صراع بين المعارضة والموالاة حول عزل بوتفليقة بسبب المرض

تعالت الأصوات التي تنادي بإعلان شغور منصب الرئاسة في الجزائر بحجة مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مجدداً وأثارت جدلاً واسعاً في البلاد. وباتت أحزاب سياسية تطالب في الفترة الأخيرة بتطبيق المادة الـ 102 التي تجبرالبرلمان  بغرفتيه على الاجتماع وإثبات المانع لدى الرئيس عند استحالة أدائه لمهامه بسبب مرض خطير ومزمن، فيما دافع رئيسا البرلمان بغرفتيه عن شرعية الرئيس بوتفليقة الغائب عن المشهد السياسي منذ فترة، وشككا بنوايا المعارضة المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة. حيث اعتبر السعيد بوحجة رئيس المجلس الشعبي الوطني أن دعوات إجراء انتخابات رئاسية مبكرة تتجاوز الأخلاقيات السياسية وتتجاهل المنطق الدستوري على حد تعبيره. أما رئيس حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم فطالب من جهته السياسيين بعدم الاهتمام لوضع الرئيس لأنه بصحة عادية. وانتقل الجدل هذا الأسبوع أيضا إلى مؤسسة الجيش، حيث طالبتها أحزاب سياسية بالتدخل وإجبار المؤسسات على تطبيق المادة وعزل الرئيس. إلا أن ردها جاء سريعاً برفض مطلق، وأكد قائد الأركان أن الجيش مؤسسة جمهورية لن تحيد عن دورها الدستوري. من جهتهم، تواصل أحزاب معارضة وناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، منذ فترة، حملة مطالبة بتفعيل المادة 102، ودشنوا حملة للمطالبة بظهور الرئيس.
وتعيش الجزائر أوضاعا اقتصادية صعبة بفعل تراجع أسعار الغاز في السوق الدولية، وأضحت تعيش من الصناديق السيادية المخصصة للأجيال القادمة، ونتج عن هذا الوضع احتقان اجتماعي وانتفاضات في عدد من المناطق بالإضافة إلى انتشار الإرهاب وحدوث مواجهات والإعلان في العديد من المرات عن مواجهات مسلحة وضبط كميات كبيرة من الاسلحة. وسياسيا تعيش البلاد حالة ارتباك كبيرة، بعد إقالة رئيس الحكومة ثلاثة أشهر بعد تعيينه، حيث أقيل تبون وجيئي باويحي ، وحسب وسائل إعلام محلية فإن تبون اتخذ تدابير أغضبت رجال الأعمال الذين يحظى بعضهم بصلات مع السلطة. وقال مراقبون إن تبون دفع ثمن نيته المعلنة بمهاجمة هذا الارتباط بين بعض رجال الأعمال وكبار السياسيين. وكان وعد أثناء تقديم برنامجه بـ «الفصل بين المال والسلطة» قائلا إن «الدولة هي الدولة والمال هو المال». ينطلق هذا التحليل من فرضية أساسية فحواها أنّ اشتداد مرض الرئيس فتح النقاش سياسيًا واجتماعيًا وعجلّه حول مرحلة ما بعد بوتفليقة، ومن ثمّ اعتبار ترشحه لعهدة رابعة مسألة تجاوزها الزمن.. وتوحي العديد من المؤشرات بأنّ مصير بوتفليقة قد حُسم، وأنّ حقبته توشك على النهاية. ومع التراجع الصحي الأخير للرئيس وغيابه عن البلاد وابتعاده عن ممارسة مهماته الرئاسية منذ شهر ونصف الشهر تقريبًا، ارتفعت أصوات بعض الأحزاب (مجموعة الـ 14 المناوئة للعهدة الرابعة) داعية إلى ضرورة العمل بالمادة 88 من الدستور الجزائري المتعلقة بأنّه في حال استحالة ممارسة الرئيس مهماته بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع البرلمان للتصريح بثبوت المانع، وفي حال استمرار المانع لمدة 45 يومًا يستقيل الرئيس، ويتولى رئيس الغرفة العليا للبرلمان مهام الرئيس لمدة 60 يومًا تنظم خلالها انتخابات رئاسية. وهي محاولة لإبعاد بوتفليقة نهائيًا بطريقة دستورية، ومن ثمّ، قطع الطريق على إمكانية بقائه في السلطة مدى الحياة – دستوريًا – إن هو تعافى.
إنّ مجموعة الـ 14 المعارضة ليست ذات وزن انتخابي مهم، وهي إذ تطالب بتفعيل المادة 88 من الدستور تراهن على عدم قدرة بوتفليقة صحيًا على تولي مهماته كرئيس بشكل نهائي، ومن ثمّ، تمهّد لانتخابات رئاسية مبكرة. وهناك اتصالات جارية بين مختلف الأحزاب، وليس من المستبعد أن تنضم حركة مجتمع السلم (حمس) الإسلامية – التي كانت عضوًا في الائتلاف الحكومي السابق قبل أن تعود إلى المعارضة منذ فترة وجيزة – إلى تلك المجموعة. إنّ جميع المؤشرات والنقاش السياسي هي بوادر نهاية حقبة وبداية أخرى.


الكاتب : محمد الطالبي

  

بتاريخ : 07/09/2017