللحن العميق والإحساس الشفيف، إلى جانب أصوات نسائية من ثلاثة دول عربية أخرى، ويتعلق الأمر بالفنانة غادة شبير من لبنان والفناتة رشا رزق من سوريا والفنانة لارا عليان من الأردن، وهو الحفل الذي تم بدعوة من مؤسسة عبد الحميد شومان في الأوديوم بالشقيقة الأردن .

عن هذه المشاركة تقول الفنانة القديرة سميرة القادري في تصريح لجريدة «الاتحاد الاشتراكي»، إن العمل كان ضخما، واحتضنه مسرح تاريخي يستوعب 5000 متفرج، رفقة اوركسترا عالمية، الاوركسترا الفيلارمونية الوطنية بالأردن بقيادة المايسترو العراقي محمد عثمان الصديق.
وعبرت السوبرانو عن سعادتها الغامرة بهذه المشاركة التي جمعتها بأصوات من الزمن الجميل، ووصفت الفنانات المشاركات بكونهن عالمات و لهن مسارات رصينة.
وكشفت السوبرانو أن هذه الأمسية جمعت أصواتا نسائية متوجة بالجمال والإحساس الجارف، وأيضا معززة بالدراسة الأكاديمية، مما أثلج صدرها، وعبرت عن سعادتها الغامرة بتوجه مؤسسة شومان للأعمال التي تساهم برفع مستوى التذوق الجمالي، لأننا- تضيف – نحتاجه على مستوى العالم العربي، بحكم أن الفن رسالة، وسلاح أنيق، وهذه الأمسية بهذا المسرح التاريخي العريق، حسب الفنانة المقتدرة سميرة القادري، تعطي وجها آخر للأردن بلد الحضارة.
وترى السوبرانو أن إخضاع القوالب الغربية بتقنياتها لحساب الموسيقى الشرقية من شأنه المساهمة في فتح عوالم أخرى أمام موسيقانا، والتعريف بها، مع ضرورة المحافظة على روح هذه الموسيقى وهويتها، وفي هذه الأمسية – تقول – تم المزج مابين مدرستين، وإعادة تراث الزمن الجميل بمعالجات فنية جديدة. وتجربتي تمثل نمطا يجمع ألوان موسيقات البحر المتوسط، بالشكل الذي يمكنني من السفر به إلى العالم.
وكانت سميرة القادري، التي حصدت العديد من الأوسمة وتكريمها في العديد من الدول، قد أصدرت أغنية «عشاق» واشتغلت من خلالها على زجل أندلسي، وهو استحضار جميل لصورة المرأة في الأندلس .
و أغنية «عشاق» – تمثل الحب العميق الاستثنائي، وهذا يبرز على مستوى الشعر وغيره، والفنانة والمثقفة سميرة القادري هي حريصة على التجديد من داخل هذا الصنف الفني الذي تعتبر رائدته بامتياز، وظهر هذا جليا في قطعة عشاق، إذ نجد اللحن ليس بسيطا، بقدر ما يعتبر تأليفا، حيث تنسجم الخلية اللحنية مع الآلات لتخلق نوعا من الانسجام، بالرغم من خروجها عن تقليد الخط الأحادي.
كما نجد حوارات بين الآلات والصوت دون الابتعاد عن هوية العمل الموسيقى، إذ أرادته عملا مغربيا بأدوات أكاديمية عالمية، مساهمة منها في التعريف والارتقاء بتجاربنا عالميا،
وسبق أن كشفت السوبرانو في حوار سابق مع جريدة «الاتحاد الاشتراكي» بأن قطعة «عشاق «هي واحدة من مشروع متكامل تضمنه ألبوم «مزيج «، الذي هو عصارة اجتهاد بين فريق مبدع ينتمي أفراده إلى مدارس مختلفة، وكان الحرص على المزج بين الموسيقى الأم، وهي المغربية المغاربية مع أنماط أخرى مثل الفلامنكو، الفادو، الجاز والتانغو …
كما أن اختيار هذه الأنماط هو فعلا شيء مبرر، و استمد مشروعيته الفنية من أسس تاريخية، إيمانا منا أن للمغرب ثراء فنيا قابلا للتطويع في مؤلفات رصينة، فعندما نتحدث عن التأليف الموسيقى فهو المدخل الأساسي للعالمية، إذ نريدها موسيقى تشبهنا، ونستنشق فيها رائحة هويتنا و حضارتنا.
وهي الخلفية التي جعلتها تلغي فكرة المؤلف الواحد، والاعتماد على التأليف الحر الغير المقيد،عن طريق الانكباب بشكل جماعي و بروح واحدة في خلق فسحة الإبداع . الشيء الذي تجد فيه بعض القطع من تلحيني – تقول سميرة القادري- و من توزيع المايسترو نبيل اقببب، أما التلحين الآلي أو التأليف الموسيقى فهو لعازف البيانو ياسين عبد الوهاب.
ومن أجل هذا الهدف نترك حرية الخلق لكل عازف حسب ملكاته وقدراته، لخلق الدهشة في العمل ، لنعود جمهورنا على أن لا يكون مستهلكا عاديا، بل نجعله يتحاور معنا، و هذا أهم جديد في أعمالنا .
والمتلقي في الوهلة الأولى، كما تقول سميرة القادري، يدرك بداية الجملة الموسيقية و نهايتها، وهذا يساهم في إثراء و تطوير الموسيقى العربية بشكل عام . لأن الملحن يكتفي بما حقق لها من عذوبة و زخاريف جميلة وثراء في المقامات.
الموسيقى المغربية العربية غنية ترى السوبرانو أنها قابلة للتطويع في قوالب أخرى، تجعلها أكثر رصانة وعمقا تصل إلى العالمية.
وبخصوص هذه التجارب المضيئة التي لا يتم تسليط الضوء عليها، تقول السوبرانو سميرة القادري، فعلا هناك تجارب كبيرة في الوطن العربي، لكن للأسف لا نسلط عليها الضوء، والسبب ترجعه إلى كون القنوات تروج الاجتراري لما يحقق لها من أرباح، لكن ما نقوم به هو تجريب وورش في الموسيقى الجادة، فالموسيقى الراقية لها جمهور جيد، والدليل هو كل الحفلات التي أحييتها في مجموعة دول عربية وأجنبية، حيث عرفت إقبالا كبيرا ونجاحا باهرا، وهذا دليل واضح على ذلك.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 26/07/2017