روبورطاج‮: ‬رجاء،‮ ‬فاطمة الزهراء‮ ‬و‮‬ياسين وآخرون، ‬شباب مغاربة‮ ‬يقبلون على الخدمة العسكرية‮ ‬

‬كانت‭ ‬رجاء‭ ‬تأمل‭ ‬بالعمل‭ ‬كممرضة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أنهت‭ ‬دورة‭ ‬تخصصية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬لكن‭ ‬الحظ‭ ‬لم‭ ‬يحالفها،‭ ‬وهي‭ ‬تأمل‭ ‬اليوم،‭ ‬كما‭ ‬الآلاف‭ ‬غيرها،‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬اختيارها‭ ‬لأداء‭ ‬الخدمة‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬يعاد‭ ‬العمل‭ ‬بها‭ ‬بعد‭ ‬13‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬التوقف‭ ‬في‭ ‬المغرب‭.‬
وتطوعت‭ ‬الشابة‭( ‬23سنة‭) ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬الخميسات،‭ ‬لأداء‭ ‬الخدمة‭ ‬العسكرية‭ ‬كي‭ “‬تطور‭ ‬مهاراتها‭ ‬في‭ ‬مهنة‭ ‬التمريض‭”‬،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬تقول‭.‬
وتضيف،‭ ‬بينما‭ ‬تجلس‭ ‬تحت‭ ‬خيمة‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬متطوعات‭ ‬ومدعوين‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬اجتياز‭ ‬الفحص‭ ‬الطبي‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬قاعات‭ ‬القاعدة‭ ‬العسكرية‭ ‬الجوية‭ ‬في‭ ‬القنيطرة،‭ ‬أنها‭ ‬تطمح‭ ‬بأن‭ ‬يساعدها‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬عمل،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬توظف‭ ‬في‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭.‬
والقاعدة‭ ‬هي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬17‭ ‬مركزا‭ ‬عسكريا‭ ‬تفتح‭ ‬أبوابها‭ ‬هذا‭ ‬الأسبوع‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬غشت‭ ‬لاستقبال‭ ‬25‭ ‬ألف‭ ‬شاب‭ ‬وشابة‭ ‬تتراوح‭ ‬أعمارهم‭ ‬بين‭ ‬19‭ ‬و25‭ ‬سنة‭. ‬وستختار‭ ‬لجان‭ ‬متخصصة‭ ‬15‭ ‬ألفا‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬سيشكلون‭ ‬أول‭ ‬فوج‭ ‬يؤدي‭ ‬الخدمة‭ ‬العسكرية‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬شتنبر‭.‬
وعلق‭ ‬المغرب‭ ‬العمل‭ ‬بالخدمة‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬2006،‭ ‬وأعلن‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬استئنافها‭ ‬اعتبارا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭. ‬وجاء‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬للديوان‭ ‬الملكي‭ ‬الصيف‭ ‬الماضي‭ ‬أن‭ ‬الخدمة‭ ‬العسكرية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ “‬إذكاء‭ ‬روح‭ ‬الوطنية‭ ‬لدى‭ ‬الشباب‭ (…)‬،‭ ‬كما‭ ‬تفتح‭ ‬أمامهم‭ ‬فرص‭ ‬الاندماج‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬المهنية‭ ‬والاجتماعية‭”. ‬
وتقرر‭ ‬أن‭ ‬يشمل‭ ‬الفوج‭ ‬الأول‭ ‬عشرة‭ ‬آلاف‭ ‬مجند،‭ ‬لكن‭ ‬السلطات‭ ‬ما‭ ‬لبثت‭ ‬أن‭ ‬رفعت‭ ‬العدد‭ ‬إلى‭ ‬15‭ ‬ألفا‭. ‬وسجلت‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ “‬إقبالا‭ ‬كبيرا‭” ‬للنساء‭ ‬على‭ ‬التطوع‭ ‬لأداء‭ ‬الخدمة‭ ‬العسكرية‭ ‬رغم‭ ‬كونها‭ ‬اختيارية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهن،‭ ‬بينما‭ ‬هي‭ ‬إلزامية‭ ‬بالنسبة‭ ‬للشباب‭.‬
وتستغرق‭ ‬الخدمة‭ ‬العسكرية‭ ‬سنة‭ ‬واحدة‭ ‬يتلقى‭ ‬المجندون‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأربعة‭ ‬الأولى‭ ‬منها‭ ‬تكوينا‭ ‬عسكريا‭ ‬عاما،‭ ‬ثم‭ ‬تكوينات‭ ‬مهنية‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬14‭ ‬مركزا‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الملكية،‭ ‬وينقل‭ ‬المجندون‭ ‬الذين‭ ‬يتم‭ ‬انتقاؤهم‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬حافلات‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬المراكز‭.‬وتراوح‭ ‬تعويضات‭ ‬المجندين‭ ‬بين‭ ‬1050‭ ‬و2000‭ ‬درهم‭ ‬شهريا‭ ‬أثناء‭ ‬فترة‭ ‬الخدمة‭.‬
‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬لفاطمة‭ ‬الزهراء‭ (‬23سنة‭) ‬فقد‭ ‬تركت‭ ‬الدراسة‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬قبل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬البكالوريا‭ ‬لتعمل‭ ‬في‭ ‬مصنع،‭ ‬لكنها‭ “‬غير‭ ‬مقتنعة‭ ‬بهذا‭ ‬العمل‭”‬،‭ ‬وتأمل‭ ‬أن‭ ‬تتيح‭ ‬لها‭ ‬الخدمة‭ ‬العسكرية‭ ‬تكوينا‭ ‬في‭ ‬مهنة‭ ‬التمريض‭ ‬وأن‭ ‬توظف‭ ‬في‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الملكية‭.‬
وتشير‭ ‬الشابة‭ ‬التي‭ ‬ترتدي‭ ‬قميصا‭ ‬صيفيا‭ ‬أزرق‭ ‬وسروال‭ ‬جينز‭ ‬أسود‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬شعرت‭ ‬بقليل‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬في‭ ‬البداية‭ “‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬عن‭ ‬مشاق‭ ‬التكوين‭ ‬العسكري‭ ‬بالنسبة‭ ‬للفتيات‭”‬،‭ ‬لكنها‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬تخشى‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬رفض‭ ‬ملفها‭.‬
وتؤكد‭ ‬باسمة‭ “‬لسنا‭ ‬أقل‭ ‬كفاءة‭ ‬من‭ ‬الأولاد‭” ‬الذين‭ ‬رد‭ ‬بعضهم‭ ‬بتصفيق‭ ‬مشجع‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬اختلط‭ ‬فيها‭ ‬المرح‭ ‬والترقب‭ ‬تحت‭ ‬الخيمة‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بها‭ ‬أشجار‭ ‬تلطف‭ ‬حرارة‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬القيظ‭ ‬الشديد‭.‬
في‭ ‬قاعة‭ ‬مجاورة،‭ ‬تجري‭ ‬الفحوصات‭ ‬الطبية‭ ‬والمقابلات‭ ‬مع‭ ‬لجنة‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬مسؤولين‭ ‬عسكريين‭.‬
بدوره‭ ‬يحلم‭ ‬ياسين‭ (‬23سنة‭) ‬بوظيفة‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬أملا‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬أوضاعه،‭ “‬فالمستقبل‭ ‬مضمون‭ ‬والخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬مجانية‭”‬،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬بحماس‭ ‬ممزوج‭ ‬بالقلق‭ ‬من‭ ‬رفض‭ ‬ملفه،‭ “‬لكونه‭ ‬يعاني‭ ‬ضعفا‭ ‬طفيفا‭ ‬في‭ ‬النظر‭”.‬
وترك‭ ‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬الذي‭ ‬يقطن‭ ‬في‭ ‬القنيطرة‭ ‬الدراسة‭ ‬مبكرا‭ ‬ليعمل‭ ‬في‭ ‬النجارة‭ ‬ويساعد‭ ‬في‭ ‬إعالة‭ ‬الأسرة،‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال‭ ‬سوى‭ ‬على‭ ‬500‭ ‬درهم‭ ‬في‭ ‬الأسبوع،‭ ‬ويقول‭ “‬هذه‭ ‬فرصتي‭ ‬لأنقذ‭ ‬نفسي‭ ‬وأنقذ‭ ‬عائلتي‭”.‬
ويوضح‭ ‬القائد‭ ‬المنتدب‭ ‬للحامية‭ ‬العسكرية‭ ‬للقنيطرة‭ ‬الكولونيل‭ ‬ماجور‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬ميزوري‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬أن‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬المجندين‭ ‬مستقبلا‭ ‬ستعطى‭ ‬لمن‭ ‬أدوا‭ ‬الخدمة‭ ‬العسكرية‭.‬
ويشير‭ ‬المسؤول‭ ‬العسكري‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مدى‭ ‬استعداد‭ ‬المدعوين‭ ‬معنويا‭ ‬لأداء‭ ‬الخدمة‭ ‬العسكرية‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬المعايير‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تعتمدها‭ ‬اللجنة‭ ‬المكلفة‭ ‬بدراسة‭ ‬ملفاتهم‭.‬
ويمثل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬وظيفة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العمومي‭ ‬حلما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬المغاربة،‭ ‬لكونه‭ ‬يوفر‭ ‬ضمانات‭ ‬استقرار،‭ ‬حيث‭ ‬يعاني‭ ‬أربعة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عشرة‭ ‬شباب‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬البطالة،‭ ‬ويبقى‭ ‬معدل‭ ‬البطالة‭ ‬مرتفعا‭ ‬أكثر‭ ‬وسط‭ ‬النساء،‭ ‬14‭ ‬بالمئة،‭ ‬مقابل‭ ‬8‭,‬4‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الرجال‭.‬
ونبه‭ ‬تقرير‭ ‬للمجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬السنة‭ ‬الماضية‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدل‭ ‬الانقطاع‭ ‬عن‭ ‬الدراسة‭ ‬وسط‭ ‬الشباب‭ (‬15‮-‬34سنة‭)‬،‭ ‬مسجلا‭ ‬أن‭ “‬أغلب‭” ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ “‬يعملون‭ ‬بالقطاع‭ ‬غير‭ ‬المنظم‭” ‬وفي‭ ‬مهن‭ “‬تتسم‭ ‬بالهشاشة‭ ‬وبأجور‭ ‬زهيدة‭”.‬
وفضلا‭ ‬عن‭ ‬ضمان‭ “‬استقرار‭” ‬اجتماعي،‭ ‬يرى‭ ‬محمد‭ (‬23سنة‭) ‬ذو‭ ‬اللحية‭ ‬الخفيفة‭ ‬الذي‭ ‬ترك‭ ‬الدراسة‭ ‬منذ‭ ‬حوالى‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات،‭ ‬أن‭ ‬التوظيف‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ “‬يمثل‭ ‬أيضا‭ ‬أملا‭ ‬لأبناء‭ ‬الحي‭ ‬للنجاة‭ ‬من‭ ‬الانحراف‭”.‬


الكاتب : (أ.ف.ب)

  

بتاريخ : 23/08/2019