عقارات القدس تفجر «معركة حامية» بين السلطة والاحتلال

ارتفع عدد البؤر الاستيطانية داخل البلدة القديمة بمدينة القدس المحتلة إلى 74 بؤرة، تقابلها سبعون بؤرة في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى؛ مما أثار غضبا شعبيا في صفوف المقدسيين الذين قوبلت مساعيهم لوقف عمليات التسريب بالملاحقة
من قبل الاحتلال.
وأحكمت سلطات الاحتلال قبضتها على كل من يقف في طريق هذه الصفقات التي تتم بطرق ملتوية، لتعتقل مسؤولين فلسطينيين بارزين، كان من بينهم رئيس المخابرات الفلسطينية في القدس وضواحيها جهاد الفقيه، ومحافظ المدينة عدنان غيث، اللذان أفرج عنهما بشروط.

 

تحدث موقع إسرائيلي الأحد، عما أسماه «الحرب الخفية» التي تدور في مدينة القدس المحتلة وتحديدا في الجزء الشرقي منها، بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، على خلفية ملكية العقارات والأراضي في المدينة المحتلة.
وقال موقع «i24» الإسرائيلي، إن «معركة حامية تدور في الآونة الأخيرة، بين السلطة الفلسطينية وبين إسرائيل حول بيع العقارات في القدس»، لافتا إلى أن «المعركة اندلعت قبل عدة أشهر حين قررت السلطة شن حملة لمنع أي فلسطيني من أهالي القدس من بيع أراض لليهود أو لجمعيات استيطانية».
وأشار الموقع إلى أن «الفلسطينيين ينظرون لكل من يبيع عقاره في القدس لجهات يهودية، على أنه خائن لوطنه وأنه يجب أن يخضع للتحقيقات من قبل السلطة الفلسطينية»، مضيفا أن «من يدير هذه التحقيقات مسؤولون رفيعو المستوى في السلطة بالتعاون مع أجهزة الأمن الفلسطينية، بل وفي حالات كثيرة فإنها تنشط هذه التحقيقات داخل القدس في الجزء الشرقي منها».
وذكر الموقع أن «هذه التحقيقات تعتبر في نظر السلطات الإسرائيلية مخالفة للقانون الإسرائيلي، نظرا لاعتبار هذه المنطقة من القدس تحت السيادة الإسرائيلية بحسب قانون توحيد القدس عاصمة لإسرائيل الصادر في مطلع الثمانينيات».

تسريب عقارات لليهود

وفي السياق ذاته، أجريت في الشهر الماضي لقاءات بين عشائر فلسطينية كبيرة في محيط القدس ومن قرى مختلفة، من أجل التداول حول طرق التصدي لظاهرة تسريب الأراضي لليهود، من خلال «بيع خفي، ومن ثم تتم سيطرة اليهود على العقار بدعم الجيش الإسرائيلي».
ونوه الموقع الإسرائيلي إلى أن مطلع شهر أكتوبر الماضي، «شهد تصعيدا ملحوظا، حينما اعتقلت المخابرات الفلسطينية عصام عقل، وهو من سكان شرق القدس ويحمل بطاقة إقامة إسرائيلية».
وأوضح أنه «كانت تحوم شبهات حول عقل بقيامه بتسريب عقار مقدسي لليهود في عقبة درويش بحارة السعدية في البلدة القديمة بالقدس، وذلك عقب إخلاله بتعد وقع عليه عند شراء العقار بعدم التصرف به لليهود»، وفق ما ورد في بيان لوزارة شؤون القدس التابعة للسلطة.
وأفاد الموقع بأن «القوات الخاصة الإسرائيلية أوقفت بعد ذلك بأسبوع عدنان غيث، محافظ القدس لدى السلطة الفلسطينية، وفي الوقت ذاته اعتقلت سلطات الاحتلال جهاد فقيه، الضابط الفلسطيني المسؤول عن محافظة القدس من جانب المخابرات الفلسطينية».
واعتبر الموقع أن «هذه الاعتقالات خارجة عن المألوف»، لافتا إلى أنه «تم إخلاء سبيل الاثنين بعد عدة أيام، بينما بقي عصام عقل في السجن الفلسطيني برام الله».
وأعادت سلطات الاحتلال الخميس الماضي، اعتقال غيث لعدة ساعات وحققت معه ثم أفرجت عنه، وداهمت قوات الاحتلال، اجتماعا نظمته السلطة في ناد يقع في حي باب العامود في القدس الشرقية.

اتهامات بالتقصير

وتتهم شخصيات مقدسية مسؤولين فلسطينيين متنفذين في السلطة، بالتقصير في محاربة ظاهرة تسريب العقارات في القدس، وربما بالضلوع بشكل مباشر في تلك الصفقات المشبوهة، والوقوف خلف العديد من التسريبات التي جرت في القدس، وكان آخرها تسريب عقار «عقبة درويش» القريب جدا من المسجد الأقصى المبارك.
ارتفع عدد البؤر الاستيطانية داخل البلدة القديمة بمدينة القدس المحتلة إلى 74 بؤرة، تقابلها سبعون بؤرة في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى؛ مما أثار غضبا شعبيا في صفوف المقدسيين الذين قوبلت مساعيهم لوقف عمليات التسريب بالملاحقة من قبل الاحتلال.
وأحكمت سلطات الاحتلال قبضتها على كل من يقف في طريق هذه الصفقات التي تتم بطرق ملتوية، لتعتقل مسؤولين فلسطينيين بارزين، كان من بينهم رئيس المخابرات الفلسطينية في القدس وضواحيها جهاد الفقيه، ومحافظ المدينة عدنان غيث، اللذان أفرج عنهما بشروط.
اعتقال الفقيه وغيث جاء عقب احتجاز جهاز المخابرات الفلسطينية مواطنا فلسطينيا يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والأمريكية والتحقيق معه لثلاثة أيام، بعد أنباء وردت عن تورطه في بيع حصص يملكها في عقار فلسطيني داخل البلدة القديمة.

عقارات عربية وإسلامية

وسبق اعتقال كل من محافظ القدس ورئيس المخابرات بالقدس، اعتقال كل من الناشط المقدسي فادي مطور والمواطن كمال أبو قويدر والشيخ عبد الله علقم، وكان للأخيرين دور بارز في محاولة كشف حقيقة تسريب أحد العقارات في البلدة القديمة بالمدينة المحتلة.
وأطلقت سلطات الاحتلال سراحهم جميعا بشروط، منها: عدم التحدث للإعلام حول عمليات البيع والتسريب، وعدم التعرض لأي من المتورطين أو كشف أسمائهم التي باتت معروفة للشارع المقدسي، وهي الأسباب ذاتها التي اعتقلوا بسببها.
واتخذت الملاحقة شكلا آخر، عندما حاصرت قوات كبيرة من عناصر جيش وشرطة الاحتلال مقر محافظة القدس في بلدة الرام، وطلبت البطاقات الشخصية لعدد من الموظفين الذي بدورهم رفضوا تسليمها قبل أن تنسحب القوات من الموقع.

فتنة شعبية

ويعتبر المحلل السياسي راسم عبيدات أن هذه الملاحقة تندرج تحت إطار مساومة الاحتلال للسلطة الفلسطينية وإيصال رسالة أمنية وسياسية، مفادها أنه لا سيادة لكم في القدس التي يعتبرها الاحتلال خارج المفاوضات إن عادوا واجتمعوا على طاولتها.
ويرى عبيدات أن الاحتلال يسعى من خلال الملاحقة إلى ترهيب الفلسطينيين ليصلوا إلى مرحلة يشرعوا فيها البيع، خاصة بعد خلقه الفتن الداخلية وإحداث حالة من الفوضى داخل المجتمع المقدسي.
وتستولي الجمعيات الاستيطانية بمساندة أذرع الاحتلال المختلفة على عقارات الفلسطينيين في مدينة القدس؛ إما بحجة أنها تندرج ضمن أملاك الغائبين، أو بحجة أنها في الأصل مملوكة لليهود الذين سكنوا القدس قبل قيام دولة إسرائيل، أو عن طريق صفقات بيع بأموال طائلة.

صفقات تسريب

وصرح مؤخرا رئيس الصندوق اليهودي في بلدية الاحتلال بالقدس آريه كينغ بأنه سيتم قريبا الإعلان عن صفقات شراء لعقارات جديدة في المدينة المحتلة، وذلك بعد الانتهاء من الإجراءات القانونية بحقها.
ويوصف كينغ بأنه عراب الاستيطان بالمدينة المحتلة، وينشط في العمل مع جمعيتي «العاد» و»عطيرت كوهنيم» اللتين تتقاسمان العقارات المسربة بينهما، وتخصص رواتب شهرية للمستوطنين؛ في محاولة لإقناعهم بالسكن في هذه العقارات.
وشهد الشهر الحالي استيلاء جمعية العاد الاستيطانية على عقار مكون من شقتين سكنيتين وأرض بمساحة ألف متر مربع تقريبا، كانت تقطنه عائلة «مسودة» الفلسطينية، التي كانت تستأجره منذ نحو ثلاثين عاما من عائلة «فتيحة» التي يرجح أنها سربته للمستوطنين.
ومن سلوان إلى البلدة القديمة، وبعد أقل من 24 ساعة، وفي الرابع من الشهر الجاري، دخلت عناصر من جمعية «عطيرت كوهنيم» الاستيطانية عقار آل جودة الحسيني، الواقع في عقبة درويش، والمطل على المسجد الأقصى الذي لا يبعد عنه سوى عشرات الأمتار.

الأكثر صدمة

ولعل صفقة التسريب هذه كانت الأكثر صدمة للشارع المقدسي، الذي تحرك بشكل أكبر من أي وقت مضى ضد المسربين، لا سيما أنه العقار الأول الذي يسرب في ذلك الزقاق.
ويبدو أن عقار آل جودة الحسيني لن يبقى العقار الوحيد المسرب في عقبة درويش، حيث تتوالى الأنباء عن تسريب عقار ثان تتقاسم ملكيته عائلات فلسطينية هي الحلبي والعلمي واشتية، إحداها باعت حصتها لمواطن فلسطيني يشتبه في أنه سرب ما اشتراه للمستوطنين، وعلى أثر ذلك تم اعتقاله من قبل السلطة الفلسطينية.
ارتفاع وتيرة التسريب يقابلها ارتفاع في حجم التصدي من قبل المقدسيين، الذين يحققون في كل شبهة تسريب محتملة، وكان آخرها عقار في حي «راس العامود» تعود ملكيته لعائلة أبو صبيح، التي نفت بدورها وبشكل قطعي عملية البيع التي يبدو أنها وإن نفذت فذلك عن طريق التزوير.


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 07/11/2018

أخبار مرتبطة

مجلس الأمن: خطوة مهمة نحو وقف إطلاق النار في غزة   أكدت البعثة الدائمة للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة بنيويورك،

كان لا يزال في السجن قبل عشرة أيام فقط     إلى حدود منتصف نهار أمس الاثنين، سجل المرشح المعارض

  في أعقاب فشل المفاوضات، خلال الأسبوع الماضي، بين أعضاء المجلس العسكري في النيجر وكبار المسؤولين الدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين، أعلن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *