ذهبنا إلى الصين، وعدنا …من المستقبل! .. واعلم، حفظك الله، أن لهم تقنيات تحول الصوت إلى … حروف! 27

كانت لنا جلسة ثانية في ذلك اليوم، مع المسؤولين في مكتب الصحافيين بشنغهاي، وهو يشبه الاتحاد المحلي للصحافة في المدينة. بحضور رئيس الاتحاد السيد شيو تشين والمسؤول العام عن المجموعة السيد لي شيانغ والمسؤول عن العلاقات الخارجية، كشا جونغ، وهو نفسه الذي كان معنا خلال زيارتنا لمعروضات تاريخ المجموعة، كما كان حاضرا في هيئة تحرير الجريدة الورقية.…
قال الرئيس إن عدد العاملين 6 آلاف عامل، من بينهم ألفا صحافي في المجموعة، وتبين أنهم يستعملون الفيسبوك والتويتر، كما هو حال “يومية الشعب”، بالرغم من منعهما في البلاد الصينية…
من بين الأشياء الجديدة، توفرهم على تقنيات في الإعلام البديل تعمل على تحويل الصوت إلى حروف!
وخلت أنني في عهد ابن بطوطة
وخلت أنني أنقل ما رأى إلى زميل لن يصدقني
وخلت أنني أحاول أن أقنعه: واعلم، حفظك لله، أن لهم تقنيات تحول الصوت إلى… حروف!
افتتح المسؤول عن العلاقات الخارجية الاجتماع في انتظار النائب المدير العام الذي وصل بعد هنيهة إلى الاجتماع، السيد لي شيانغ. وقد أعطانا نظرة عن تاريخ المجموعة في شكلها الحالي، حيث قال إنها بدأت سنة 2013، وهي تضم جرائد لها تاريخ مثل التحرير والمساء، إضافة إلى عناصر الإعلام الجديد التي تم دمجها، وهي تسعة مواقع إلكترونية…
وأضاف أن الجانب الثقافي حاضر بقوة. وعن سؤال حول البورصة قال إن المجموعة توجد فعليا في بورصة شنغهاي مثلها مثل وكالة شنخوا الرسمية، وهي تضم 150 شركة فرعية، هي مثل مكاتب لاماب مثلا ..
وتبين لنا من حديث المسؤول الصيني أن الصحافيين يتحملون مسؤوليات إدارية ومالية في المجموعة، وبالنسبة لتدبير الحياة الداخلية فإن الحكومة تعين رئيس المجموعة في حين يتم انتخاب مجلس الإدارة.
ذكر لنا المسؤول الصيني أنه زار المغرب في السنة ما قبل الماضية، وأن السيد السفير الصيني بالمغرب كلفه بالدعاية للمغرب في مدينة شنغهاي عبر تطبيق الوي شات، الذي يعادل الواتساب، وبادر بالدعوة إلى تقوية التعاون على المستوى الشعبي.. وعلمنا منه أن شنغهاي تضم مئة صحيفة تشكل كلها جزءا من أسهم المجموعة في البورصة، التي يمكن للمواطن أن يشتري أسهما منها إذا شاء.. أما عن علاقة الدولة بالمجموعة، فقد علمنا أنها تستثمر في المجموعة، ولها الأسهم الأكبر فيها…
تبادلنا المعطيات حول الصحافة ببلادنا، وفورة المواقع التي بلغت ثلاثة آلاف موقع منها 10 في المئة فقط فاعلة، وعن تراجع الورقي عندنا..
وحضرت في ذهني تلك الجلسة التي ضمت اليوسفي، عندما تولى جريدة الحزب، ومحمد البريني الذي كان يجالسه في بيته لكي يدافع عن مشروعه الجديد.
وقتها تحدث البريني عن الفورة الرقمية، وكان ذلك في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، لقد كان ربما من القلة القليلة التي انتبهت إلى التحول الكبير القادم…
كتب متحدثا عن لقاء مع المجاهد «السي عبد الرحمان» حرص على تذكيره، بأن الزمن الذي كانت الصحافة الحزبية تستأثر بالقارئ، وتمارس الهيمنة على السوق، وعلى المشهد الإعلامي، قد أخذ يتوارى، وأن زمانا جديدا راح يحل محله، لقد أخذت التغييرات تتسارع في المشهد الإعلامي المغربي، في ظل الثورة الرقمية، والتطورات الجديدة في ميادين تكنولوجية التواصل والبث التلفزي، وفي ظل الاهتمام المتزايد الذي راح يوليه الرأسمال الخاص للاستثمار في قطاع الصحافة الورقية، لم يكن واردا منذ بضعة شهور، أن يقتحم القطاع الخاص هذا القطاع، وأن ينطلق بالقوة التي نلمسها اليوم، والمتمثلة في مغامرة إصدار صحف مكتوبة أسبوعية ويومية. صحيح أنها لم تنجح بعد في فرض نفسها بقوة داخل سوق الصحافة، إما بسبب ضعفها المهني، وإما بسبب توجهاتها المحافظة، وإما لأنها لم تفلح بعد في تحقيق تميز واضح على ماهو موجود في الواقع، لكن الدينامية التي سوف تخلقها لن تتوقف، بل سوف تزداد سرعة وقوة. وعليه، لابد من أن نتوقع اتساعا في هذا التوجه الجديد.إذا لمسنا ما بدأ يعتمل في المشهد الصحفي المغربي، وإذا نظرنا إلى ما سوف يكون عليه المستقبل، فانني أرى أن على القوى الديمقراطية أن تستوعب مغزى هذه التغييرات، وأن تواكبها، وألا تواجهها بالتجاهل أو بالتقليل من حجم تأثيراتها، أوبمقاومتها.
كان ذلك ذات يوم من أكتوبر … 1996: منذ 24 سنة كان محمد البريني … يبدأ الثورة الإعلامية في نفس الوقت الذي بدأت في الصين!
هناك ما يدفعني إلى الافتخار بتجربة مدير «الاتحاد الاشتراكي» السابق والذي له مكانة عالية في قلب البلاد.
************
كان السيد المسؤول يتحدث لنا عن مئة مليون زائر لمجموعة المواقع التي تضمها ميديا غروب لشنغهاي، منها عشرة ملايين يتفاعلون ويعلقون ويناقشون ما ينشر وما يقرأونه، وقال لنا إنهم ينتجون في اليوم 300 فيديو.
قال أيضا إن 60% من الإعلانات تذهب إلى المواقع والصحف الإلكترونية…
تغني فيروز في أعماقي، في هذا اليوم، بصوتها الشجي…

غاب نهار آخر … غاب نهار آخر
غربتنا زادت نهار واقتربت عودتنا نهار
غاب نهار آخر … نهار آخر
أنا وظل الحور والخريف
ويبعد الرصيف يمعنوا في الفراغ والغبار
غاب نهار آخر … نهار آخر
ودعني طيرٌ و قال إلى بلادي أمضي ذكرني بأرضي
و كبر السؤال و كبر السؤال
غاب نهار آخر … نهار آخر…


الكاتب :  عبد الحميد جماهري

  

بتاريخ : 17/01/2020