حياة «أخرى»

عندما يصبح البحر ملاذا من عفونة واقع بشع يقتل أحلامنا ويلغي إنسانيتنا، ويجعل الفرح فينا نشيد حزن نردده عند كل إشراقة نتمناها لو كانت ظلمة دائمة، فحتما ستصبح الهجرة الى الضفة الأخرى،حلما يتحقق فيه  المستقبل والكرامة. و»حياة» ككل الشباب كان لها حلم أكبر من الموت وأصغر من الحياة ذاتها. حلم أضمر الموت لحياة لفظها وطن، وترجم حبها بلغة القهر، والذل، والكفن. لغة الموت الذي ذاقت ويلاته في مسيرة حياتية مجهول مستقبلها. لترى في الهجرة الحل الأوحد،والأمثل للخروج من قوقعة الفقر والحاجة،وضيق ذات اليد، والبحث عن فسحة حياة أجمل هروبا من وطن لم يعترف بإنسانيتها  ووجودها.
حياة لم تكن ممن ارتموا في البحر عبثا. لكن المستقبل المظلم لطالبة مجدة جعلها تحارب طواحين الهواء لكينونة لا مستقبل لها ولا حاضر لها. لذا من البديهي ان تلجأ للبحر علها تجد سفينة نوح تقلها للضفة الأخرى لكن رصاصة أرخصت حلمها وأنهت حياتها. فمن المسؤول عن موت حياة والكثير من الأحلام في خاصرة السنين؟؟؟؟
لقد علمونا منذ الصغر في أن الجنة تحث أقدامك ياوطن،لكن للأسف كنا.. وأنت  تحت أقدام مستغليك، وما كنا سوى رماد في وطن نعى أحلامنا في زمن مبتذل، لنضيع بين سارق أحلام ، وقيم على تحقيقها..
حياة كانت واحدة من بين الآلاف الذين هربوا من جذورهم ليكون البحر قرارا بعمق الألم ، والمهانة، في أوطان  أصبح الإنسان أرخص مافيها، ليضيع حقه وأحلامه في ذاكرة مستقبل بوعود منسية لحياة معطوبة تنزلق نحو الهاوية لتلامس قعر المرارة والخيبة. أي مهانة هاته حينما تهرب فتاة في مقتبل العمر والمستقبل عرض البحر نحو  مجهول لتحقق الحياة بموت متربص بها؟ أي وطن هذا يقف متفرجا حيث يموت أبناؤه بأكثر من طريقة للموت؟
أي وطن هذا لايتحرك إلا إذا حلت الفاجعة ً؟ يرافق المنكوبين إلى المثوى الأخير، يمشي وراءهم بضع خطوات ثم يعود إلى  حياته دون أدنى شعور بالذنب؟؟؟
لتستمر الحكاية في مخاض المرارة وخيبة أحلام صغرى في وطن يحتوينا بإهاناته المهذبة، بل واللبقة أحيانا.


الكاتب : حليمة حريري

  

بتاريخ : 11/12/2018