سيرة رجل سلطة : الحسن مختبر .. من لاعب كرة قدم إلى التنظيم السري المسلح 16 : يونس الفكيكي كان هو المسؤول عن تهريب الأسلحة وبعض رجال السلطة تعاونوا مع التنظيم السري المسلح

في سياق توثيق الذاكرة السياسية لمغرب الستينيات والسبعينيات، واحتفاء بالأسماء التي أدت ضريبة النضال من أجل التقدم والديمقراطية، نستعيد في هذه الصفحات مقاطع من سيرة المناضل مختبر الحسن، المحامي ورجل السلطة، الذي فرح بالحكم عليه بالمؤبد لأن قبله تناثرت أحكام الأعدام ونفذت بعد ذلك.
انطلاقا من مرحلة النشأة والتكوين بدرب الكبير بالدارالبيضاء، مرورا بالتحاقه بالدرس الجامعي، وتحديدا بخلايا الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم لاحقا بالعمل كقائد بمنطقة واد لاو بشمال المغرب، السيرة تبرز التفاصيل: لقاء الحسن الثاني- لقاء عمر دهكون – الفقيه البصري – اغتيال الجنرال أوفقير – زيارة الشهيد عمر بنجلون في السجن وبعد الطرد الملغوم، ويروي لنا قصة باخرة السلاح التي لم تتمكن من دخول بحر شمال المغرب لأسباب لوجيستية، وقائع الاعتقالات والمحاكمات، اغتيال الشهيد المهدي بنبركة، النقاشات داخل الحقل الطلابي وما ترتب عنه من جدل بين مكونات اليسار المغربي وتفاعلات الانقلاب العسكري وانتهاء باستراتيجية النضال الديمقراطي التي آمن بها أشد الإيمان ومازال لم يبدل تبديلا عنها داخل صفوف الاتحاد الاشتراكي بكل تواضع وإيمان … عضو نشيط في التنظيم السري المسلح، واضع خرائط قيادة ومحيطها بالجنوب… رجل يحب الفن والثقافة ولاعب كرة القدم الذي تغير مساره للكفاح المسلح..

 

 

–  حدثنا عن البعض المشاهد التي بقيت عالقة في ذهنك ؟

–  وقعت بعض الحكايات المضحكة في المعتقل، من بينها : بعد نزع ملابسي التي كنت قد اشتريتها من مدينة فينسيا بإيطاليا – المدينة التي أحببتها عن طريق الفنان الكبير محمد عبد الوهاب بأغنيته الجميل – « الجندول « . ويقول مطلعها : « أين من عينيّ هاتيك المجالي يا عروس البحر يا حلم الخيال/ أين عشّاقُكِ سُمّارُ الليالي أينَ من واديكِ يا مهدَ الخيالِ . موكبُ الغيدِ وعيدُ الكرنفالِ وسرى الجندول في عبر القنال / بين كأسٍ يتشهّى الكرمُ خمره وحبيبٍ يتمنى الكأسُ ثغره . التقت عيني به أول مرة فعرفت الحب من أول نظرة / أين من عينيّ هاتيك المجالي يا عروس البحر يا حلم الخيال…».من هناك، كما قلت، اقتنيت الملابس وكانت عبارة عن  (جاكيطة دان وحذاء طاليان مارو وسروال pattes d›éléphan)، علق أحد «الحجاج» لصاحبه، ( شوف أصاحبي كسوته تساوي تقريبا 5000 درهم وباغي يدير الثورة !) .

–  وكيف وجدت معنويات باقي المعتقلين ؟

–  في أحد الأماكن، تم بناء حمامات بالرشاشة بشكل عمودي، حيث تستحم واقفا وفوقك رشاشة وأمامك قطعة صابون، منعزلا لا تعرف من بجانبك، مكبل اليدين. كانت عملية الاستحمام تمر بشكل سريع ما بين المعتقلين، أحدهم كان من تنغير، جاء دوره للاستحمام فدخل ووقف تحت الرشاشة، ولما تأخر، ناداه «الحاج» ( وااا الصحراوي آش كدير)، فأجابه: ( أين الماء؟) فرد «الحاج» ساخرا منه: ( أنت ماعرفت حتى الماء فين كاين، عاد باغي دير الثورة )، هناك حكاية أخرى: بعد الاستحمام نادى أحد المعتقلين «الحاج» وقال له: « هذا السروال الذي أعطيتموني راه مفروق»، أي له رِجلان …. كانت بعض المواقف والحكايات تقع مرة مرة لتخرجنا من عزلتنا بالضحك جماعيا، وكان الجميع يضحك بمن فيهم «الحجاج» .o  من وجدت في معتقل درب مولاي الشريف ؟

-بدأت التعرف على المعتقلين، وكان من بينهم عمر بنجلون الذي كان يتواجد في ممر ( كولوار ) وكانوا يحملونه إلى البحر للتعذيب الوحشي، والأخ محمد اليازغي وكان لايزال يحمل آثار الطرد الملغوم، عبد العزيز بناني، إسماعيل المومني، محمد الحلوي، محمد كرم، عمر دهكون، با العبدي والجدايني من وجدة ولائحة طويلة من الاتحاديين .

– بدأوا في استنطاقك وتعذيبك.. ما هي نوعية الأسئلة التي كان يطرحها عليك «الحجاج» ؟

–  كان تعذيبي مركزا على معرفة أماكن تواجد الأسلحة  التي « كنت تتسلمها أنت وعمر دهكون من يونس الفكيكي « تعذيبي كله حول السلاح . لم أعترف .

–  من هو يونس الفكيكي ؟

– رجل فكيكي من نواحي الجهة الشرقية، مسؤول عن تهريب الأسلحة، كان لنا لقاء معه بالرباط وبالضبط في كدية بالقرب من حديقة الحيوان رافقت فيها بالسيارة عمر دهكون، وهو مزود الخلية السرية بالاسلحة .o  وهل كانت لكم علاقات سرية داخل جهاز الدولة ؟

–  ربطت علاقات مهنية وإنسانية متينة مع العديد من رجال السلطة، وجسست نبض من هم على استعداد للتعاون معنا وكشف معلومات سرية عن مخابئ الأسلحة، كان لي أصدقاء عمال عمالات على بعض الأقاليم والمدن يساعدوننا في إطار تزويدنا بالمعلومات،   هذه العلاقة السرية مع رجال السلطة لم يكن عمر دهكون يعلم بها، فكنت أتواصل بها مباشرة مع الفقيه البصري، كانوا تخرجوا معي من مدرسة الأطر ومنهم من ربطت معهم علاقات شخصية، وكانت لهم علاقة مباشرة بي، حيث كانوا يزودونني بالمعلومات.

 

 

 


الكاتب : مصطفى الإدريسي

  

بتاريخ : 24/05/2019

أخبار مرتبطة

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

: داخل مجتمع اللاتلامس، لم تعد نظرة العشق الأولى موضوع تبادل في الشارع، أو داخل حانة، أو في عربة من

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *