حكاية  أول  أغنية : فنانون  مغاربة يسترجعون  البدايات

للبدايات سحرها  الخاص ،تبقى  دائما عالقة  في الذاكرة والوجدان،  مثل ظلنا  القرين،لصيق بنا في الحل والترحال،  مهما  كانت الإخفاقات أو  النجاحات فلن  يستطيع  الزمن  طيها.
البدايات كانت  دائما  صرخة  اكتشف  معها  المرء  لغز  الحياة،
وككل  بداية  أو أول خطوة تحضر  الدهشة  بكل  ثقلها، نعيش  تفاصيلها  بإحساس  مغاير  تماما  ،وهو  الإحساس الذي  يكتب له الخلود  ،نسترجعه  بكل  تفاصيله  وجزيئاته، كلما ضاقت  بنا  السبل  أو ابتسم لنا الحظ وأهدانا  لحظة فرح  عابرة.
البدايات  في كل شيء،  دائما  هناك  سحر  غامض  يشكل برزخا  بين  الواقع  وماتتمناه  النفس  الأمارة  بالحياة والمستقبل الأفضل.
في هذه  الزاوية  نسترجع  بدايات  فنانين  مغاربة عاشوا  الدهشة في أول عمل  فني  لهم،  واستطاعوا  تخطي  كل  الصعوبات كل  حسب  ظروفه  المحيطة  به، ليبدع لنا  عملا  فنيا  ويهدينا أغنية تشكل  اليوم  له مرجعا  أساسيا في مسيرته  الفنية   ،وتشكل لنا  لحظة  بوح  من خلال  استرجاع  عقارب  الزمن  إلى  نقطة  البدء،  وتسليط  الضوء على ماجرى.

الفنانة سامية أحمد رأت النور بمدينة  آسفي، وهناك تفتقت موهبتها، نشأت في أسرة تحب الفن والأدب وكل ما هو جميل، إذ استأنست منذ صغري بسماع صوت محمد عبد الوهاب وصباح فخري والحسين السلاوي ووديع الصافي والأيقونة فيروز … كل هذه الظروف جعلتني أبحث عن خصوصية في مساري الفني، وهي النهل من مشارب موسيقية متعددة، تجعلني أحلق بصوتي حول كل الألوان التي تعجبني دون أن التزم بنوع خاص وحصري.
عن بداياتها الفنية تقول الفنانة المثقفة سامية أحمد، «كانت مع مجموعات كورالية، لكن لقائي بالفنان الراحل سعيد الشرايبي غير مساري وجعل مسؤوليتي الفنية أكبر.
أول مولود فني لي تضيف، كان هو أغنية «صلوا على الهادي» التي تحتل حيزا جميلا في قلبي وفي ألبومي «تحية «،الأغنية من التراث الأندلسي شعرا وهي أغنية دينية في الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم».
الأغنية من ألحان الأستاذ سعيد الشرايبي، وهي من التراث الأندلسي لكنها جاءت بصيغة جديدة من حيث النفس والتوزيع الذي قام به الأستاذ يوسف قاسمي جمال، سجلتها بالمدرسة العليا للفنون السمعية البصرية تحت إدارة مهندس الصوت عبد الله الوزاني، أما الميكساج والماسترينغ فتمت مع باقي أغاني الألبوم من طرف الموزع كريم السلاوي.
وأشير بكامل المحبة، تضيف الفنانة سامية أحمد، إلى أن كورال فرقة «جسور» هو الذي رافقني في الأداء، إذ ما زلت أذكر كواليس هذه الأغنية التي مرت في جو بهيج تسوده المحبة والصداقة والتآلف نظرا للعلاقة الجميلة التي تربطنا ببعض .
وعن الصعوبات التي واجهتها في إخراج هذا العمل الفني، تقول،» أهم المعيقات التي تعترض الفنان هي المسألة المادية، فألبومي» تحية « كان من إنتاجي الخاص، إذ لم أحصل على دعم مادي بل تحملت مصاريف الإنتاج حبا مني في إخراج أول أغنية لي إلى حيز الوجود بعد مرور وقت طويل على تسجيلها، طبعا هناك صعوبات أخرى لكن المسألة المادية تبقى على رأس العوائق ».
وترى الفنانة سامية أحمد أن نجاح الأغنية لا تقيسه بعدد المشاهدات على اليوتيوب «لأنها تندرج ضمن سياق فني خاص بي، له جمهوره الخاص، وللأسف هذا الجمهور يشكل نخبة صغيرة داخل الجمهور العام، على العموم أغاني لا يتذوقها إلا أصحاب الذوق الراقي الذي يبحث عن اللحن الجيد والكلمة الجميلة والأداء الممتع . بالنسبة لي أحكم على نجاح الأغنية انطلاقا من تفاعل الجمهور معها بالحفلات فمثلا عندما غنيت» صلوا على الهادي «بجزر الكناري وأوزبكستان لاحظت أن الحضور استمتع بها ولاقت تفاعلا إيجابيا لأن الصبغة الروحانية التي تحملها لامست أرواحهم .
وعن المبلغ المالي الذي تطلب منها لإنجاز هذا العمل الفني، تقول سامية أحمد، «صعب علي أن أحدد قيمة المبلغ المادي الذي أنتجت به الأغنية، لأن إنتاجها ارتبط بباقي مصاريف ألبوم «تحية»، زد على هذا أنني بصدق أنسى المصاريف المادية، لأنني أركز على قيمة العمل الفنية فهي الأبقى والأهم» .

وتزيد موضحة،»عند إنجازي للأغنية تم التفاعل معها من طرف العائلة بشكل جد إيجابي لأنه كما هو معلوم بالنسبة لمحيطي فعائلتي تحب الفن وتقدره «.
وتسترسل قائلة « بالنسبة لي كانت الأغنية ناجحة لأنها تتضمن اللحن الجيد والتوزيع الجميل والمتميز فضلا عن كونها من التراث الأندلسي الغني» .
وعما إذا استمر التعامل في ما بعد مع نفس الأسماء التي وقعت معها العمل الفني الأول، تجيب:
«كما هو معروف للمتتبع لأعمالي فالألبوم كله من ألحان الأستاذ سعيد الشرايبي، إذ يشرفني تعاملي معه المثمر . بالنسبة للفنان كريم السلاوي تعاملت معه في ما بعد في أعمال أخرى. أما في ما يخص الأستاذ يوسف القاسمي  جمال فقد استمر تواصلنا الفني عبر حفلات خارج البلاد جمعتنا معا. أؤمن بأهمية استمرار التعاون الفني مع الأشخاص الذين نثق بهم وتجمعنا بهم علاقة صداقة وأخوة بالإضافة إلى القدرة على الإبداع والعطاء الجميل «.
بصراحة، تضيف، فأغنية «صلوا على الهادي «من أحب الأغاني إلى قلبي، فبها ابتدأت مشواري الفني ولي معها ذكريات جميلة.


الكاتب : جلال كندالي 

  

بتاريخ : 21/05/2019