ذكرى عبدالرحيم مؤذن ..

كأنه كان حاضرا بيننا مساء الجمعة الأخيرة من أكتوبر الأخير، حين اجتمعنا، وفتحنا كتابه، وقرأنا سطوره. في الحقيقة هو من جمعنا، هو من دعانا لصلة الرحم فيما بيننا، والخوض في أحاديث خافتة، يلونها حزن كثير وفرح قليل. امتطينا صهوة ذكراه، وعبَرنا إلى ضفافه الشاسعة، وسرنا في دروب طيبته وغضبه وصرامته وحبه الذي هطل غزيراً في كل فصول حياته.
خيمت على القاعة روح عبد الرحيم مؤذن، ولبست منصتها ألوانه، وبلا مقدمات أخذ الجمع يسبح في بحر سيرته وأثره. عُزفت الكلمات على آلات هادئة، فُتح المجال أولا لرفيقة دربه الأستاذة حورية مجتهد، فشرعت، وهي تغالب الدموع، في تقليب صفحات العمر المشترك. اختلطت العبارات بالزفرات وفاضت الجمل بحرقة صادقة وحب شاسع ووفاء لا تحده ضفاف.
بعدها مباشرة أعطيت الكلمة للدكتور والقاص المبدع مصطفى يعلى، فتناول كتاب «أرخبيل الذاكرة» وقربه بشكل كبير وجميل من الحضور، ثم تناول الكلمة الشاعر والناقد أحمد زنيبر الذي سرد صفحات جميلة من ذكرياته مع الراحل. أما القاص المصطفى كليتي فعاد إلى ذكريات جمعته والفقيد عبد الرحيم مؤذن في مختلف فضاءات القنيطرة، واختتم اللقاء بمداخلة كاتب هذه السطور الذي تطرق إلى المسابقة، التي أعلنها فرع القنيطرة لاتحاد كتاب المغرب، وأطلق عليها اسم عبد الرحيم مؤذن، متمنيا أن تصبح تقليدا ثقافيا حقيقيا، وأن تتكاثف الجهود من أجل أن تصبح هذه المسابقة في مستوى مكانة عبد الرحيم مؤذن الأدبية، وفي مستوى مدينة القنيطرة التي أنجبت الكثير من المبدعين في مختلف المجالات.
وكان للحضور أيضا موعد مع إصدار جديد للراحل عبد الرحيم مؤذن، حيث قام اتحاد كتاب المغرب بنشر كتاب «السمكة والأميرال» مترجما إلى الإسبانية من طرف الأستاذة سمية المرابط، ولقيت هذه المبادرة الطيبة ترحيبا واستحسانا من لدن الحاضرين.
خلال كل فقرات اللقاء كانت روح عبد الرحيم مؤذن رحمة الله عليه، ترفرف بيننا، تعددت صوره، وحضرت كلماته وضحكاته..، هبت سيرته من كل الاتجاهات، وتربع اسمه على عرش الحضور، التقينا على محبته، وافترقنا عليها آملين أن تتكرر مثل هذه اللقاءات، ويظل إرث فقيدنا العزيز نبراسا ينير الظلمات.


الكاتب : محمد الشايب

  

بتاريخ : 10/11/2017

أخبار مرتبطة

روني شار يقول بأن على الشاعر أن يستيقظ قبل أن يستيقظ العالم لأن الشاعر حافظ وجوه الكائن اللانهائية.شعراء أساسيون مثل

رَفَحْ جرحٌ أخضرُ في مِعْصم غزَّةَ، وَنَصْلٌ في خاصرة الريحِ. ماذا يجري؟ دمُ عُرسٍ يسيلُ أمْ عروسُ نِيلٍ تَمْضي، وكأنَّ

– 1 – هل الرمز الشعري الأسطوري ضروري أو غير ضروري للشعر المغربي؟ إن الرمز الأسطوري، اليوناني، خاصة، غير ضروري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *