دون اكتراث بالتداعيات البيئية الخطيرة .. «إعدام حديقة» بالعيون الشرقية يثير الغضب

 

سبق أن حذرنا في مقال سالف مما يخطط له من إعدام لأشجار الحديقة الموجودة وسط المدينة بشارع بئر أنزران قبالة الباشوية بجانب مقر الدرك الملكي، وكذا من الجهة الأخرى شارع الدار البيضاء قبالة مدرسة أبن زهر ومصلحة المياه والغابات، فتساءلنا حينها عن الأسباب، فعلمنا بأن العملية تدخل في إطار برنامج وطني لتأهيل المدن، وأنه خصص لهذا الغرض مبلغ مالي ضخم ،ومضت سنوات صمت إلى أن جاء المجلس الحالي ليفعل المشروع بعد تعديل لبعض التفاصيل. لتكون المفاجأة هي وقوع ما كنا نخشاه .لقد تمت بالفعل عملية الإعدام الجماعي لأشجار الحديقة، فحسب المعلومات المتوفرة وبعض الصور المنجزة من طرف المصلحة المعنية بالأمر، فالمكان سيصبح عبارة عن ساحة إسمنتية مزلجة مفتوحة تتوسطها نافورة وتحيط بها بعض الأشجار، وخصص لهذا حوالي 700مليون سنتيم. مما يعني أن “الظل “ سيختفي تقريبا مقارنة بما كان الوضع عليه قبل إعدام أشجار كانت صديقة لسكان المدينة ويعتبرونها جزءا من رئتها التي تعطي توازنا لبيئة المنطقة منذ عقود خلت، وسيحرم السكان من” ظل” عمر لأزيد من نصف قرن، وذلك ضدا على التوجيهات العليا التي تدعو إلى الحفاظ على البيئة ،خصوصا المناطق الخضراء وأهمها الأشجار.
لقد تم اقتلاع الحديقة بأشجارها ،أزيد من مئة شجرة عملاقة، والتي كان من الواجب أن تكون محمية بيئية للأشجار، للحفاظ على التوازن المناخي، لأنه معروف، في الصيف تساهم تلك الأشجار في تلطيف الجو وامتصاص الحرارة المفرطة، أما شتاء فتساهم في تدفئة الجو ،فبدون تلك الأشجار سيصبح الصيف “جحيما “ لايطاق، وسيكون الشتاء باردا لا يحتمل، وسيتولد عن هذا خلل مناخي وبيئي. واسألوا المختصين في البيئة والطبيعة! بالإضافة إلى القضاء على عشرات الأنواع من الطيور منها النادرة التي كانت تعيش على تلك الأشجار . لكن يبدو أن من خططوا لهذا المشروع لم يهتموا بكل هذه القضايا التي هي في الحقيقة مصيرية بالنسبة للمدينة وساكنتها.
كانت بالحديقة بناية مكتبة البلدية لم تفتح أبوابها قط منذ نشأتها، ولم يتم استغلالها نظرا لتضارب مصالح البعض، ليتم الآن هدمها وتصبح نموذجا لهدر المال العام الذي تبقى ساكنة المدينة في حاجة إلى ترشيده، والحفاظ عليه ،بالإضافة إلى خراب معدات ألعاب للأطفال كانت موجودة بالمكان.
إن الساحة كما يتصورها الذين وضعوا تصميمها، لن تزيد الأمور إلا تعقيدا، وقد تكون لها نتائج سلبية عديدة على المستوى البيئي.
نعم للساحات الجميلة، لكن ليس على حساب البيئة والمساحات الخضراء التي يستحيل تعويضها ويستحيل مقاومة سلبيات اقتلاعها، لأن غضب الطبيعة جبار. ونضع سؤالا مهما: ألا يوجد مهندسون مختصون يحافظون على البيئة ويخططون كي تبقى الأشجار الشامخة في مكانها؟ ونضيف أن المنطقة معروفة بصفاء وصحة جوها، وأنه في أقل من عشر سنوات تم بالمنطقة اقتلاع وتجريف الأشجار المثمرة وغير المثمرة أكثر مما اختفى جراء جفاف ثلاثين سنة، وذلك بفعل البناء العشوائي وبعض الجمعيات السكنية التي زاغت عن أهدافها .ومن يدري فقد تجرف مساحات أخرى تحت مسميات أخرى… وقد تصبح المدينة مجرد شبح يطارد ساكنتها.
إن الوضع يستدعي تدخلا عاجلا من قبل السلطات المعنية مركزيا وجهويا لوضع حد لما تعرفه المنطقة من خراب للبيئة، وحماية ما تبقى من مساحات خضراء، وحتى تكون عملية تأهيل المدينة لصالح السكان كلهم ،ـ لا أن تكون في صالح لوبي الحجارة والإسمنت! وأن تكون هناك مراقبة ومتابعة مختلف المشاريع بصرامة وحزم ومحاسبة المسؤولين عما وقع ويقع من هدر للمال العام ، لأنه تبين من خلال عدد من المشاريع السابقة بالمدينة أنها لم تعمر طويلا. فكم من أرصفة اقتلعت تلقائيا وكم من مجاري مياه انهارت، وكم من شوارع زفتت لم تمض سوى أسابيع حتى ظهرت بها حفر.و….
باختصار مفيد، إن المدينة بحاجة لمشاريع تنتج وتشغل مئات الشباب التائهين بين واقع قاس وحلم بالهجرة للضفة الأخرى أو للمجهول.


الكاتب : سعيد رامي

  

بتاريخ : 21/05/2019

أخبار مرتبطة

  بلغ عدد حوادث السير التي طالت حافلات الباصواي منذ فتحها لأبوابها في وجه الزبناء في فاتح من شهر مارس

  طفا ملف مواطن محكوم ب 10 سنوات نافذة على سطح الأحاديث بخنيفرة من جديد، مع مطالب قوية بإعادة النظر

علمت الجريدة من مصادر مطلعة، أن  المدير العام للمستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط، محسن رؤوف، اقال مؤخرا،  مسؤولين إداريين ورؤساء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *