رئيسة جمعية النساء القاضيات بتونس سعيدة الشبيلي لـ «الاتحاد الاشتراكي» : المغرب قطع أشواطا متقدّمة في مجال محاربة العنف ضد المرأة

على هامش ندوة دولية حول حماية حقوق الإنسان ومكافحة جريمة الاتجار بالبشر

نظم نادي اتحاد قاضيات المغرب، بشراكة مع وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، نهاية شهر يناير الفارط، ندوة دولية حول حماية حقوق الإنسان ومكافحة جريمة الاتجار بالبشر، بحضور عدد مهم من القضاة والمحامين إلى جانب مهتمين بالشأن الحقوقي من المغرب، الأرجنتين، المكسيك، تونس، موريطانيا، مالي والأردن، لمناقشة واقع جريمة الاتجار بالبشر في العالم، والآليات القانونية المتوفرة لمواجهتها.
خلال هذا اللقاء، أجرت “الاتحاد الاشتراكي” عددا من الحوارات مع قاضيات شاركن في هذه التظاهرة، ومن بينهن القاضية “سعيدة الشبيلي” رئيسة محكمة بتونس، ورئيسة جمعيات القاضيات بهذا البلد الشقيق.

 

p شاركتم بوفد هام ضمن هذه التظاهرة التي احتضنها المغرب، ما السرّ في ذلك والأهداف التي سطرتموها من خلال هذا اللقاء؟

n إن علاقتنا بإخوتنا القضاة في المغرب هي ليست وليدة اليوم، ونحن نحرص منذ مدّة ليست بالهيّنة على التواصل وتبادل الخبرات والتجارب في جملة من القضايا المشتركة، وكنا ، كجمعية للنساء القاضيات في تونس، قد التقينا في مناسبات متعددة بالخارج مع اتحاد قاضيات المغرب، بمناسبة تنظيم عدد من الملتقيات، ووقفنا على أنه يجب أن يكون هناك تقارب أكثر في منطقة شمال إفريقيا، والعمل على تمتين العلاقة فيما بيننا، انطلاقا من قواسم مشتركة متعددة، وهو ما سيعود بالنفع علينا جميعا.
من هذا المنطلق رحبنا بالحضور والمشاركة في هذه التظاهرة المنظمة بالدارالبيضاء، خاصة وأن الموضوع يتسم بالراهنية وهو بالغ الأهمية، بالنظر إلى أن القانون المرتبط بالاتجار بالأشخاص، لايزال حديث العهد، إذ صدر قانون خاص في تونس وشرعنا في تطبيقه، هذا التطبيق الذي يلزم فيه تكوين موسع، يستفيد من تفاصيله القضاة، والضابطة العدلية، والمجتمع المدني، والمؤسسات الاستشفائية والأطباء، وكل الفاعلين في المجتمع المدني، لأن الوعي بهذه الجرائم والخوض فيها والتفاعل معها هو بالغ الأهمية.

p جرائم الاتجار بالبشر في بلدكم هل هي حديثة أم ضاربة في القدم؟

n نحن في تونس لم يكن لدينا وعي بظاهرة الاتجار في البشر لأنها جريمة حديثة، كانت عندنا العبودية والهجرة، لكن الاتجار بالبشر بمختلف أشكاله المتعارف عليها اليوم، هو جريمة أو مجموعة جرائم مرتبطة بالعصر الجديد والشبكات الجديدة التي تستغل الإنسان جسديا واقتصاديا وفكريا وحتى نفسيا، إذ أن الإنسان يستغل الإنسان، والمسألة فيها مسّ بالإنسانية وبحقوق الإنسان.
هذه الجرائم تتطلب من الإنسان المعاصر، والقاضي، والمحامي، في القرن الحالي، إلماما بها، لأن عدم الوعي بهذه الجريمة يعني أن المعني بالأمر لايقوم بدوره.
لقد سطّرنا في تونس عروضا ولقاءات للتعريف والتوعية والتحسيس بهذه الجرائم المختلفة، ومن ضمنها كيفيات استقطاب النساء لشبكات الدعارة في مناطق خليجية مثلا وفي أماكن أخرى، باعتماد طرق وأساليب تبدو طبيعية لكنها في الحقيقة مخالفة لذلك وغير اعتيادية، ونفس الأمر بالنسبة للأطفال، الذين انطلاقا من سنهم وقدراتهم الفكرية لايمكنهم استيعاب ما يستهدفهم، وبالتالي عدم القدرة على الدفاع عن أنفسهم، لهذا وانطلاقا من قانون محاربة الاتجار في البشر، يكفي استغلال الطفل لكي تقام الجريمة، ونحن لا نبحث عن الوسائل، بالنظر إلى أن الاستغلال هو يعني جريمة الاتجار في الأشخاص.

p هل يمنح القانون التونسي مساحات أرحب للتدخل لحماية الأشخاص من هذه الجرائم؟

n لقد أعطى القانون التونسي عدة وسائل للضابطة العدلية لكي يتسم تدخلها بالسرعة ويساعدها على البحث باعتماد جملة من الإجراءات ، كما هو الحال بالنسبة للتنصت على الهواتف، ومراقبة محتويات الشبكات الالكترونية، واستعمال كل الطرق اللازمة لمواجهة هذه الجريمة بكافة أشكالها.
إن الهدف لايكمن فقط في حماية حقوق الضحية، وإنما محاولة الحدّ من شبكات الاتجار في الأشخاص التي تعد قوية والتي لايمكن التصدي لها في بعض الأحيان بالنظر لتوفرها على كل الوسائل التي تمكنها من حماية نفسها. ونحن في تونس لانعتبر الطفل هوضحية جرائم الاتجار في البشر بشكل عام ، في نطاق القانون، وإنما ضحية، فيتم وضعه في أماكن تتوفر فيها الحماية، ونوفر له أجواء مناسبة تساهم في تقديمه للمعلومات الكافية، التي من شأنها المساعدة في الوصول إلى هذه الشبكات الإجرامية وإيقاف عناصرها.

p هل هناك أية معطيات رقمية عن تطور هذا النوع من الجرائم وبعض الحالات؟

n الأكيد أن هناك أرقاما تم تسليط الضوء عليها في مناسبات مختلفة، لكنني لاأستطيع تقديم إحصائيات مضبوطة في هذا الصدد، لأنني لا أتوفر عليها في الظرف الحالي، إلا أنني يمكن ان استحضر إحدى الحالات التي تركت أثرها، وتهم عددا من الأشخاص الذين حلوا من دولة الكوت ديفوار بتونس العاصمة، فجرى استغلالهم في أعمال منزلية، وتم احتجازهم ومصادرة جوازات سفرهم، في ظروف قد تبدو عادية والحال أنها لم تكن كذلك، وهو ماجعل الضحايا يتعرضون لأشكال مختلفة من الاستغلال، وظلوا على تلك الحالة لمدة طويلة قبل أن يتم كشف الأمر.
حادثة إلى جانب أخرى، في تونس وفي غيرها، تفرض التوفر على مؤسسات للحماية والمساهمة في إخراج مثل هؤلاء الضحايا من الأزمات التي مروا بها، ومساعدتهم على تجاوز التبعات النفسية لهذا النوع من المحن وإعادة الاندماج في المجتمع.

p في نظركم، كيف يمكن تحجيم هذه الجرائم على مستوى الدول؟

n لقد كنا هنا في المغرب، خلال شهر يونيو الفارط، واشتغلنا مع منظمة أخرى تخص دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ومن بين ماتداولناه ضرورة تكوين منصة توفر سبل التشبيك بين القضاة والضابطة العدلية ومختلف مؤسسات الدولة المعنية، لتبادل المعلومات وتسهيل متابعة الجريمة، هو مشروع لم يدخل بعد حيز التنفيذ، لكنه بالغ الأهمية وسيكون له أثره المفيد، على مستوى سرعة التدخل وتوفير نجاعة أفضل، من خلال تبادل الأفكار والمعطيات وكل المعلومات المرتبطة بالجرائم، لهذا فإننا ندعو إلى تسريع هذه الخطوة التي ستمكّن لامحالة من المساهمة في التقليص من نشاط عصابات إجرامية، سواء على مستوى الاتجار بالبشر أو بجرائم أخرى.
إن التعاون بين بلداننا من شأنه المساهمة في تطوير جهودنا جميعا والاستفادة من خبرات بعضنا البعض، وبهذه المناسبة أود التنويه بالخطوات التي قطعها المغرب في مجال مواجهة العنف الممارس ضد المرأة، إذ خلال مقامنا في الدارالبيضاء بمناسبة انعقاد هذه التظاهرة، قمنا بزيارة مجموعة من المؤسسات القضائية ووقفنا على آليات تطبيق القانون في المغرب، وكيف تم إحداث خلايا تتابع وتتكفّل بالمرأة المعنّفة وبالأسرة، وهو أمر استفدنا منه كثيرا بالنظر إلى أن قانون العنف ضد المرأة في تونس شرعنا في تطبيق آلياته حديثا، وبالتالي فإن علاقة التكامل بيننا هي مفيدة لتطوير الآليات القانونية بما يخدم شعوبنا.


الكاتب : حاورها: وحيد مبارك

  

بتاريخ : 27/02/2018

أخبار مرتبطة

  بالنسبة لقارئ غير دروب بالمسافات التي قطعها الشعر المغربي الحديث، فإنّه سيتجشم بعض العناء في تلقّي متن القصائد الّتي

« القصة القصيرة الجيدة تنتزعني من نفسي ثم تعيدني إليها بصعوبة ، لأن مقياسي قد تغير ، ولم أعد مرتاحا

أكد على أن تعامل الحكومة مع القطاع ومهنييه يساهم في اتساع دائرة الغموض والقلق   أكد ائتلاف يضم عشر جمعيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *