ستة لقاءات منذ أواخر 2015.. هل من «كيمياء» بين بوتين ونتانياهو؟

يوم الأربعاء الماضي، زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهومنتجع سوتشي في روسيا ,  حيث اجتمع بالرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين في لقاء هو السادس بين الرجلين منذ سبتمبر 2015. وكان موضوع التوسع الإيراني في سوريا على رأس جدول أعمال اللقاء الذي استمر حوالي ثلاث ساعات.
الكاتب السياسي أيدين مهدييف كتب في موقع “برافدا رو” أن “الخبر المرعب” عن استعداد إيران لمهاجمة إسرائيل عبر سوريا كان السبب الدافع لعقد ذاك اللقاء. وفي المقال الذي ترجمته “روسيا اليوم” أشار مهدييف إلى أن نتانياهو “لم يتمكن من ضبط انفعالاته النفسية “ في الاجتماع وكان “أقرب إلى حالة الذعر”. أما بوتين فواجه ضيفه الذي كان “يتصبب عرقا باردا” ف “تنهد متعاطفا وكأنّه يقول له :” للأسف لا يمكننا مساعدتكم بشيء» .
على نقيض هذا السيناريو السوريالي ، كانت أخبار أخرى تشير إلى أن نتنياهو حذر بوتين من استعداد حكومته للتحرك منفردة لمنع إيران من إقامة وجود عسكري موسع لها في سوريا. وبين هاتين الصورتين المتناقضتين اللتين وصف بهما رئيس الحكومة الإسرائيلي ، نشر رئيس الوزراء الاسرائيلي بيانا على موقع “تويتر” كتب فيه: “الانتصار على داعش أمر مرحب به لكن دخول إيران (إلى سوريا) ليس موضوع ترحيب”. وأضاف البيان: “أقول عن لقاءاتي السابقة مع بوتين إن كل لقاء خدم أمن إسرائيل ومصالحها… وأعتقد أنّه خدم المصالح الروسية أيضا … وبناء على المحادثات التي جرت اليوم أعتقد أنه يمكنني أن أقول عنها الشيء نفسه «.
هدية تاريخية

كما نشر شريط فيديو على حسابه يظهر تسلمه هديّة من بوتين عبارة عن جزء من أول طبعة للكتاب المقدس العبري “التناخ” مع تعليق وتفسير من الحاخام شلومو يتسحاقي الذي عاش في القرن الحادي عشر للميلاد. وقال نتانياهو إن هذا الكتاب يتضمن تفسير يتسحاقي وأن النسخة الموجودة منه في إسرائيل تفتقد لنحو عشرين صفحة ، ذاكرا احتمال أن تكون هدية بوتين تتضمن الصفحات المذكورة. كما وعد بتسليم الكتاب الذي تقدر عودة تاريخ طباعته إلى حوالي القرن الخامس عشر، إلى المكتبة الوطنية. وكان هذا ما فعله مع هدية بوتين السابقة له والتي كانت عبارة عن نسخة من كتاب “الحرب اليهوديّة “ للمؤرخ اليهودي فلافيوس يوسيفوس وقد طبِع في إيطاليا سنة 1526.
يحب الرئيس الروسي أن يهدي ضيوفه أو مضيفيه كتبا قيمة. لكن مع ضيفه نتنياهو، يميل بوتين إلى تنويع هداياه. فبعد زيارة قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى روسيا في أبريل  2016، أعاد الكريملين بعد شهر، دبابة إسرائيلية شاركت في معركة سلطان يعقوب ضد الجيش السوري سنة 1982.
شكر على “الصداقة والتعاون»

في معرض الحديث عن العلاقات الروسية الإسرائيلية وتقاطعات المصالح التي ترسخها ، يمكن الإشارة إلى بعد إضافي يساهم في تعزيزها اليوم أكثر من السابق : الصداقة التي تجمع نتنانياهو وبوتين . ويبدو أن شكر رئيس الوزراء الإسرئيلي لبوتين على الصداقة ، بعد تلقيه الهدية ، لم يكن من قبيل المجاملات الديبلوماسية. فقد عبر عن امتنانه قائلا : “إنني ممتن لبوتين على الصداقة والتعاون بيننا”، واضعا بذلك “الصداقة” قبل “التعاون” في توصيف العلاقة الثنائية. هذه الأواصر التي تربط الرجلين لها جذور فكرية قديمة نسبيا إضافة إلى الود الشخصي بين الطرفين والذي تعزز خلال السنوات الأخيرة. فالرئيس الروسي ، كما يروي في حديث إلى صحافيين روس كتبوا سيرته الذاتية في كتاب “فلاديمير بوتين الشخص الأول”، كان يتمتع بعلاقات جيرة إيجابية مع اليهود في صباه ، ضمن الحي الذي كان يقطنه.
علاقة “فريدة من نوعها»

وفي مارس الماضي ، قال مسؤول إسرائيلي لموقع “ألمونيتور” إن “بوتين هو أكثر رئيس دولة محب للسامية على الإطلاق”. وأكد المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه وجود “كيمياء جيدة” بين الشخصين. فعلى الرغم من احترام الروس لرؤساء الوزراء الإسرائيليين السابقين ، توصف العلاقة بين الرجلين على أنها “فريدة من نوعها “: “حين يتصل رئيس الوزراء ، يجيب بوتين . لم يكن هنالك قط أي حالة طالبنا فيها مقابلة بوتين بحيث امتنع الكرملين عن إعطائنا موعدا مباشرة “ ، يقول المسؤول للموقع نفسه.
يغنيان معا

وأحد الأمثلة على مسارعة الكرملين إلى تأمين مواعيد اللقاء مع نتنياهو خصوصاً تلك التي يطلبها الأخير بشكل طارئ هو الاجتماع الذي أمّنه له بوتين قبيل تدخل بلاده العسكريّ في سوريا .  ففي أكتوبر من العام 2015 ، كتب المراسل البريطاني العسكريّ لصحيفة “هآرتس” الإسرائيليّة أنشيل بفيفر أن التأمين السريع لذاك اللقاء ليس غريبا بسبب العلاقات المتينة التي تجمع الرجلين: “واقع أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو طلب وحصل على لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، حين بدأ الانتشار (العسكري) الروسي في سوريا ، يجب ألا يكون مفاجئا”. كما تحدث عن أن الجانبين “حافظا على علاقة أمنية سرية وودية” أكثر مما هو موجود ظاهريا . ويوافق على تطور هذه العلاقة ، الباحث في الشؤون الأوروبية ووسط آسيا داراغ ماكدويل في حديث إلى الصحافية كاليينا ماكورتوف من موقع شبكة “سي أن بي سي” الأميركية.
من جهته ، كان المصدر الإسرائيليّ نفسه قد أكد ل “المونيتور” أنه وخلال الاحتفال في مسرح بولشوي السنة الماضية بالذكرى الخامسة والعشرين على عودة العلاقات بين البلدين ، استضاف بوتين نتنياهو لثماني ساعات ثم حضرا الاحتفال في بولشوي. وغنى بوتين ونتنياهو معا كما وافق الرئيس الروسي على التقاط صور السيلفي مع الحضور. “إنهما يعلمان كيفية التحدث إلى بعضهما البعض ، وهذا يساعد على إفادة مصلحتيهما القوميتين والمتبادلتين».
بوتين بين إيران وإسرائيل

إن “الكيمياء الجيدة” بين الرجلين سبق أن تحدث عنها هيرب كينون من صحيفة “جيروزاليم بوست” سنة 2013 حين وصف لقاءهما الأول في موسكو . لكن السؤال الأساسي يبقى كامنا في كيفية انعكاس علاقة الصداقة هذه على التعاطي المتبادل بين الطرفين مستقبلا ، خصوصاً أنهما لا يتوافقان حول العديد من المسائل. وهذا يفتح باب النقاش حول كيفية موازنة بوتين ، لعلاقات بلاده مع الإسرائيليين والإيرانيين على وقع إعادة رسم جزء كبير من خريطة الشرق الأوسط.


بتاريخ : 06/09/2017

أخبار مرتبطة

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

جيد أن تبحث عن ملاذات في أقاصي نيوزيلندا، لكن، أن تحاول تشييد حضارة جديدة على جزر عائمة، فذاك أفضل! إنه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *