سعيد بعزيز خلال المناقشة العامة للمحور الأول من الجزء الثاني لمشروع قانون المالية برسم سنة 2019

مناقشة مشروع قانون المالية

تأتي في ظل أوضاع اجتماعية تمتاز بتزايد الحركات الاحتجاجية وتنامي الإضرابات

قال النائب سعيد بعزيز في كلمة باسم الفريق الاشتراكي في إطار مناقشة الجزء الثاني من مشروع قانون المالية برسم سنة 2019، إنه لاتزال ثمة انتظارات مهولة في الوسطين القروي والحضري، تزيدها تعقيدا الفوارق الخطيرة الناتجة عن تمركز البنيات التحتية الأساسية والمهيكلة في المحاور الحضرية الكبرى، الأمر الذي أخل بالتوازنات المجالية بين جهات المملكة من جهة، وبين الحواضر والقرى من جهة ثانية.
وأبرز النائب سعيد بعزيز أن مناقشة المحور الأول المتعلق بالمالية والتنمية الاقتصادية والقطاعات الانتاجية والبنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة تأتي في ظل أوضاع اجتماعية تمتاز بتزايد الحركات الاحتجاجية وتنامي الإضرابات في العديد من القطاعات جراء القرارات الحكومية المباغتة من جهة، ووقوع العديد من الأحداث المأساوية التي تزيد من تعميق الاحتقان الاجتماعي من جهة ثانية.
وأكد أن الفريق الاشتراكي يتطلع، في سياق تنزيل ميثاق اللاتمركز الإداري، لأن تتم ترجمة بنوده على أرض الواقع، عبر تجميع المصالح الإدارية التابعة للقطاع على شكل مديريات جهوية أو إقليمية للمالية، وتقوية تمثيلياتها في كل العمالات والأقاليم، مع الحفاظ على خصوصيات إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة.

 

يشرفني أن أتناول الكلمة باسم الفريق الاشتراكي في إطار مناقشة الجزء الثاني من مشروع قانون المالية برسم سنة 2019، في المحور الأول المتعلق بالمالية والتنمية الاقتصادية والقطاعات الانتاجية والبنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة.
نناقش هذا المشروع اليوم، في ظل أوضاع اجتماعية تمتاز بتزايد الحركات الاحتجاجية وتنامي الإضرابات في العديد من القطاعات جراء القرارات الحكومية المباغتة من جهة، ووقوع العديد من الأحداث المأساوية التي تزيد من تعميق الاحتقان الاجتماعي من جهة ثانية.
إننا، ونحن نناقش الميزانيات القطاعية التابعة للمحور الأول، نتطلع لأن يكون قطاع الاقتصاد والمالية قدوة لباقي القطاعات الحكومية في مجال الحكامة، بدءا من تنزيل توصيات وآراء مؤسسات الحكامة والمؤسسات الرسمية الأخرى من قبيل المجلس الأعلى للحسابات وبنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط وغيرها، وإعادة هيكلة وتنظيم المديريات المركزية للوزارة دفعا لتداخل وتنازع اختصاصاتها في ظل الوضعية الراهنة، والرفع من مؤشرات الأداء في اعتمادات الاستثمار، التي لم تتجاوز برسم سنة 2018 حوالي 26% من النفقات الملتزم بها.
كما نتطلع في الفريق الاشتراكي، في سياق تنزيل ميثاق اللاتمركز الإداري، لأن تتم ترجمة بنوده على أرض الواقع، عبر تجميع المصالح الإدارية التابعة للقطاع على شكل مديريات جهوية أو إقليمية للمالية،وتقوية تمثيلياتها في كل العمالات والأقاليم، مع الحفاظ على خصوصيات إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة.
ونلتمس في إطار عمل الجماعات الترابية أن يتم تحسين وتجويد المواكبة للآمرين بالصرف جهويا ومحليا، خاصة في مجال التأشير على النفقات العمومية ومدة الأداءات والعمل على تحسين المداخيل الجبائية المحلية، والاقتصار على الرقابة المالية دون تجاوزها إلى الرقابة الإدارية الممنوحة للسلطات الإقليمية، في أفق إحداث وكالة متخصصة في جبايات الجماعات الترابية.
وفي قطاع البنيات الأساسية، لابد -في البداية- من الوقوف على الحدث الهام، الذي شهدته بلادنا صبيحة أول أمس، والمتعلق بتدشين القطار فائق السرعة “البراق” في أول رحلة له من طنجة إلى الرباط، والذي يعتبر قيمة مضافة للإقلاع الاقتصادي والاجتماعي ببلادنا.
إنه لاتزال ثمة انتظارات مهولة في الوسطين القروي والحضري، تزيدها تعقيدا الفوارق الخطيرة الناتجة عن تمركز البنيات التحتية الأساسية والمهيكلة في المحاور الحضرية الكبرى، الأمر الذي أخل بالتوازنات المجالية بين جهات المملكة من جهة، وبين الحواضر والقرى من جهة ثانية.
وإننا، في الفريق الاشتراكي، نسجل استمرار عوائق الإصلاح بسبب غياب الجودة اللازمة في خدمات اللوجستيك والنقل، خاصة مع طموح بلدنا ليكون قاعدة محورية للتجارة والنشاط اللوجستيكي من وإلى إفريقيا جنوب الصحراء.
وفي هذا المجال، نؤكد على ضرورة تنزيل الاتفاق الذي أجري في الأيام القليلة الماضية مع مهنيي النقل عبر الشاحنات على أساس التعامل بمرونة مع الحمولة بزيادة أقصاها 30% والدعم المهني في مادة الكازوال والإعفاء من دفع تكاليف التكوين من أجل الحصول على بطائق السائق المهني، معلنين لكم في الفريق الاشتراكي، أننا مستعدون للانخراط في العمل من أجل توفير الإطار القانوني لتنزيل هذه الاتفاقات، بهدف حماية هذه الفئة التي تعاني الهشاشة والإقصاء، وحماية القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين خاصة من الارتفاع المهول للأسعار التي تسجل بعد كل إضراب في مجال النقل.
ومن جهة أخرى، نسجل وبأسف شديد، عدم تخصيص مشروع قانون المالية 2019 لغلاف مالي لبرنامج دعم تجديد حضيرة سيارات الأجرة، الذي يعتبر من بين أهم المطالب الرئيسية لنقابات ومهنيي سيارات الأجرة، وما له من تأثير مباشر على المواطنات والمواطنين، آملين من الحكومة أن تستدرك هذا الخلل باعتبار الأمر يتعلق ببرنامج متكامل يجب أن ينفذ إلى نهايته وأن يحقق نتائجه كاملة، وإلا فما هي الدوافع التي جعلت الحكومة تتبنى هذا البرنامج إن لم تكن عازمة على المضي فيه إلى النهاية؟
و يبقى سؤال استمرار العمل بنظام المأذونيات مطروحا بحدة، وهو النظام الذي لا يتلاءم وحاجيات وانتظارات المواطنات والمواطنين ويعرقل أي تطور أو تنمية حقيقية، مؤكدين في الفريق الاشتراكي على تبني سياسة وطنية وجهوية لتشجيع النقل الجماعي، واتخاذ التدابير اللازمة للاستثمار في التجهيزات والوسائل والبنيات الضرورية وتعبئة الموارد البشرية والتقنية والمالية الملاءمة، وفي مقدمتها تثنية الخط السككي فاس ـ وجدة، وكهربته وتمديد شبكة السكك الحديدية لتصل إلى عواصم الجهات.
واليوم، وبعد صدور القانون رقم 103.14 المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، وإضافة مديرها ضمن لائحة المناصب السامية، أصبح من الضروري أن نسائل الحكومة عن أسباب تأخير العمل بهذه الوكالة، وعن أسباب تعثر إصدار النصوص التنظيمية المرتبطة بها، والإعلان عن التباري في إطار من الشفافية والنزاهة لتولي مسؤوليتها بناء على الكفاءة من أجل تدبير منظومة السلامة الطرقية بشكل منسجم ومتناسق يمكن من التخفيض من حوادث السير.
ونؤكد على ضرورة وضع برنامج شمولي لإنقاذ الرصيد الوطني من الطرق والتسريع بفك العزلة عن المناطق القروية والمعزولة، إذ لا يعقل في مغرب اليوم أن تكون هناك دواوير في المغرب العميق لا تتوفر ولو على مسلك طرقي.
وفي قطاعي الماء والكهرباء، آن الأوان للتمييز بين الوسطين الحضري والقروي، واستحضار المعطيات والمؤشرات المتعلقة بالوسط القروي بمعزل عن الحواضر، من أجل تقييم حقيقي للوضع، فلا يعقل أن نتحدث عن نسبة تغطية تتجاوز 99.96%، والحال أن هذه الأرقام ترفعها المدن، فالعديد من الدواوير والمداشر في الوسط القروي ، لاتزال تعاني في أعالي الجبال وأعماق القرى من أدنى مقومات العيش الكريم، فالمطلوب اليوم، أن يفتح المسؤولون هواتفهم، وأن يتابعوا نبض الشارع، للوقوف على المعاناة الحقيقية لساكنة القرى والتي تجمع أحيانا كثيرة بين غياب الماء والكهرباء والطرق، وقساوة المناخ وضعف الحالة المادية.
ومن هذا المنبر، نلتمس من الحكومة، أن تعمل على حذف شرط الحد الأقصى المحدد في 50 ألف درهم كمتوسط التكلفة “للكانون” الواحد في برنامج الكهربة القروية الشمولي، من أجل استفادة الجميع من الربط بالشبكة الكهربائية، وأن تعمم برامج التوسعة على مختلف الدواوير وفي كل الجماعات.
إن بقاء هذه الفئات في الوسط القروي رهين بتوفير مقومات العيش الكريم، وبلورة آليات عملية تمكنهم من استغلال أراضيهم في المجال الفلاحي، مع التأكيد على العدالة المجالية في تعبئة الأراضي الجماعية المخصصة لأغراض فلاحية.
إن مطالبتنا باتباع سياسة صناعية ذات بعد اجتماعي، إنما تهدف لتقوية الاقتصاد الوطني والتنمية الاجتماعية. ونحن نأمل أن يتم وضع سياسة صناعية جديدة قادرة على تحقيق تسريع حقيقي لمسلسل تصنيع المغرب، ورفع القيمة المضافة المنتجة محليا، ورفع مستوى إحداث مناصب الشغل، وتوفير العرض الصناعي التحفيزي، وتطوير العرض البنكي للخدمات المالية.
ونقترح على الحكومة، تدارس إمكانية وضع استراتيجية وطنية جديدة ذات بعد جهوي حقيقي، بغية تطوير المجالات التجارية، وتأهيل قطاع التوزيع، اعتبارا للدور الأساسي للتجارة في التنمية المجتمعية، وتأثيرها الكبير في النمو الاقتصادي، سواء على الصعيد الداخلي، أو على صعيد استهداف الأسواق الدولية، والرفع من المبادلات الخارجية، وذلك تزامنا مع تنزيل المراكز الجهوية للاستثمار في صيغتها الجديدة بعد المصادقة على مشروع قانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، وبإحداث اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار ونشره، وتماشيا أيضا مع إرساء الدعامات الأساسية للبرنامج التنموي الجديد.
ومن أجل مواكبة حقيقية لعالم الرقميات، أصبح لزاما تحفيز المقاولات على تطوير استثمارها للتقنيات والأنظمة المعلوماتية، وتجاوز الثغرات الحالية، وتوجيهها بشكل معقلن، مؤكدين في الفريق الاشتراكي على إحداث شعبة للصناعة الرقمية في المدارس والمعاهد الخاصة بالمهندسين.
والسلام عليكم ورحمة الله.


بتاريخ : 17/11/2018