خبراء وشخصيات دولية وازنة في المؤتمر الدولي للحوار الأطلسي: العالم في حاجة إلى نظام اقتصادي عالمي جديد بمقدوره أن يتجاوز اختلالات الرأسمالية المتوحشة

أجمع مشاركون في النسخة السابعة من المؤتمر الدولي للحوار الأطلسي الذي انطلقت الخميس في مراكش أولى جلساته، على أن العالم يحتاج إلى التفكير في نظام اقتصادي عالمي جديد بمقدوره أن يتجاوز اختلالات النظام الرأسمالي على مستوى انعدام المساواة الاقتصادية والسياسية.
وفي هذا الصدد قال يونس أبو أيوب مدير إدارة الحوكمة وبناء مؤسسات الدولة في الأمم المتحدة إن “أي تحليل للسلام والتعددية يجب أن يضع المواطن، في مركز الاهتمامات. إن العالم ، وخاصة الأمم المتحدة ، أهمل المواطن للتركيز أكثر على الدول. ولهذا السبب، بات من الضروري الحد أو على الأقل التخفيف من تجاوزات الرأسمالية ومعالجة العجز القائم بين الدول والمواطنين”.
وبدورها تطرقت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت في مداخلة لها في المؤتمر السابع للحوارات الأطلسية الذي ينظمه مركز التفكير المغربي: “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد”، لموضوع النزعات الشعبوية الذي قدمت اولبرايت مداخلتها فيه إلى جانب بيدرو بيريس رئيس دولة كاب فيردي سابقا، وهو موضوع رئيسي للمؤتمر هذه السنة، ويعكس توجهات هامة مثل صعود النزعات الشعبوية، والانتخابات الرئاسية الأخيرة في البرازيل، والسياسة الخارجية الأمريكية، بحيث أن هذه الأخيرة صارت تشكك في مستقبل معاهدة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومنظمة التجارة العالمية (WTO).
وخلال هذا النقاش الذي سيرته براون نيلسن رئيسة تحرير ومديرة CNBS إفريقيا، قالت مادلين اولبرايت كاتبة الدولة الأمريكية السابقة إن ” العولمة سلاح ذو حدين يصعب التعرف على أوجهه بشكل واضح”، ودعت أولبرايت إلى إشراك المؤسسات العامة والمجتمع المدني في هذا النقاش، وأضافت كاتبة الدولة الأمريكية السابقة، أن هؤلاء الفاعلين، وخصوصا الشركات، هم من يقودون أساسا العولمة، وهي قوة خارقة تقسم الأمم، وقد تتولد عن هذا الوضع توترات. وتقاسمت أولبرايت مع الحاضرين توجسها من السياسة الخارجية لدونالد ترامب، والابتعاد عن الهموم التي تؤرق مضجع العالم. وقالت “كيف لبلد كالولايات المتحدة الأمريكية أن يتراجع إلى الوراء ويترك مكانه على الصعيد الدولي، مكان قد تحتله أمم أخرى؟ على أمريكا أن تلعب دورها وألا تتخندق كدركي للعالم”. مضيفة أنه يجب إيجاد توازن بين الانسحاب السلبي، ولعب دور الدركي.
من جانبه قال بيدرو بيرس، الرئيس السابق لجمهورية الرأس الأخضر، إن العديد من الدول استفادت من العولمة، بينما كانت إفريقيا هي الخاسر الأكبر. وأكد أن العولمة ظاهرة لا رجعة فيها ويجب تدبيرها بدل العزوف عنها، مشددا على أن إفريقيا مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالانغماس في النقاشات الدائرة حول القرارات التي تهم الفضاء الأطلسي، وعليها بالخصوص تقوية علاقاتها مع أمريكا اللاتينية.
وبعد مقدمة كتبتها حفصة أبيولا، ابنة الرئيس الراحل المنتخب، موشود أبيولا، والصوت البارز في المجتمع المدني النيجيري، ناقشت أنطونيا باولو باراناغوا، المؤرخة والصحفية السابقة في صحيفة “لوموند”، موضوع “المحيط الأطلسي، ساحة ثلاثية للتفاعل الثقافي”.
وعند تناوله لموضوع “إفريقيا: الأواصر الديموغرافية للهجرة”، اقترح عبد الحق باسو، وهو باحث بارز في “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد”، أفكارا مجددة، تقوم على حقائق وليس على تصورات. وقال: “إن بلدان شمال إفريقيا، حيث يتراجع نمو السكان، هي أيضا بلدان يخطو فيها النمو خطوات واسعة. وستكون هذه البلدان مستعدة للترحيب بالمهاجرين الأفارقة في المستقبل لتعويض عجزها الديموغرافي” .
وتناول رشيد الحظيكي، وهو أيضا باحث بارز في المركز، محور “التحالف الأطلسي: بين نزعة أوروبية متجددة ونزعة أطلسية مضطربة”. وتشكل الفلاحة والأمن الغذائي و “إعادة التوازن بين الشمال والجنوب حول تغير المناخ” فصلا متميزا بحثت فيه كل من ريم براهاب، خبيرة اقتصادية بالمركز، وايمبوي زوطان من الكاميرون، وهو عضو سابق في “برنامج قادة حوارات الأطلسي الصاعدين” وباحث في معهد دراسات التنمية التابع لـ جامعة أنتويرب (بلجيكا.(
خريج آخر من “برنامج قادة حوارات الأطلسي الصاعدين” وهو إريك نتومبا، بنكي شاب من جمهورية الكونغو الديمقراطية، شارك في كتابة دراسة مع البرازيلي أوطافانيو كانوطو، وهو باحث بارز في المركز، حول موضوع احتمال حدوث أزمة مالية دولية جديدة، ويرى الباحثان أن “مستويات الديون العالمية إلى جانب المسارات الاقتصادية المتباينة التي اتخذتها الولايات المتحدة، وغيرها من الاقتصاديات الناضجة مقابل اقتصاديات الأسواق الصاعدة والمتاخمة ستتقدم، بالتأكيد، في مشهد الأزمة المقبلة”.
وقام مصطفى رزراري، وهو باحث بارز في المركز، بمراجعة مفهوم الجنوب” في الفصل الأخير من التقرير. حيث يذكرنا بأن “الاستخدام الأول لهذا المصطلح “الجنوب العالمي” يعود إلى العام 1969، حيث أعلن كارل أوكلزبي، رئيس تحرير “الكومنولث الكاثوليكي” الليبرالي ، أن” قرونا من هيمنة الولايات المتحدة على الجنوب العالمي قد تحولت إلى إنتاج نظام اجتماعي لا يحتمل. ”
وخلال الجلسات المستمرة إلى غاية نهاية أشغال المؤتمر يومه السبت، يقارب محمد بن عيسى، وزير الخارجية المغربي السابق، موضوع “المسار الثقافي للحوار الأطلسي”.
ويذكر أن الندوة الافتتاحية حضرتها شخصيات منها يوسف العمراني، وزير منتدب سابق بوزارة الخارجية ومكلف بمهمة بالديوان الملكي، عمر هلال، السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، أندري أزولاي، مستشار جلالة الملك محمد السادس، وعمرو موسى، وزير سابق بالخارجية المصرية، والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية.


الكاتب : مراكش: عماد عادل

  

بتاريخ : 15/12/2018