«سائق الطاكسي» يُكرَّم بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش

دأب المهرجان الدولي للفيلم بمراكش على تكريم أسماء وازنة في عالم الفن السابع، من مخرجين ونجوم ومنتجين…تركوا بصمات جلية في جدارية هذا الفن الرائع أمثال: جون بورمان، كلود لولوش، كوبولا، دافيد لينش، سكورسيزي، إمير كوستريكا، يوسف شاهين، نوفيق صالح… ومن النجوم: عمر الشريف، ألان دولون، شين كونري، دي كابريو، بين كينسكلي، سعيد تغماوي، عادل إمام، جولييت بينوش، محمد بصطاوي ومحمد خيي… في الدورة 17 المقبلة سيتم تكريم كل من المخرجة، كاتبة سيناريو والمنتجة الفرنسية أنييس فاردا والممثلة الأمريكية روبين وريغت.. ثم المخرج، المنتج والممثل، الأمريكي أيضا النجم الشهير روبير دي نيرو (75 سنة) الذي أعددنا حوله الورقة التالية:
* عُرَّاب السينما الأمريكية: إمتاع وإقناع
اسمه الكامل روبرت ماريو دي نيرو الابن (Robert Mario De Niro Jr) ذو أصول إيطالية.. ولد في مدينة نيويورك في 17 غشت 1943 وهو ابن لرسام ونحات وشاعر هاجر من إيطاليا رفقة زوجته في عشرينيات القرن الماضي إلى أمريكا.. والدته تدعى فرجينيا أدميرال وقد كانت تعمل كرسامة بدورها. يعتبر روبير دي نيرو من أفضل الممثلين في تاريخ السينما الأمريكية وأشدهم حضورا.. هو من جيل عمالقة الشاشة الأمريكية أمثال: آل باتشينو، كلينت إستيود، جاك نيكولسون وداستين هوفمان…
حصل روبير دي نيرو على جوائز كثيرة ضمنها جائزة الأوسكار مرتين، الأولى كأفضل ممثل ثانوي سنة 1974 عن دور فيتو كورليوني الشاب في الجزء الثاني من فيلم (الأب الروحي) لفرانسيسكون فورد كوبولا، إلى جانب مارلون براندو الذي حصل على نفس الجائزة لأدائه لنفس الشخصية في ذات الفيلم، حيث قام بأداء دور شخصية دون فيتو كورليوني الأكبر. أما الأوسكار الثاني فقد حصل عليه دي نيرو كأفضل ممثل رئيسي عن دوره في فيلم (الثور الهائج) Raging Bull 1980  لمارتن سكورسيزي، بناء على سيرة الملاكم المعرف جيك لاموتا سنة 1980. ورُشّح لجائزة الأوسكار ست مرات. كما تم تكريمه في العديد من المهرجانات العالمية ضمنها مهرجان ساراييفو السينمائي الذي منحه جائزة تكريمية عن مجمل أعماله ستة 2016.
تلقى روبير دي نيرو تعليمه الابتدائي في مدرسة ليتل ريد، وكان رفاقه يلقبونه بـ»bobby milk» بسبب جسمه النحيف وملامحه الناعمة. بعد ذلك أدخلته والدته مدرسة الموسيقى والفنون الثانوية بولاية نيويورك لكنه طرد منها وهو في عمر الثلاثة عشرة. وحينما بلغ من العمر 18 سافر إلى باريس.
وفي عام 1963 – حينما كان يبلغ من العمر 20 سنة – قام دي نيرو بأول دور سينمائي له مع براين دي بالما في فيلم»عقد القران» سنة 1969. في الستينيات كانت معظم أعماله في المسرح. حصل على دور ثانوي في فيلم فرنسي: «ثلاث غرف في مانهاتن» عام 1965.. ثم ظهر بعد ذلك في أول فيلم بعد الاتحاد مع دي بالما عام 1968 في فيلم «التحيات».. ومرة أخرى في فيلم «مرحباً والدتي» عام 1970.
حصل على شعبية كبيرة بعد تأديته لدور لاعب بيسبول في دوري البيسبول الأمريكي، في فيلم «اقرع الطبل ببطء» عام 1973. في نفس العام بدأ بعمل ناجح آخر بالتعاون مع سكورسيزي حينما أدى دور «جوني بوي» و»تشارلي» في فيلم»الشوارع الوضيعة». تلا ذلك العديد من الأعمال الناجحة مثل «سائق التاكسي»(1976) الذي أدخله إلى عالم النجومية ومنحه شهرة واسعة بشكل كاسح. ثم «نيويورك، نيويورك»(1977) – «الثور الهائج» (1980) – «ملك الكوميديا» (1983) – «غودفيلاز»(1990) – «رأس الخوف» (1991)، و»كازينو» (1995). وفي عام 1976 ظهر دي نيرو مع جيرارد ديبارديو في فيلم»1900» الذي يسمى أيضاً «نوفيتشينتو».
في عام 1978 لعب دي نيرو دور»مايكل فرونسكي» في فيلم»صائد الغزلان» حول حرب فيتنام للمخرج مايكل كيمينو الذي حصل بدوره على أوسكار أفضل فيلم في نفس السنة. كما تميز بالخصوص في فيلم (حدث ذات مرة في أمريكا) لسيرجيو ليوني مؤديا دور مجرم يهودي يدعى «ديفيد آرونسون» عام 1984. بعد ذلك قام بالعديد من الأدوار المتميزة في أفلام ناجحة أبرزها:(اعترافات حقيقية) ل Ulu Grosbard 1981 – (الوقوع في الغرام) لنفس المخرج سنة 1984- (البرازيل) لTerry Gilliam 1985 – (المهمة) لرولان جوفي (1986) – (المنبوذون) لبريان دي بالما (1987) – (الحرارة) لمايكل مان إلى جانب آل باتشينو 1995 – (رونن) لجون فرانكنهايمر 1998 ….
ولحد الآن لازال روبير دي نيرو صاحب الخالة المميزة والملقب بعُرَّاب السينما الأمريكية، يقوم بأدوار عديدة ومتباينة في السينما كما في التلفزيون قاسمها المشترك هو: الإمتاع والإقناع.. فقد يحدث أن تشاهد له فيلمين متتالين يؤدي في أحدهما دور سفاك شرير، وفي الثاني دور طيب مسالم فتقتنع بكلا الدورين كما الشخصيتين.. فدي نرو لعب أدوار الهائجين العبوسين كما في فيلم (الثور الهائج) لمارتن سكورسيزي والذي عمل بنفسه – أي دي نيرور– على زيادة 15 كيلوغراما في وزنه حتى يصبح الشبه بينه وبين الشخصية الحقيقة للملاكم»جيك لاموتا» الذي أُنجز الفيلم عنه، كاملة ومقنعة.. رغم أنه كان بإمكانه اللجوء وبسهولة إلى التمويه السينمائي الذي يبديه سمينا، لكنه يفضل أن يلبس الشخصية التي يؤدي دورها عن آخرها حتى يتقنها.
وبنفس القدرة والتحكم الحرفيَيْن اللذين يؤدي بهما روبير دي نيرو الأدوار الدراماتيكية فيُدخِل الرعب والهلع في نفوس المشاهدين، يمكنه أيضا أن يؤدي نقيضها من الأدوار الكوميدية التي تفجر الضحك وتثير التعاطف.. لعل خير مثال دوره كمفيوزي معقد نفسيا في فيلم (مافيا بلوز) في جزئيه الأول والثاني من إخراج: Harold Ramis 1999 / 2002.. أو فيلم (نسيبي وانا) Mon beau-père et moi لجاي روش إلى جاب النجم بين ستيلر.. ففي هذين الفيلم يجعلك روبير تضحك من قلبك حتى وهو يبكي في (مافيا بلوز) أو هو يتوعد ويصرخ في وجه زوج ابنته في الفيلم الثاني…


الكاتب : خالد الخضري

  

بتاريخ : 20/11/2018