سرقة تقود إلى المستشفى والمحكمة تراعي «ظروف» أعضاء العصابة الإجرامية

تتوفر جميع المدن المنجمية، على مغارات تستعمل في استخراج المعادن من باطن الأرض، حيث تعمد شركات منجمية تستغل هذه المغارات ، الى تركها على حالها مباشرة بعد أن يعلن عن انتهاء استخراج المعادن منها، تعلق الأمر بالفوسفاط أو غيره، وهي مغارات يتم تجهيزها ، أثناء الاستغلال، بعدد لا يستهان به من التجهيزات التي غالبا ما تبقى هي الأخرى مهملة .

دعامات منجمية بيد أصحاب المتلاشيات

في البداية تمت سرقة العديد من دعامات المغارات المنجمية لبيعها لتجار المتلاشيات، ومن بينها الاعمدة الحديدية التي تعتبر دعامة أساسية لبناء هذه المغارات. وإذا كان العديد من قاطني هذه المدن المنجمية يعمدون الى استكشاف ما بداخل المغارات، فإن آخرين يسطون على بعض تجهيزاتها المهملة، واضافة الى انتهاء الاستغلال، فإن من بين الاسباب التي تقود الى اغلاق هذه المغارات مؤقتا، التهديد الذي يمكن ان تشكله على حياة العمال. وقد تكونت في السنوات الاخيرة، شبكات مختصة في سرقة هذه التجهيزات في مغارات مهملة بعدة مدن منجمية في غياب المراقبة والحراسة، وهي العمليات التي أدت الى إغلاق قسري لهذه المغارات دون أسباب تذكر.
ملف هذا الأسبوع يتعلق بهذه المغارات والشبكات التي تسطو على تجهيزاتها…
فبينما كان الضابط المداوم يقلب أوراق ملفات أمنية وشكايات، رن الهاتف فحمل السماعة، إذ لم يكن في الطرف الآخر سوى مسؤول بمصحة (….) حيث تم إخبار الضابط بحالة شخص تم نقله الى المصحة المذكورة مصاب بكسر على مستوى فخذه الأيمن، وجرح خطير على مستوى مؤخرة رأسه ورجله اليسرى شبه مبتورة وكسر على مستوى ذراعه الأيمن وإصابات أخرى. وأثناء استفساره من طرف مسؤولي المصحة، أفاد أنه كان رفقة أخيه عبد الفتاح وكذا زميلهما عبد القادر يقومون بإزالة دعائم حديدية من إحدى المغارات المنجمية، وفجأة انهار سقف المغارة مما أصابه بما هو مصاب به، وهي التصريحات التي تمت إفادة فريق المحققين بها.
كان عبد الفتاح الخيط الذي قاد بداية الى التعرف على أصل الحادث، فتم استدعاء عبد الفتاح الى مقر الشرطة لمعرفة كيف انهار سقف المغارة على أخيه، حيث أن تصريحاته كانت واضحة حين أفاد أنه ألف رفقة شقيقه المصاب وزميلهما عبد القادر ، ولوج المغارة من أجل الاستيلاء على المعدات الحديدية المتواجدة بها، وقد كانوا في كل مرة يجمعون كميات لابأس بها من الحديد لنقله الى مركز القرية لتخزينه عند شخص هناك الى حين بيعه.

ليس كل مرة تسلم الجرة

وبعد أن تم تقديم الإسعافات وإجراء عدة عمليات جراحية لعزيز، تم استنطاقه بعد ان رخص الطبيب بذلك فأفاد بأنه رفقة شقيقه عبد الفتاح والعياشي وعبد القادر وغير ما مرة قاموا بسرقة الدعائم الحديدية وبعض التجهيزات والاجهزة من المنجم رقم 5 الخاص باستخراج الفوسفاط، إلا أنه في المرة الاخيرة انهار المنجم عليه وعبد القادر وبعد عملية البحث عثر على أخيه مصابا إصابات بليغة، فيما لم يجد أثرا لعبد القادر.
فريق المحققين الذي كان مكلفا بالملف، انتقل الى مركز القرية بحثا عن الشخص الذي يعتبر مخزنا لهذه الآليات المسروقة من المناجم والمغارات باليوسفية، وبوصولهم تم الاهتداء اليه حيث أفاد في عين المكان أنه يعرف الاخوين عزيز وعبد الفتاح، إذ سبق له أن اقتنى منهما أدوات وتجهيزات حديدية، كما من أشخاص آخرين، وقد كان يقتني منهم هذه التجهيزات كمتلاشيات للكيلو، حيث أفاد بأن الدعائم الحديدية التي تم العثور عليها بمخزن أخيه تخصه هو شخصيا ، وقد اشتراها من عبد الرحيم الذي كان قد اشتراها بدوره من عزيز وعبد الفتاح.أما الأسلاك النحاسية وقطع حاملات الفوسفاط البلاستيكية فقد اشتراها بنفسه منهما بثمن 6 دراهم للكيلوغرام الواحد.
وبعد استكمال البحث التمهيدي أحيلوا على النيابة العامة التي استمع ممثلها الى كل من عزيز وعبد الفتاح وهدي، وأحالهم على التحقيق حيث تم الاستماع إليهم ابتدائيا وتفصيليا فتشبث كل واحد منهم بما صرح به أمام المحققين تمهيديا، فتابعهم من أجل جناية تكوين عصابة إجرامية والسرقة الموصوفة وإخفاء شيء متحصل من جناية وأحالهم على غرفة الجنايات.

المتهم فقد صحته وحريته

حين أحضر عزيز وعبد الفتاح من السجن، وكان عزيز في حالة صحية متدهورة، حيث لم يتم إحضاره إلا عن طريق كرسي متحرك، وبعد أن تم إشعار كل واحد بالمنسوب إليه، أجاب عزيز أنه دخل المغارة قصد سرقة الاسلاك والدعائم الحديدية حوالي السادسة مساء فانهارت عليه الاحجار مما أصابه إصابات بليغة، حيث بترت يده وأصيب بشلل، فيما أنكر شقيقه أن يكون قد دخل المغارة من أجل السرقة.
وبعد ان تناول الدفاع الكلمة، أفاد بأن موكله دخل المغارة فتساقطت عليه الأحجار دون ان يتمكن من فعل أي شيء، حيث أدى هذا الانهيار الى حدوث مصيبة، فيما نفى موكله الثاني اية سرقة.
والتمس البراءة للأول لإصاباته الخطيرة والبراءة لنفي الثاني. وبعد أن انسحبت الهيئة للمداولة أصدرت القرار التالي: بعدم مؤاخذة عزيز وعبدالفتاح من أجل تكوين عصابة إجرامية وببراءتهما منها ومؤاخذتهما من أجل باقي المنسوب إليهما ومعاقبة كل واحد منهما بسنتين حبسا نافذا في حدود سنة وموقوف في حدود الباقي، ومؤاخذة هدي بستة أشهر حبسا نافذا وغرامة 1000 ده .


الكاتب : مصطفى الناسي 

  

بتاريخ : 17/10/2017