سلسلة «الخاوة» التلفزيونية الرمضانية تخلق جدلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي..

آراء وردود أفعال مختلفة اثيرت و تثار حول السلسلة الفكاهية التي تقدمها القناة الثانية بعد الإفطار “الخاوة”، وهي من إخراج ادريس الروخ، و مصدرها بشكل خاص من مدينة آسفي ومن بعض أبناء هذه المدينة المتواجدين خارج أسوارها.
ولعبت صفحات “الفيسبوك” وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في إثارة عدة نقط “سلبية”ّ لهذه السلسلة، وكادت تتوافق على إشارات بالغة الأهمية !
وتقول إن المتتبع ممن تربطه روابط تاريخية أو نسبية أو مصاهرة أو حتى علاقات صداقة.. ، لهذه السلسلة يتبين خلل فيها، حيث ذهبت الأصابع في إشارة واحدة إلى “تحقير” السيناريو والإخراج..، المرأة المسفيوية، وبعبارة أصح المرأة العبدية لدرجة إعطائها صفة الغباء والفهم المتأخر والسيدة التي لا تعرف كتمان الأسرار حتى عن زوجها المصطفى (كمال الكاظمي)، هذا بالإضافة إلى شعور عدد كبير من المنتمين لمدينة آسفي بنوع من الإهانة، حين حاول العمل أن يجعل من زوجة المصطفى هي محور الفكاهة، اعتمادا، كما سبق ذكره، على الغباوة واللكنة واللهجة البدوية لمنطقة عبدة، وكأنه من خلال ذلك يؤكد أن نساء تلك المنطقة ما زلن يتكلمن بتلك الطريقة، وبالتالي فهن مازلن يعشن بعيدات كل البعد عن “الحضارة”، حتى أن العديد من العائلات والأسر خارج آسفي والذين تربطهم علاقة مصاهرة ينتظرون ظهور زوجة المصطفى بتمرير قهقهات الضحك تحمل في طياتها كل معاني الاستهزاء عن المرأة هناك لوجود واحدة بينهم، مما شكل سخرية نحو كل امرأة.. والذي زاد من صعوبة الموقف هو أن صفة المرأة المنفتحة المعاصرة الحداثية والتي هي زوجة شقيق “المصطفى” (عزيز الحطاب) جعلها “الخاوة” من خارج المنطقة، وتسخر، من خلال دورها في السلسلة، من هاته المرأة وتحاول إخراجها من نوعية الحياة التي مازالت تحتفظ بها اعتبارا أنها ما زالت متخلفة ومتمسكة بعادات وتقاليد قديمة لم تعد صالحة لمسايرة العصر الحديث.
من الملاحظات أيضا المثيرة للجدل، اعتماد العمل على جعل زوجة “المصطفى” تمتاز بكل ما يجعلها مثارا للسخرية من حيث طريقة كلامها، عباراتها، مخارج الحروف.. والمراد من ذلك إعطاؤها صفة البدوية التي وجدت نفسها تعيش بالمدينة ولم تستطع التغلب عن بداوتها..، فالعبارات التي أرغمت هذه الممثلة على النطق بها ليس لها معنى سوى ما توصل إليه المشاهد من كل الأعمار من مشاهد ساخرة مضحكة .
وبالرغم من ذلك فالمخرج إدريس الروخ، الذي بذل مجهودا محترما، استطاع أن يجمع ثلة من أبرز الوجوه الفنية المغربية، إلا أن عمله هذا تناسى إلى حد كبير، حسب العديد المتتبعين، توظيف فنانين من مدينة آسفي أو من خارجها، بل حتى من المنتمين لمدن أخرى ويعرفون حق المعرفة عادات وطباع أهل آسفي وسكانها وسكان منطقة عبدة بكاملها، كما أغفل أن المرأة بها قد قطعت أشواطا بالغة الأهمية كجميع شقيقاتها المغربيات في جميع أنحاء هذا الوطن وخارجه، وأن المنطقة أنجبت إطارات عالية في جميع القطاعات وجميع المجالات ساهمت بقدراتهن العلمية والتقافية والفقهية في تنمية هذا البلد من داخل مدينة آسفي وعبرالتراب الوطني وحتى خارج الوطن.
لقد جعل ” الخاوة” المتفرج ينتظر فقط ظهور زوجة “المصطفى” لينتشي ب”غبائها” ويسخر ضاحكا من حوارها ولهجتها إلى درجة فقدنا في أكثر من حلقة إلى حدود اليوم الهدف الرئيسي لهذه السلسلة والرسائل المشفرة التي يريد هذا العمل إرسالها إلى المجتمع المغربي والمتعلقة بعلاقة شقيقين ترك لهما والدهما صحبة والدتهما ذلك الرياض والمحل التجاري الخاص بالفخار حيث غابت هذه الفكرة وحضرت السخرية المتمركزة على إحدى شخصيات هذه السلسلة التي تجسد المرأة المسفيوية.
حتى التراث الفني لهذه المنطقة والموروث أبا عن جد المعروف بالعيطة لم يرق إلى ما كان متوقعا باستثناء الوصلات الموسيقية التي تظهر من حين لآخر بكل حلقة مما يجعل حضورها محتشما على الأقل إلى اليوم.
لقد نسي “الخاوة” أن عائلات المنطقة محافظة كأغلب الأسر المغربية . لكن ما تم ترويجه من مشاهد بحلقات هذه السلسلة بعيد كل البعد عن هذه الحقيقة .. فالعامل بالمحل التجاري أو بأي نوع من التجارة لا يمكنه الدخول إلى بيت صاحب العمل وإلى مرافقه خاصة المطبخ ومخاطبة نسائه بتلك السهولة وفي مواضيع محددة ومحرجة لشيء غريب عن هذه العائلات والأسر.
نعم إن مدينة آسفي ومنطقة عبدة، كما يشهد بذلك التاريخ والعديد من المؤرخين، هي مصدر العيطة التي لها ارتباط بتاريخ معين وحدث معين وأرض معينة وهناك أبحاث ومؤلفات لكبار المتتبعين لهذا الفن الرفيع وفي مقدمتهم الباحث في التراث الفني المغربي الأستاذ حسن نجمي، وهذا لا يعني أن كل رب أسرة في هذه المدينة أو المنتمي إليها يحمل (الطعريجة) كما وصف ” الخاوة” “المصطفى” حين أرغم كمال الكاظمي وهو “المصطفى” رب تلك العائلة وكبيرها عل حمل الطعريجة وختم آخر مشهد بإحدى حلقات سلسلة “الخاوة” .
حسب ردود الأفعال، كان ينتظر من خلال متابعة حلقات هذه السلسلة، اكتشاف حقائق ووقائع من تاريخ هذه المدينة لها علاقة بموضوع عنوان السلسلة وكان يتوقع أن يكشف العمل ما يميزها وما لم يستطع باحثا أو مؤرخا أن يكشفه لنا حتى وإن كان ذلك عن طريق مرور الكرام عوض الغوص في ما هو سلبي وإظهار ما يمكن أن يضحك به المشاهدين للرفع من منتوجه حتى وإن كان ذلك على حساب “المس” بكرامة الغير. صحيح لا يمكن نكران مجهودات المخرج في أكثر من عمل فني ولا يتم نكران أنه استطاع في وقت وجيز قطع أشواط ومسافات كبيرة في الإخراج، بل نجح وتفنن وبرع ، إلا أنه في سلسلة “الخاوة” تمت إساءة التقدير بتوظيف مواقف فكاهية على حساب “المس” بسمعة وكرامة فئة من نساء هذا البلد..


الكاتب : محمد تامر

  

بتاريخ : 03/06/2017