سعاد: وصيّة ابتسامة وجرح عميق

هل حقا خبت تلك الابتسامة ولم يعد لها وهج وبريق؟

هل فارقت وجهك سعاد، وأنت والابتسامة واحد؟
هل رحلت وغادرت معها هذه الدنيا العابرة إلى دار البقاء؟
صعب علينا، نحن الذين كنا نتتبع مدّ المرض وجزره، ونتطلّع إلى أخبارك يوما بيوم، متسلحين دوما بالأمل في أن يكون المستقبل القريب عنوانا على الفرج، في أن يكون الغد أفضل من الأمس، في أن تنتصري على الألم والمرض، كيف لا، ونحن على وعي تام بقوتك وصبرك وعنادك، أن نستفيق اليوم على تبخر هذا الأمل، وأن يصلنا خبر توديعك لنا بدون وداع، وأن نقتنع بأننا كنا نتعقب السراب…
على امتداد كل السنوات التي خلت، وخلال كل يوم، كان لا بد لي حين دخولي إلى قسم الرقن أن أبادلك التحية، أن أستفسرك عن أحوالك وعن أحوال الناس، الذين كنت دائما منشغلة بهمومهم وقضاياهم ومشاكلهم، أكثر من انشغالك بنفسك، وأنت التي كنت لا تنتظرين إطلالتنا على قاعة الرقن بل تبادرين إلى نقل همومهم إلينا في قاعة هيئة التحرير، لا تكلّين ولا تملّين في البحث لها عن حلول، وتعملين على طرق الأبواب، حتى يتمكن هؤلاء من تحقيق مبتغاهم البسيط جدا، والحصول على حق من حقوقهم الدستورية.
صورتك وأنت في قسم الرقن والمونطاج، نفس الصورة وأنت تقفين أعلى درجات هيئة التحرير لا ولن تفارقنا، صوتك سعاد لا يزال تردّده في أذني، وابتسامتك تخبرني بأنك مازلت وستظلين بيننا، فهي تطلّ عليّ من بين السطور، وتوصيني خيرا بأهل اسباتة وكل الذين كانت لك صلة بهم، وغيرهم من أبناء هذه المدينة، من بنات وأبناء هذا الوطن، الذين هم في حاجة إلى من يستمع لنبضهم ومن يهتم بمشاكلهم وينشغل بقضاياهم.
لم تتحقق لنا السعادة في أن نراك بيننا ثانية، وأن تعودي إلى حيويتك التي اعتقدت يوما أنك لن تتخلي عنها، وبأن المرض الخبيث سيندحر، لكنه كان أكثر خبثا ولؤما، كان أقوى من أملنا العريض، وأصرّ على أن يترك جرحا عميقا في قلوبنا، جرح لن يندمل.
اليوم كل الكلمات متصدّعة .. اليوم لا تُنقش الكلمات .. اليوم يبكي الحرف بحزن وتتساقط النقط على القبر…
إلى جنة الخلد سعاد.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 10/09/2019